قمة واجتماعات وزارية حول غزة.. هل كانت النتائج وفق المأمول؟

كمال السلامي - الخليج أونلاين

حراك نشط على المستوى العربي والإقليمي والإسلامي، انعكس على شكل قمم واجتماعات وزارية، لبحث التطورات التي فرضتها عملية 'طوفان الأقصى'، وما تلاها من عدوان إسرائيلي استهدف غزة وأودى بحياة الآلاف.

آخر تلك القمم والاجتماعات كانت 'قمة القاهرة للسلام'، (21 أكتوبر 2023)، بحضور قادة وزعماء عدد من دول العالم، وأولها كان اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم 11 أكتوبر، وبينهما كان هناك اجتماع المجلس الوزاري الخليجي في مسقط (17 أكتوبر)، والاجتماع الطارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي يوم 18 أكتوبر في جدة.

وفي مقابل الدعم الغربي اللامحدود لـ'إسرائيل'، لا يزال الموقف العربي والإسلامي دون المستوى المأمول، بل لم ينجح في إيجاد ممرات دائمة لنقل المساعدات لسكان غزة المحاصرين، فضلاً عن وقف العدوان على القطاع.

قمة القاهرة

تحت شعار 'قمة القاهرة للسلام'، استضافت العاصمة المصرية، السبت، لقاء على مستوى القادة وكبار المسؤولين، من أكثر من 31 دولة، من بينها مصر، والسعودية، وقطر، وتركيا، واليونان، وفلسطين، والإمارات، والكويت، والعراق، والبحرين، وإيطاليا، وألمانيا، وغيرها، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وثلاث منظمات دولية أخرى.

القمة، التي دعت لها مصر لبحث التطورات في قطاع غزة والأراضي المحتلة، عُقدت بعد مرور 15 يوماً على العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو العدوان الذي سوى أحياء كاملة بالأرض، وأودى بحياة نحو 5000 شهيد، غالبيتهم من النساء والأطفال.

ووفقاً لتقارير إعلامية متطابقة، فقد تعذر إصدار بيان ختامي عن 'قمة القاهرة للسلام'، بسبب الخلافات بين المجموعة العربية وممثلي الدول الغربية المشاركين في القمة.

وبحسب تلك التقارير فإن ممثلي دول غربية أصروا على أن يتضمن البيان الختامي للقمة إدانة حركة 'حماس' فقط، ورفضوا إدانة 'إسرائيل' لقتلها آلاف المدنيين في غزة، أو المطالبة بوقف عاجل لإطلاق النار، ودخول المساعدات إلى غزة.

مصر وفي أعقاب انفضاض القمة، خرجت ببيان، حول وجهة نظرها تجاه الأحداث، قالت فيه إنها كانت تسعى من وراء هذه القمة إلى بناء توافق دولي عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السياسية، كما أنها كانت تتطلع إلى إطلاق نداء عالمي للسلام، للخروج من الأزمة الراهنة.

وانتقد البيان الصادر عن الرئاسة المصرية القصور الجسيم في المشهد الدولي تجاه قضية فلسطين، مؤكداً أن مصر لن تقبل أبداً بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول المنطقة'.

واكتفى القادة والمسؤولون العرب، في كلماتهم خلال 'قمة القاهرة للسلام'، بتكرار نفس محتوى البيانات والتصريحات السابقة التي صدرت عن قيادات تلك الدول وبيانات وزاراتها المعنية، في مقابل استمرار الدعم الغربي الأمريكي غير المحدود لـ'إسرائيل'.

اجتماع طارئ للتعاون الإسلامي

في 18 أكتوبر الجاري، احتضنت جدة السعودية أعمال الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، لمناقشة التطورات الأخيرة بقطاع غزة.

ودعا وزراء خارجية 'التعاون الاسلامي' إلى 'الوقف الفوري للعدوان الهمجي لقوات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والرفع الفوري للحصار المفروض على القطاع'.

واستنكرت المنظمة 'ما يتعرض له المدنيون في قطاع غزة وعموم الأرض الفلسطينية المحتلة من عدوان غير مسبوق؛ من القتل والقصف وتدمير البنى التحتية المتعمد، وتهديده بارتكاب الفظائع وبالإبادة الجماعية بحقه'، مطالبة بسرعة إغاثة سكان غزة.

وشددت على الرفض المطلق لاستهداف المدنيين تحت أي ذريعة كانت أو تهجيرهم من منازلهم، أو تجويعهم وتعطيشهم وحرمانهم من النفاذ الآمن للمساعدات الإنسانية، بما يتعارض مع كافة الأعراف والقوانين الدولية، ومع أبسط المبادئ والقيم الإنسانية، وفق البيان الصادر في ختام القمة.

اجتماع مسقط

ويوم 17 أكتوبر، عُقد في مسقط اجتماع المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في دورته الاستثنائية الثالثة والأربعين، وفيه طالبوا بوقف إطلاق النار، وإنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، ورفع الحصار.

المجلس الوزاري الخليجي جدد التأكيد على دعم ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه، محذراً في الوقت ذاته من أي محاولات لتهجير سكان قطاع غزة، داعياً إلى حماية المدنيين والامتناع عن استهدافهم.

كما أعلن وزراء خارجية دول مجلس التعاون، تفعيل عملية إغاثة إنسانية عاجلة لمساعدة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتقديم دعم فوري للمساعدات الإنسانية والإغاثية بقيمة 100 مليون دولار.

وشدد المجلس الوزاري الخليجي على التزامه بموقفه الثابت والداعي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية، كما أكد على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

الجامعة العربية

وزراء خارجية الدول العربية، وفي اجتماعهم الذي عقد في القاهرة، 11 أكتوبر الجاري، أدانوا الحصار الذي تفرضه 'إسرائيل' على قطاع غزة، وكذلك قتل المدنيين من 'الجانبين'.

وأكد وزراء خارجية العرب ضرورة 'رفع الحصار عن قطاع غزة، والسماح بشكل فوري بإدخال المساعدات الإنسانية والغذاء والوقود إليه، بما في ذلك من خلال منظمات الأمم المتحدة'.

بدوره قال أمين عام الجامعة العربية، أحمد أبو الغيط: إن 'هناك احتمالات جادة لانفلات الأوضاع واتساع نطاق المواجهات، معرباً عن تضامن الجامعة العربية مع الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين يتعرضون لمجزرة يتعين إيقافها فوراً.

كما دعا أبو الغيط إلى 'وقف فوري لإطلاق النار وإلى وقف هذا التصعيد الخطير، حتى لا ننزلق إلى ما هو أشد خطورة، وبما يُعرض استقرار المنطقة بأسرها إلى تهديد جسيم'، مضيفاً أن التصعيد الجاري سببه 'إنكار الحقوق الفلسطينية'.

دعم غربي غير مسبوق

وحتى اللحظة، لا يبدو للتحركات العربية ولا للقمم والاجتماعات أي أثر مهم على الأرض، باستثناء النجاح البسيط في فتح معبر رفح لدخول بعض الشحنات الإغاثية للقطاع، بالتنسيق مع الجانب الأمريكي، وذلك في أعقاب الإفراج عن رهينتين أمريكيتين بوساطة قطرية.

وفي المقابل، لم تأل الولايات المتحدة جهداً في تقديم المساعدة لحكومة 'إسرائيل'، ومنذ اللحظة الأولى أعلنت إدارة بايدن رفع مستوى الدعم العسكري لـ'تل أبيب' لضمان تفوقها ودفاعها عن نفسها.

وفعلاً وصلت طائرات عسكرية أمريكية إلى 'إسرائيل' تحمل ما لا يقل عن 1000 طن من العتاد والسلاح والمساعدات العسكرية، كما طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن من الكونغرس الموافقة على حزمة مساعدات بقيمة 14 ملياراً مخصصة لـ'إسرائيل'، فضلاً عن إرسال حاملة طائرات إلى قبالة الأراضي المحتلة، واستنفار الجيش الأمريكي قواعده وقواته في المنطقة لإسناد 'إسرائيل'، وكذلك فعلت بريطانيا ودول أخرى.

كما لم تتوقف الدبلوماسية الأمريكية التي يقوم بها الرئيس بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، في السعي لحشد الدعم لـ'إسرائيل'، ومساندتها سياسياً وتبني روايتها، ومحاولة فرضها على القادة والزعماء والحكومات العربية.

وبينما وصل بايدن إلى 'تل أبيب' لإبداء الدعم لها ولحكومة نتنياهو المترهلة، كان بلينكن يجول في عواصم السعودية وقطر والإمارات ومصر والأردن والبحرين، لانتزاع موقف مناهض للمقاومة الفلسطينية، ومتعاطف مع 'إسرائيل'، ولكن الإدارة الأمريكية حتى اللحظة لم تنتزع مثل هذا الموقف.

حفلة خطابات

ويبدو أن القمم والاجتماعات العربية والإسلامية في هذه المرحلة تختلف كثيراً عن سابقاتها، ووفقاً للكاتب المصري ياسر عبد العزيز، فإن تلك الاجتماعات، سواء على مستوى وزراء خارجية الدول العربية، أو الإسلامية، أو على مستوى وزراء خارجية مجلس التعاون، وقمة السلام الأخيرة في القاهرة، لم تكن عند المستوى المأمول لدى الشعوب.

وأضاف، في تصريح لـ'الخليج أونلاين': إن تلك الاجتماعات والقمم، كانت جهداً مقبولاً، مدفوعاً بالضغط الشعبي، في البلدان العربية والإسلامية، مضيفاً: 'الخروج غير المتوقع للشعوب في البلدان العربية والإسلامية كان له دور في الضغط لعقد تلك الاجتماعات المحمودة، لكنها بشكل أو بآخر لم ترق لما تتمناه أو تنتظره الشعوب، خصوصاً الشعب الفلسطيني وأهالي غزة'.

وقال: 'لم تخرج المؤتمرات على المستوى الوزاري، أو على مستوى القمة، عن إطار حفلات الخطابة، التي اعتدنا عليها طيلة السنين الماضية'.

وأضاف: 'الشعوب كانت تنتظر من القيادات أن تتحرك تحركاً حقيقياً لإنقاذ المدنيين الذي وصل عددهم حتى اللحظة إلى أكثر من 20 ألف شهيد وجريح حتى اليوم'.

وأشار إلى أن الشعوب كانت تنتظر حراكاً حقيقياً، لكن الوضع العربي والإسلامي، لا يرقى بشكل من الأشكال إلى ما تطمح إليه الشعوب، لأسباب عدة، أولاً التحول الإقليمي والدولي الكبير خلال السنوات الماضية، وأيضاً حالة التطبيع التي دخلت فيها المنطقة مؤخراً.

وقال: 'قمة القاهرة للسلام، كانت نموذجاً لحالة الضعف والهوان التي تعيشها الدول العربية والإسلامية، حيث إن تلك الدول فشلت في إصدار بيان باسم القمة'، لافتاً إلى أن الدور بعد غزة قادم على الجميع، وخصوصاً مصر والأردن وسوريا، وما بعدها.