تقاوم الأزمات العالمية.. هكذا تحافظ البنوك الخليجية على قوتها

كامل جميل - الخليج أونلاين

ما وضع بنوك الخليج في 2022؟

ما الأرباح التي حققتها بنوك الخليج مؤخراً؟

ارتفع صافي أرباحها إلى 10.9 مليارات دولار، في الربع الأول من العام 2022.

ما أبرز أسباب قوة بنوك الخليج؟

في الوقت الذي تواجه فيه بنوك عديدة حول العالم مخاطر متتالية نتيجة الاضطرابات العالمية التي تسلسلت منذ انتشار فيروس كورونا المستجد في 2020، وآثار تداعياته وصولاً إلى تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، تسجل البنوك الخليجية أداءً جيداً يبحر بها بعيداً عن تيارات الخطر.

فوفق تقرير لمجلة 'ميد' البريطانية، نشر مؤخراً، فإن البنوك الخليجية في عام 2022 تبدو في وضع أفضل بوجه الاضطرابات العالمية، مؤكداً أن وضع السيولة بالقطاع المصرفي لدول مجلس التعاون الخليجي ما يزال قوياً.

وأضاف التقرير: 'لمْ تتغير أسعار الفائدة ومعدلات القروض المحلية بشكل ملحوظ، على الرغم من التحولات في أسعار سياسة البنوك المركزية'.

وأوضح أن مستويات الثقة عادت إلى دول مجلس التعاون، ويعكس هذا ارتفاع أسعار النفط وتأثير زيادة الإنفاق الحكومي، 'حيث إن هذا الانتعاش يُترجم إلى نمو ائتماني أعلى'.

ووفقاً للمجلة، ارتفع نشاط الإقراض في الربع الأول من عام 2022، إذ بلغ إجمالي القروض الإجمالية في دول مجلس التعاون الخليجي 1.8 تريليون دولار، بزيادةٍ قدرها 10.1% على أساس سنوي.

قوة البنوك الخليجية

الأرباح التي تواصل البنوك الخليجية تحقيقها تؤكد قوة هذه البنوك، فحسب ما أوردته مؤسسة 'كامكو إنفست' الاستثمارية الكويتية في يونيو الماضي، ارتفع صافي ربح قطاع البنوك الخليجية إلى 10.9 مليارات دولار، في الربع الأول من العام 2022، مقابل 8.4 مليارات دولار في الربع المماثل من العام 2021.

وقال التقرير  إن النمو في قطاع البنوك الخليجية جاء مدفوعاً بالأداء القوي في قطر والسعودية، فيما لم يذكر قيمة الأرباح الربعية للبنوك بدول الخليج بشكل مفصل.

وذكر أن نمو قطاع البنوك جاء بدعم من الانتعاش الاقتصادي القوي وتزايد الطلب بعد جائحة كورونا.

كما ساهمت زيادة أسعار النفط منذ بداية العام، في تعزيز معدلات النمو وثقة الأعمال، وعززت الحكومات بأنحاء المنطقة كافةً خطط الاستثمار الاقتصادي بدعم من تزايد العائدات النفطية، وفق التقرير.

قوة بنوك الخليج

المحلل الاقتصادي د. محمد موسى، يقول في حديث لـ'الخليج أونلاين'، إن بنوك الخليج تتمتع بجملة مكونات تجعلها 'محصنة أمام الأزمات'.

وأشار إلى أن هذه المكونات تبدأ مع 'السمعة الممتازة' لمعظم دول الخليج العربي، وثانيها السيولة العالية والمتوافرة والمرتبطة بالتصنيفات الائتمانية السيادية العالية لهذه الدول.

كذلك فإن سياسات البنوك المركزية التي عملت على التعاطي مع الأزمات 'بحكمة بالغة'، لا سيما سياسات التحفيز في أثناء فترة كورونا، أحد أبرز هذه المكونات، إضافة إلى السياسات الاقتصادية المتكاملة، مع العمل الدؤوب لتحفيز نسب النمو الاقتصادي، بحسب موسى.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن ارتفاع أسعار الغاز والنفط 'لعب دوراً أساسياً في تعزيز المالية العامة لكل دول الخليج؛ مما راكم أرقاماً هائلة ساهمت بإنعاش هذه الاقتصادات'.

وعاملٌ آخر يتحدث عنه موسى وصفه بـ'العامل الحاسم' في جعل البنوك الخليجية محصنة؛ وهو 'الأمن والأمان الذي جعل عدة اقتصادات خليجية تستفيد من مناخ الأزمات الكبرى، لا سيما الحرب الروسية الأوكرانية'.

خطر التضخم

أحد المخاطر التي نتجت عن فيروس كورونا التضخم الكبير الذي ضرب العالم، لكن دول الخليج وفقاً لوكالة 'فيتش' للتصنيف الائتماني، ستكون الأقل تأثراً بموجة التضخم.

الوكالة ذكرت بتقرير لها نشر في مايو الماضي، أنّ ضعف التأثر الخليجي بالتضخم يعود لربط عملاتها بالدولار الذي كان يرتفع في الفترة السابقة، لكن التقرير أوضح أن أحد أسباب التضخم في بعض دول الخليج هو زيادة الضريبة على القيمة المضافة فيها.

التقرير أكد أنه لا يتوقع تدهوراً كبيراً في جودة أصول البنوك الخليجية، مع انتهاء اختبارات الضغط فيها، مرجحاً أن يكون التضخم منخفضاً نسبياً في دول الخليج.

وسبق أن توقعت وكالة 'ستاندرد آند بورز' للتصنيفات الائتمانية، أن تحقق البنوك الخليجية انتعاشاً في العام الجاري (2022)، بفضل التحسن الاقتصادي الإقليمي ووسط ارتفاع أسعار النفط واستمرار الإنفاق الحكومي.

الخليج والركود

يمثل الركود خطراً على الاقتصاد العالمي، ولعل من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي ارتفاع أسعار الطاقة بشكل شبه مضاعف؛ خصوصاً مع الحرب الروسية الأوكرانية، بما يؤثر على النمو الاقتصادي ويجر خلفه ارتفاعات في أسعار الغذاء والنقل والمواد الخام والمواد الأخرى.

وعلى الرغم من أن دول الخليج قد تواجه أزمة من نوع آخر؛ وهي ارتفاع سلاسل التوريد وزيادة التضخم، فإنها ما تزال مستفيدة من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

وكانت توقعات صندوق النقد للعام الجاري أكثر تفاؤلاً لدول الخليج، وقد تزامنت مع توقعات باستمرار ارتفاع الصادرات، حيث يبلغ النمو المتوقع لثلاث دول خليجية 4٪ أو أكثر.

وتصدرت المملكة العربية السعودية نمواً متوقعاً بنسبة 4.8٪، مقابل 4.3٪ للكويت، و4٪ لقطر.

وكالة 'موديز' لخدمة المستثمرين ترى أن اقتصادات دول الخليج تحقق نمواً متصاعداً، من جراء ارتفاع أسعار النفط والتعافي من 'كورونا'.

وعليه عدّلت الوكالة نظرتها المستقبلية للبنوك الخليجية من 'سلبية' إلى 'مستقرة'، في أبريل الماضي؛ على أثر تحسن الظروف التشغيلية بعد جائحة كورونا.

مستقبل بنوك الخليج

لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه أوضاع البنوك الخليجية في حال استمرت الأزمات العالمية التي تؤثر على الاقتصادات مثلما جرى في تداعيات 'كوفيد 19' والحرب الروسية الأوكرانية، بحسب ما يذهب إليه المحلل الاقتصادي محمد موسى.

ووفق رأيه فإنه 'في زمن الضبابية العالمية يصعب التنبؤ بالقادم، في ظل تعقّد بعض ملفات المنطقة، لا سيما الملف العراقي وملف النووي الإيراني'.

ويستدرك موسى قائلاً: 'لكن من المؤكد أن الإبقاء على السياسات المتكاملة والمتوازنة بين القدرة المالية وتعزيز الاستقرار يدعم كل الاقتصادات الخليجية، لا بل قد يكون عامل جذب في ظل التحولات القائمة بالنظام العالمي الحالي'.

وتابع: 'لا بد من الإشارة إلى أن السياسات العامة لكل دول الخليج تعمل على انتهاج سياسة صفر مشاكل مع الإقليم والعالم، وهذا يدعم الاقتصادات الخليجية ويحصنها أكثر في الأيام القادمة'.