كيف تطور مسار "الاقتصاد والاستثمار" بين عُمان وتركيا؟

مسقط - الخليج أونلاين

كم يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين؟

بلغ نحو ملياري دولار في 2022.

ما أبرز الاستثمارات بين الجانبين؟

إنشاء منطقة صناعية تركية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

ما حجم الصادرات والواردات بين مسقط وأنقرة؟

الواردات العُمانية من تركيا بلغت 1.58 مليار دولار أمريكي، وإجمالي الصادرات العُمانية إلى تركيا 465 مليون دولار أمريكي.

تطورت العلاقات التركية العُمانية، خلال الآونة الأخيرة، معتمدة على سنوات طويلة من الصداقة والتعاون المشترك بعديد من المجالات والملفات والقضايا.

ويظهر أن الاقتصاد باب مهم يدخل منه جميع الساعين لتحسين العلاقات إلى درجات أكبر، في ظل سعي مسقط لتحقيق رؤية 2040 الاستراتيجية، التي تحتاج عبرها شراكاتٍ متنوعة مع عديد من الدول في المنطقة وخارجها على السواء.

كما شهدت العلاقات تقارباً لافتاً، خلال السنوات الست الماضية، من كافة النواحي؛ أبرزها الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، خصوصاً أن الحكومة العُمانية تسعى لتقليل اعتمادها على عوائد النفط والطاقة، باحثةً -أسوة بدول خليجية أخرى- عن موارد أخرى لتنويع اقتصادها.

تعاون اقتصادي

السفير التركي لدى سلطنة عُمان محمد حكيم أوغلو، كشف عن أن حجم التبادل التجاري بين السلطنة وبلاده يشهد نمواً وزيادة مستمرة منذ عام 2017، حيث بلغ نحو ملياري دولار خلال 2022.

وأوضح حكيم أوغلو، في تصريح وكالة الأنباء العُمانية، السبت 22 يوليو 2023، أن إجمالي الواردات العُمانية من تركيا بلغت 1.58 مليار دولار أمريكي، وإجمالي الصادرات العُمانية إلى تركيا 465 مليون دولار أمريكي.

وذكر أن التعاون بين البلدين، خلال السنوات العشر الماضية، زاد زيادة كبيرة على أساس المصالح المشتركة في مختلف المجالات.

كما كشف أيضاً عن أنه يجري العمل على إنشاء منطقة صناعية تركية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ما سيوفر الإنتاج والتوظيف والدخل والتصدير لاقتصاد كلا البلدين، وسيكون لها أثر كبير في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.

وشدد السفير التركي في مسقط على أن بلاده مهتمة بالاستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، خاصة مع البيئة الاستثمارية المحفزة التي وفرتها سلطنة عُمان؛ وذلك بإعطاء الأولوية لتطوير الأنشطة التجارية والصناعية غير النفطية، إضافة إلى عديد من الموانئ العُمانية التي تتميز بمواقعها المختلفة والمفتوحة مع دول مجلس التعاون لدول الخليج، وقربها من أسواق جنوب آسيا وشرق أفريقيا.

والعام الماضي، قال رئيس فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار حسين البطحري، إن التبادل التجاري بين البلدين شهد ازدهاراً كبيراً وواضحاً، مسجلاً زيادة بنسبة 55%، خلال العامين الماضيين.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أجرى، في الفترة بين 17 و20 يوليو الجاري، جولة خليجية شملت السعودية وقطر والإمارات.

والجمعة 21 يوليو، أعرب أردوغان عن تفاؤله بحصول تحسن في اقتصاد بلاده جراء اتفاقيات التعاون التي أبرمتها أنقرة مع دول الخليج خلال جولته.

استثمارات متبادلة

وتعد تركيا من الدول الصاعدة في النمو الاقتصادي عالمياً، وهي ضمن مجموعة العشرين الأقوى اقتصادياً في العالم، ما يعني أن التعامل العُماني معها يعود بالنفع على الجانبين.

ويبلغ حجم الاستثمارات التركية في عُمان 8 مليارات دولار، حيث تعمل 20 شركة في مجال البناء والتشييد، في حين توجد 11 شركة عُمانية في تركيا تقوم باستثماراتٍ قيمتها نحو 10 ملايين دولار، في مجال التعدين والاستيراد والتصدير والعقارات.

وفي نوفمبر 2022، وقع وزير الخزانة والمالية التركي السابق نور الدين نباتي مع وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العماني قيس بن محمد اليوسف، بروتوكول تعاون بين البلدين، وذلك خلال الاجتماع الـ11 للجنة الاقتصادية التركية العمانية المشتركة في أنقرة.

وأكد الوزير التركي حينها أن الاجتماع المشترك شدد على أهمية تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وضرورة زيادة حجم التجارة والاستثمارات المتبادلة.

كما أشار الوزير العماني من جانبه حينها إلى أن 'الصادرات العُمانية غير النفطية إلى تركيا شهدت عام 2021، بما في ذلك الألمنيوم والبولي بروبيلين والأسماك، ارتفاعاً وصل إلى 322 مليون دولار أمريكي، بزيادة بلغت 230% عن 2020'.

وأكد حينها أن 'مجلس الأعمال العُماني يقوم بدور كبير لتوفير البيئة المناسبة لرجال الأعمال من الجانبين لبحث فرص التعاون الاستثماري والإسهام في رفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين'.

لكن القفزة الكبيرة في العلاقات بين البلدين كانت ما أعلن في يناير الماضي، حيث أبرم وزير الطاقة التركي فاتح دونماز اتفاقية مع مسقط للحصول على 1.4 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً لمدة 10 سنوات.

كما عملت عُمان ضمن رؤية 2040 الاستراتيجية لتنويع الاقتصاد على فتح أبوابها للاستثمارات التركية بتسهيلات وحوافز، حيث أكد الرئيس التنفيذي لمنطقة صلالة الحرة بسلطنة عُمان علي بن محمد تبوك، في مقابلة مع وكالة 'الأناضول' التركية عام 2021، وجود كثير من الفرص للمستثمرين ورجال الأعمال الأتراك للاستفادة من الإمكانات التي توفرها المناطق الحرة في بلاده.

وبيّن المسؤول العُماني أنه 'يمكن استغلال موقع السلطنة كمنصة لإعادة تصدير المنتجات التركية لأسواق الشرق الأوسط، وشبه القارة الهندية، وشرق أفريقيا، ودول مجلس التعاون، والأسواق الناشئة التي تستورد مجتمعة بضائع بقيمة 620 مليار دولار سنوياً'.

كما وقع البلدان في العام نفسه اتفاقية لجذب استثمارات تركية إلى منطقة 'الدقم' الاقتصادية، ضمن خطة تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وتتركز قطاعات الاستثمار المشتركة في التعدين والبتروكيماويات والأغذية والخدمات اللوجيستية، وسوف يكون المشروع الاستثماري المشترك عبارة عن تفعيل نموذج للمنطقة الصناعية التركية في الدقم.

وتقع المنطقة الصناعية المنظمة في غبزة (GOSB) بوسط منطقة مرمرة بمساحة تقدَّر بـ5.160 ملايين متر مربع من الأرض، وتشكل ثلثي سوق تركيا.

آفاق واعدة 

ويعتقد الباحث في الاقتصاد السياسي سامر عمران، أن 'علاقات تركيا وسلطنة عُمان ستكون لها آفاق رحبة في الفترات المقبلة، لعديد من الأسباب السياسية والاقتصادية والاستراتيجية'.

وأضاف عمران في حديث مع 'الخليج أونلاين'، أن الحكومة العُمانية لديها نية لدخول مساقات سياسية مختلفة عن أدوات الحياد السابقة التي كانت في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد، ما يضمن لها كثيراً من المكاسب والنفع على المستويات القريبة والبعيدة، وإن تسببت ببعض المشاكل، فإنَّ نفعها سيكون أكبر.

وأكد أن 'العلاقة مع تركيا مهمة، فمسقط ستستفيد من الخبرات المهمة التي ملكتها أنقرة خلال العقدين الماضيين، في النمو ودخول السوق العالمية، كما أن الأخيرة من ثم مستفيدة من عوائد هذا التعاون ومن التقارب مع بلد خليجي آخر بعد قطر والكويت'.

وأضاف أن 'السوق العُمانية ما زالت أرضاً بكراً من ناحية الاستثمارات المتنوعة، فهي لم تكن سوقاً مفتوحة مثل غيرها من دول الخليج، وخططها التنموية جديدة، ولديها مساحات شاسعة ومغريات كبيرة للاستثمار فيها، وهو ما قد يستغله الأتراك وغيرهم أيضاً، في ظل خطط طموحة للحكومة الجديدة'.

ويرى الباحث أن 'الفترة المقبلة ستكون مليئة بتوقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الجانبين، خصوصاً في المجالات الاقتصادية، وأتوقع أن تحدث زيارات متبادلة على أعلى مستوى، أظن أنها أُجلت بسبب وباء كورونا وتداعياته'.

ورجح عمران كذلك أن 'الحكومة العُمانية ستشجع مواطنيها على الاستثمار في تركيا بعد أن شجعتهم على السياحة فيها بشكل غير مباشر، وهو ما سيزيد من إمكانية جذب استثمارات متبادلة بين الطرفين'.