كيف حمت دول الخليج أراضيها من مخدرات النظام السوري؟

يوسف حمود - الخليج أونلاين

ما آخر التفاصيل بخصوص قضية المخدرات؟

إشادة من وكالة 'بلومبيرغ' بحصار الخليج للمخدرات.

ما أكبر الدول الخليجية تضرراً؟

السعودية بسبب عدد سكانها الذي يزيد عن 32 مليون شخص.

ما أبرز الخطوات التي اتخذتها لمحاربة المخدرات؟

- منع دخول الخضراوات والفواكه من لبنان وسوريا.

- محاصرة المنافذ البرية والبحرية وزيادة التفتيش.

- تشكيل لجان مشتركة خليجية لمحاربة المخدرات.

بعد أكثر من 12 عاماً من الحرب المدمرة تحولت سوريا إلى دولة مخدرات، حيث يشكل الكبتاغون أكبر صادرات النظام السوري لتمويل عملياته العسكرية ضد المعارضين، ولو بشكل غير مباشر، مقارنة بكل الأنواع القانونية للتصدير مجتمعة.

وخلال السنوات الماضية، سعت دول الخليج وعلى رأسها السعودية، لوضع حد لقضية تهريب المخدرات التي تنتشر انتشاراً كبيراً، وأصبحت 'آفة' تهدد الشباب، وأطلقت حملات أمنية واسعة لاستهداف مروجيها ومهربيها وضبط الشحنات على الحدود والمنافذ المختلفة.

وشكلت دول الخليج فريق عمل موحداً لمكافحة المخدرات، وضبط مهربيها وملاحقتهم دولياً، في حين كان وقف إرسال المخدرات إلى أراضيها أحد أبرز الشروط الرئيسية لقبول عودة نظام بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية.

إشادة بالدور الخليجي

كانت الخطوات التي اتخذتها دول الخليج لمحاربة المخدرات ومحاصرتها قبل دخولها إلى البلدان، محل إشادة دولية مختلفة، كان آخرها عبر وسائل الإعلام، حيث نشرت وكالة 'بلومبيرغ' تقريراً حذرت من خطر انتشار حبوب الكبتاغون المخدرة في أوروبا بعد تضييق الخليج الخناق عليه.

التقرير نقل عن مسؤولين وخبراء تحذيرهم من أن الكبتاغون سيصبح الآن على الأرجح تهديداً لأوروبا وبقية دول العالم أيضاً؛ 'بعد حملة صارمة تشنها السلطات السعودية على الكبتاغون، إلى جانب جهودها الأخيرة للتواصل مع رئيس النظام السوري بشار الأسد من أجل كبح تدفق هذه المادة المخدرة'.

ويشير التقرير المنشور في 18 أغسطس 2023، إلى أن تقارير الاستخبارات التي اطلع عليها مسؤولان كبيران في الاتحاد الأوروبي، وتحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، والإفادات التي تلقياها من نظرائهم في الشرق الأوسط، تشير إلى أنه 'من المحتمل للغاية أن تزداد تدفقات الكبتاغون إلى أوروبا'.

ووفق التقرير، يثير توسيع نطاق تجارة الكبتاغون قلق الولايات المتحدة أيضاً؛ إذ قدّم مشرّعان مشروع قانون، في يوليو الماضي، لإصدار عقوبات جديدة على الأسد، ووصفه أحدهما بأنه 'زعيم مخدرات دولي'.

شروط التطبيع

بدأت دول الخليج منذ وقت مبكر تدريجياً بمحاربة المخدرات، وصولاً إلى خطوات متقدمة كان آخرها التطبيع مع النظام السوري وإعادته إلى الجامعة العربية، وكان أحد أبرز تلك الاشتراطات 'قضية مكافحة تهريب المخدرات' القادمة من سوريا.

ويُعتبر الكبتاغون أحد دعامات اقتصاد النظام السوري في تجارة تُدر له مليارات الدولارات، إذ حصلت سوريا منه عام 2020 على قيمة سوقية لا تقل عن 3.46 مليارات دولار، بينما تجاوزت قيمة تجارته بمنطقة الشرق الأوسط عام 2021 نحو 5 مليارات دولار، وفق تقرير معهد 'نيولاينز' للأبحاث بواشنطن.

وفي أبريل الماضي 2023، كشفت قناة 'سكاي نيوز' الإماراتية عن تصدر قضية مكافحة تهريب المخدرات محادثات وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ونظيره السوري فيصل المقداد.

جاء ذلك إضافة إلى ما تطرق إليه اللقاء التشاوري، في 1 مايو، قبيل القمة العربية، بين وزراء خارجية العراق والأردن والسعودية ومصر مع النظام السوري، في العاصمة الأردنية عمان، حول مكافحة المخدرات وتحديد مصادر إنتاجه من سوريا.

وذكر تقرير لوكالة 'رويترز'، في 10 مايو، أن الدول العربية التي كسرت عزلة الأسد تريده أن يكبح تجارة المخدرات مقابل علاقات أوثق، وأن القادة العرب وضعوا ذلك في مقابل إعادة الاندماج، رغم نفي السلطات السورية ضلوعها بهذه التجارة التي تستخدمها 'ورقة ضغط'.

ووفق الوكالة، فإن السعودية 'اقترحت تعويض سوريا عن خسارة التجارة في حال توقفها، وعرضت 4 مليارات دولار كتعويض على هيئة مساعدات، وذلك بناء على تقديرات الرياض لقيمة التجارة'، بينما نفت خارجية المملكة طرحها هذا المقترح.

منع وحظر

وكان حظر واردات من دول كسوريا ولبنان واحداً من القرارات التي اتخذتها دول خليجية، حيث فرضت عُمان والبحرين والكويت والإمارات والسعودية حظراً على جميع الواردات اللبنانية، خلال عام 2021، في إطار محاربة المخدرات.

وجاء الحظر بعد إعلان، في أبريل من ذات العام، على لسان المتحدث باسم المديرية العامة لمكافحة المخدرات في السعودية النقيب محمد النجيدي، بإحباط محاولة لتهريب مليونين و466 ألف قرص إمفيتامين مخدر كانت مخبأة داخل شحنة رمان قادمة من لبنان، وحينها أقرت حظر الواردات منه.

وفي ديسمبر من ذات العام، قالت شرطة دبي إنها أحبطت تهريب أكثر من مليون قرص كبتاغون بقيمة 15.8 مليون دولار في شحنة استيراد ليمون، واعتقلت أربعة أشخاص من جنسية عربية، وأن الشحنة كانت قادمة من دولة عربية لم تسمها.

وتتهم أطراف لبنانية حزب الله بقيامه بتهريب المخدرات من داخل سوريا إلى داخل لبنان، وتهريبها لاحقاً عبر خضراوات وفواكه إلى دول الخليج، وهو ما انعكس سلباً على قرارات الحظر التي تعلن بين الحين والآخر.

ومنتصف أغسطس الجاري 2023، كشف مسؤول المنافذ الحدودية لاتحاد شركات شحن البضائع في سوريا أيمن جوبان، عن قرار أردني - سعودي مشترك بمنع دخول الشاحنات السورية القادمة عبر معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن.

ونقلت وكالة 'سبوتنيك' الروسية عن جوبان قوله: 'توجد قرابة 1200 شاحنة تبريد ما زالت متوقفة في معبر نصيب، نتيجة القرار الصادر من السعودية'، والذي ينص على تحديد سنة صنع الشاحنة التي ستعبر إلى أراضيها، حيث منعت السيارات التي صنعت في عام 2004 وما قبل من دخول السعودية أو العبور منها'، وهو ما اعتبره البعض خطوة ربما ترتبط بمحاربة دخول المخدرات.

وأعلنت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك السعودية، في يونيو الماضي، إحباط محاولة تهريب نحو 12 كيلوغراماً من مادة 'الشبو' المخدرة، بعد العثور عليها مخبأة في إحدى الشاحنات القادمة إلى المملكة.

اتهام لسوريا.. وحصار متكامل

وسبق أن اتهم مسؤول سابق بمجلس التعاون الخليجي سوريا بتحولها إلى مركز أساسي لشبكة صناعة وترويج الكبتاغون والمخدرات، حيث تمتد إلى لبنان والعراق وتركيا وصولاً إلى دول الخليج، مروراً بدول أخرى أفريقية وأوروبية، وصولاً للسعودية 'السوق الأول للكبتاغون'.

وفي مقابلة في يوليو الماضي أجراها 'الخليج أونلاين'، مع المستشار السابق في مركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات بمجلس التعاون الخليجي، خالد الصلال، قال إن دول الخليج تتعرض لـ'حملة ممنهجة وشرسة' لإغراقها بالمخدرات، خاصةً الكبتاغون.

وأضاف الصلال: 'الحجم الكبير للكميات المضبوطة مؤخراً في دول مجلس التعاون، خلال العام الحالي والأعوام السابقة، يؤكد أن هناك هجمة شرسة واستهدافاً ممنهجاً من قبل شبكات إنتاج وتهريب مخدر الكبتاغون لدول المنطقة'.

وتشير الأرقام، وفق الصلال، إلى ضبط أكثر من 250 مليون حبة كبتاغون عالمياً عام 2021، وهو رقم يعادل 18 ضعفاً للكمية التي ضبطت قبل أربع سنوات فقط.

ولا توجد إحصائيات بخصوص كمية ما ضبط من المخدرات خلال ذلك العام أو عام 2022 بدول الخليج، لكن السعودية تعتبر أكبر الدول الخليجية التي تصل إليها المخدرات نظراً لعدد سكانها الذي يبلغ 32 مليون شخص، وكان أبرز العمليات في أغسطس 2022، حين أعلنت ضبط ما يقرب من 47 مليون حبة أمفيتامين في شحنة دقيق بالعاصمة الرياض.

وحول الجهود الخليجية لمكافحة الكبتاغون والمخدرات بشكل عام، بيّن الصلال أنه شكل فريق عمل خليجي موحد لمكافحة المخدرات، وضبط مهربيها وملاحقتهم دولياً، تحت إشراف مركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات، إلى جانب وضع خطة عاجلة واستراتيجية جديدة للتصدي للهجمة الشرسة.

وذكر أن من أبرز التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون لمواجهة المخدرات تكثيف التعاون مع دول الإنتاج والتصدير والعبور، بجانب الارتقاء بمستوى العاملين في المكافحة من خلال زيادة البرامج والدورات التدريبية للاطلاع على كل ما هو جديد لدرء مخاطر المخدرات التي بدأت تتسع دوائرها بشكل مثير للانتباه.

ولفت إلى أن دول المجلس انتهجت، في السنوات الأخيرة، استراتيجية جديدة لمكافحة المخدرات أثمرت نجاحات نوعية وإحباط عديد من المحاولات لتهريب المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، واكتشفت طرق وأساليب إخفاء جديدة لتهريب الحبوب المخدرة والمؤثرات العقلية.