"عقد على طرحها".. ما إمكانية إنشاء هيئة خليجية جوية وما فوائدها؟

يوسف حمود - الخليج أونلاين

منذ مطلع العام 2013.

 أطلقتها الكويت وأكدت أن إنشاء الهيئة سيسهم في تعزيز التعاون والتنسيق بين دول الخليج.

منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 25 مايو 1981، اتفقت الدول الست على عدد من الملفات للتعاون فيما بينها، ومضت في تنفيذ بعض البنود خلال السنوات الماضية، فيما تبقت ملفات أخرى عالقة وسط مطالب بإنجازها.

ولعل ملف إنشاء هيئة خليجية موحدة للطيران المدني هو أحد الملفات العالقة التي لم يمضِ الخليجيون قدماً في تنفيذها، على الرغم من الدعوات المستمرة منذ عام 2012 وحتى اليوم، وسط تطور الخدمات الخليجية التي تهدف إلى رفع أعداد المسافرين عبر مطاراتها خلال السنوات القادمة.

وتطرح الدعوة، التي جاءت على لسان مسؤول كويتي، مطلع سبتمبر 2023، مؤشراً على ما توليه الدول الخليجية من أهمية لهذا الملف الذي سيساهم في رفع مستوى التنسيق بينها، والمضي في تحقيق أهدافها للتنمية التي أطلقتها مؤخراً، فهل يتحقق هذا الأمر أخيراً؟ يتساءل مراقبون.

دعوة كويتية

بينما أظهرت إحصائية رسمية صادرة عن الإدارة العامة للطيران المدني في الكويت، تعافياً واضحاً في مؤشرات السفر لهذا العام، وباتت تقترب من المعدلات الطبيعية التي كانت عليها في عام 2019، قبل انتشار جائحة كورونا أكدت الدولة الخليجية أهمية إنشاء هيئة خليجية موحدة للطيران المدني.

مدير إدارة النقل الجوي في الإدارة العامة للطيران المدني الكويتية، عبد الله الراجحي، قال في (8 سبتمبر 2023)، إن إنشاء هيئة خليجية موحدة للطيران المدني سيسهم بشكل كبير في تعزيز التعاون والتنسيق بين دول الخليج في مجال الطيران.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية 'كونا' عن الراجحي تأكيده أن هذه الهيئة ستعزز السلامة والأمان والتنافسية في القطاع، وستمكن من تبادل المعلومات والخبرات والممارسات لتطوير مستوى الخدمات المقدمة في هذا المجال.

وأشار إلى أنه من المهم توحيد القوانين واللوائح المتعلقة بالطيران المدني وتحسين مستوى الخدمات المقدمة، مما يسهم في تطوير القطاع وخدمة المسافرين.

كما أشاد الراجحي بالتعاون الوثيق بين دول مجلس التعاون في مجال الطيران المدني، مؤكداً أن هذا التعاون ساهم بشكل كبير في تطوير قطاع النقل الجوي في الكويت والمنطقة عموماً.

اجتماعات ودراسات سابقة

​لم تكن الدعوة الكويتية إلا في سياق تأخر تنفيذ هذه الخطوة، رغم النقاشات السابقة، التي كان آخرها في يوليو الماضي (2023)، حينما ناقشت اللجنة التنفيذية للطيران المدني بدول مجلس التعاون الخليجي، 'إنشاء هيئة خليجية للطيران المدني بدول مجلس التعاون'.

وقال بيان لمجلس التعاون حينها إن المجتمعين؛ من رؤساء ومديري عموم هيئات وإدارات الطيران المدني بدول المجلس، اتخذوا القرارات والتوصيات اللازمة بشأن إعداد دراسة لذلك.

وفي فبراير من العام ذاته، ناقشت لجنة النقل الجوي بالمجلس، إنشاء أكاديمية خليجية للتدريب في مجال الطيران المدني، وإنشاء الهيئة الخليجية للطيران المدني.

كما ناقشت اللجنة عدداً من المواضيع الخاصة بالتعاون في مجال النقل الجوي، منها القائمة السوداء لشركات الطيران الأجنبية التي عليها مطالبات مالية، والتكامل بين قطاعات النقل في دول المجلس، وإحصائيات حركة النقل الجوي.

وفي يناير 2021، بدأ فريق عمل مكون من ممثلين عن الدول الأعضاء دراسة إنشاء مجال جوي علوي موحد لدول المجلس الست.

وشملت الدراسة، وفق الأمانة العامة لدول مجلس التعاون، الأمور الفنية المتعلقة بها، ومنها الأولويات الفنية والتشغيلية لدعم التطبيق الجزئي للدراسة، وصولاً للتطبيق الكامل لها ومتطلبات الربط الآلي بين نظم الملاحة الجوية بدول المجلس.

الحديث عن هذه الخطوة لم يكن حديثاً وإنما يعود إلى يناير 2013 حينما عقد في العاصمة العُمانية مسقط، اجتماع لجنة دراسة إنشاء هيئة خليجية موحدة للطيران المدني بالهيئة الاستشارية بمجلس التعاون لدول الخليج.

وحينها ناقشت اللجنة توجيهات قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والملاحظات المقدمة من الدول الأعضاء ووزارات خارجية دول مجلس التعاون، بالإضافة إلى ملاحظات أعضاء الهيئة الاستشارية على المرئيات المتعلقة بهذا الملف.

فوائد اقتصادية وكفاءة للطيران

يرى الباحث الاقتصادي، محمد رمضان، أن الحديث عن توحيد دول الخليج للمجال الجوي يشبه المبادرة الأوروبية الهادفة لتوحيد المجال الجوي في أوروبا.

وفق حديث رمضان لـ'الخليج أونلاين'، فإن توحيد المجال الجوي في دول الخليج سيحقق بعض الفوائد الاقتصادية، ومنها زيادة كفاءة الطيران الجوي الخليجي، وتقليص المسافات بين الدول الست، وإدارة الأزمات بشكل مناسب وأفضل.

كما سيكون لذلك، في حال أسست الهيئة، 'فوائد على البيئة من خلال تقليل معدلات التلوث في الأجواء، إضافة إلى وجود نتائج إيجابية على صعيد الأمن لشركات الطيران'.

وحول مدى نجاح وتطبيق الفكرة يوضح الباحث الاقتصادي أن المبادرة الأوروبية واجهت بعض المشاكل بالرغم من أن دول أوروبا ليس فيها حدود، وهناك اتفاق شبه سياسي بالقضايا الخارجية، على عكس دول الخليج الست.

ويؤكد رمضان أن نجاح الدراسة في دول الخليج يحتاج إلى عدد من العوامل؛ أولها 'أن يكون المجال الجوي محدداً، إضافة إلى توافق سياسي'، مستبعداً وجود فرص نجاح كبيرة لها في الوقت الحالي.

النقل الجوي الخليجي

كان من ضمن أساسيات التعاون الاقتصادي بين دول الخليج تشكيل لجان رئيسية بهدف التعاون، وكانت لجنة النقل الجوي هي واحدة من اللجان الأربع الرئيسية التي أعلن عنها، وكان المنوط بها مناقشة ومتابعة مواضيع التعاون في قطاع الطيران المدني بين دول المجلس، ورفع توصياتها للجنة التنفيذية للطيران المدني.

وفق تعريف عنها فإن اللجنة تختص بـ'السماح للناقلات الوطنية بالبيع المباشر لتذاكر السفر دون الحاجة إلى وكيل عام أو كفيل محلي في دول المجلس'، وكان الهدف من هذه الخطوة الإسهام في 'تسهيل حصول المواطنين والمقيمين على تذاكر السفر من الناقلات الوطنية مباشرة وزيادة دخل الناقلات الوطنية'.

وضمن أهدافها 'إنشاء مكتب مشترك لدول المجلس لدى منظمة الطيران المدني الدولية يتولى تنسيق المواقف بين الدول الأعضاء في المحافل الدولية ومتابعة ما يستجد في مجال النقل الجوي في المنظمة الدولية وإبلاغه للدول الأعضاء'.

وتضمنت أيضاً 'تكثيف الرحلات الجوية بين الدول الأعضاء، مما يساهم في زيادة الترابط والزيارات بين أبناء دول المجلس، ويعزز التبادل التجاري والسياحي فيما بينها'.

وإلى جانب ذلك تتضمن 'دخول الناقلات الوطنية في بوليصة تأمين مشتركة على طائراتها مما يقلل التكاليف التي تدفعها الناقلات الوطنية في هذا المجال، ويمنحها شروطاً ومميزات أفضل في هذا السبيل، والشراء المشترك لوقود الطائرات في عدد من المحطات في أنحاء العالم'.

ومن أهدافها المعلنة أيضاً 'إعداد دليل تدريب ودليل إجراءات أمنية موحدة للناقلات الوطنية، والإعداد لإنشاء إقليم جوي موحد لدول المجلس، والبرنامج الموحد لتقييم السلامة على الطائرات الأجنبية المشغلة بدول المجلس'.