اخبار سلطنة عُمان
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٦ أيلول ٢٠٢٤
كمال السلامي - الخليج أونلاين
ماذا يعني مصطلح 'الزراعة الذكية'؟
هي نظام يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في زراعة الأغذية بطرقة مستدامة ونظيفة.
لماذا تسعى دول الخليج لتطوير مشاريع 'الزراعة الذكية'؟
بهدف مواجهة التحديات المناخية، كقلة المياه، وارتفاع درجات الحرارة، والتصحر.
على قدمٍ وساق، تمضي دول مجلس التعاون الخليجي نحو تحقيق أقصى استفادة ممكنة من التكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات، وفي المقدمة مجال الزراعة، لمواجهة المخاطر التي تهدد الأمن الغذائي في المنطقة.
ومنذ سنوات، شرعت دول مجلس التعاون في اعتماد استراتيجيات لتطوير الزراعة الذكية، وبدأ العديد من هذه الدول بجني ثمار هذا التوجه، من خلال سلسلة من التقنيات.
وليس توظيف الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الذكية في المجال الزراعي شيئاً من الترف، بل هو ضرورة في ظل التحديات المناخية التي تعصف بالمنطقة، وارتفاع درجات الحرارة، وقلة المياه، وغيرها، فكيف يبدو واقع الزراعة الذكية في دول الخليج؟.
الزراعة الذكية
تُعرف الزراعة الذكية بأنها نظام يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في زراعة الأغذية بطرق مستدامة ونظيفة، وبما يضمن ترشيد استخدام الموارد الطبيعية، لا سيما المياه، وتعتمد على نظم إدارة وتحليل المعلومات لتحقيق أفضل إنتاج بأقل تكلفة، فضلاً عن أتمتة العمليات كالري ومكافحة الآفات ومراقبة التربة والمحاصيل.
وتزداد حاجة دول الخليج والمنطقة العربية برمتها إلى حلول مبتكرة وفعّالة أكثر من أي وقتٍ مضى، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن يقود رؤى وتحليلات تساعد في تحسين إنتاجية المحاصيل وتقليل الهدر، وفقاً للباحث في مجال الذكاء الاصطناعي علي عيسى، في مقال لـ'الجزيرة نت' (12 سبتمبر).
وتوفر تقنيات الذكاء الاصطناعي مزايا غير مسبوقة، تكمن المزارعين من قياس إنتاجية محاصيلهم بدقة عالية حتى قبل حلول موسم الحصاد، ما يضمن تقليل الهدر، واستدامة المحاصيل، كما تمنحهم قدرة على اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة، إضافة إلى قدرته على رسم خرائط زراعية دقيقة، وفقاً لعيسى.
من الدول الرائدة إقليمياً وعالمياً في مجال توظيف التكنلوجيا في الزراعة دولة قطر، ومنذ سنوات حرصت على تبني أحدث التقنيات في مجال الزراعة الذكية، عبر إطلاق العديد من المبادرات والمشاريع التي تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات الزراعية.
وتأتي مبادرة 'مزارع قطر الذكية'، لتعكس حجم العناية بالذكاء الاصطناعي في تحسين جودة المحاصيل وزيادة الإنتاجية، ووفق تقرير لموقع 'Genetic Literacy Project'، نُشر في مطلع نوفمبر الماضي، فإن الدوحة نجحت في التغلب على نسبة الملوحة المرتفعة في المياه الباطنية، من خلال استخدام التقنيات في مجال الزراعة، إضافة إلى استخدامها البيوت المحمية، ما منحها قدرة على التحكم في درجات الحرارة.
وأشار الموقع إلى أن استخدام التقنية في الزراعة بقطر، سمح للمزارعين بتحقيق هدفين رئيسيين هما ضمان الإنتاج بشكل سنوي لمختلف أنواع الخضروات والفواكه، وزيادة قدراتهم الإنتاجية بشكل كبير؛ ما يعزز الاعتماد على المنتجات المحلية.
وعقدت قطر في 2023، اتفاقيات مع شركات كورية لتطوير تكنلوجيا يمكن استخدامها في النشاط الزراعي، وعلى رأسها البيوت الزراعية، وبدأت الدولة في استخدام تلك التقنية خلال الأشهر الماضية، ومن المتوقع أن يتم تحويل 30% من مساحات إنتاج الخضروات والفواكه الحالية إلى مزارع ذكية بحلول العام 2027.
كذلك، سعتالإمارات لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحقيق الاستدامة في الإنتاج الزراعي، وبما يضمن حماية البيئة، وضمان الحياد الصفري من خلال العديد من التقنيات الذكية.
ووفق تقرير نشرته صحيفة 'الاتحاد' في 12 أغسطس الماضي، فإن الإمارات حققت إنجازات مهمة في سياق تطويل ممارسات زراعية ذكية مناخياً، حيث تبنت أنماطاً زراعية مستدامة، تستند في مجملها إلى التقنيات والحلول المبتكرة كالزراعة المحمية.
ومن ذلك الزراعة المائية، أو الزراعة العضوية والعمودية، والزراعة باستخدام البيت الشبكي، والتي تهدف لتوفير المياه بنسبة 70%، وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتوفير حلول مستدامة، وذلك بإعادة استخدام المياه المعاد تدويرها في القطاع الزراعي.
وأطلقت الإمارات في العام 2018 الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، بهدف تطوير منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، من خلال توظيف التقنيات والتكنولوجيا الحديثة، وتعزيز الإنتاج المحلي.
وفي 2019، دشنت الإمارات تحدي تكنلوجيا الغذاء الأكبر من نوعه عالمياً، بهدف 'استكشاف تكنولوجيا العقد المقبل من الابتكارات والتقنيات التي ستغيّر ممارسات الزراعة التقليدية بكفاءة واستدامة، إلى جانب تطوير حلول مبتكرة لإنتاج وإدارة الغذاء في الإمارات'.
وسجل فبراير 2023، افتتاح أبوظبي أكبر مزرعة للزراعة العمودية الداخلية في العالم، وتستهدف إجراء الأبحاث العلمية والتطوير في قطاع الزراعة وتطوير الجيل التالي من تقنيات وحلول الزراعة المستدامة في البيئات القاحلة والصحراوية.
إدراكاً منها لأهمية الأتمتة، وتوظيف التقنية في مجال الزراعة، عملت وزارة الزراعة السعودية على تكريس ممارسات الزراعة الذكية، وإدخال الابتكار والتقنية لزيادة كفاءة الإنتاج، وخلق الظروف المواتية لزيادة الإنتاج بأقل تكلفة وجهد.
وقامت وزارة البيئة والمياه والزرعة في المملكة، بعمل دراسة للتحديات والفرص التي يوفرها استخدام التقنيات في المجال الزراعي، وخرجت بقائمة من التقنيات والابتكارات الأكثر تأثيراً وجاهزية للتبني والتوسع فيها، والتي ستوفر حلولاً على المدى القصير والمتوسط.
ووضعت الوزارة أكثر من 45 تحدياً وفرصة مواتية، وانتخبت أكثر من 100 تقنية فردية صنفت ضمن 24 مجموعة تقنية، تتركز في الزراعة المحمية، والتحكم البيئي، وغيرها من التقنيات، بحسب تقرير صادر عن الوزارة في مارس 2024.
واستحدثت المملكة استراتيجية شاملة للقطاع الزراعي، ضمن رؤية 2030، ونجحت في تحقيق وفورات بلغت 1.5 مليار ريال سعودي (400 مليون دولار)، كما حققت الاكتفاء الذاتي في 15 محصولاً من الخضروات.
وأطلقت المملكة مزرعة 'باذر' الذكية القائمة على الزراعة العمودية، في الرياض، وتركز على استخدام أحدث التقنيات لتوطين المحاصيل المستوردة، بطريقة أكثر كفاءة ونظافة واستدامة.
سلطنة عُمان
أولت سلطنة عُمان عناية كبيرة بالزراعة الذكية منذ وقت مبكر، والهدف زيادة الإنتاج الزراعي، بكفاءة عالية، وموارد أقل.
ووقعت وزارة الثروة الزراعية والسميكة وموارد المياه في يناير 2021، اتفاقية لتنفيذ مشروع الزراعة الذكية مع شركة التطوير الزراعي والسمكي.
المشروع الموقع حينها يأتي ضمن توجهات رؤية عُمان 2040 بهدف تحفيز الاستثمار وخاصة في المجال الزراعي والحيواني، بما يحقق الأمن الغذائي، علماً بأن تكلفة المشروع حينها بلغة قرابة 17 مليون دولار.
وتكون المشروع حينها من البيوت المحمية، والبيوت المظللة، وتقنيات الزراعة بدون تربة، وفي الحقول المفتوحة، والميكنة، وشبكات الري الحديثة، ومحطة أرصاد جوية زراعية لاسلكياً، ومخازن، ومنشآت لفرز وتجهيز الإنتاج، وغيرها من المرافق.
ولأن السلطنة مشهورة بالنخيل، فقد عملت على توظيف الذكاء الاصطناعي لمساعدة المزارعين على اكتشاف الإصابات في أوراق النخيل، وقياس جودة محاصيلهم؛ بهدف تعزيز الاستدامة البيئية والاقتصادية، عبر مشروع 'فيجن بالم'.
وفي الكويت أطلقت شركة 'الحياة الخضراء' في فبراير 2023، مشروعها الزراعي الذكي، باستخدام تقنية 'الأيروبونيك' للزراعة الهوائية.
المشروع يهدف بحسب بيان الشركة، إلى تعزيز الأمن الغذائي من خلال إنتاج منتجات زراعية صحية وعالية الجودة بأقل قدر ممكن من المياه باستخدام تقنية حديثة تسمى 'الأيروبونيك'، وبما يساعد على ضمان مصدر غذائي مستدام للبلاد.
وجرى الاحتفال في مارس 2023 بأول ثمار تم إنتاجها في المزارع الذكية التي استُخدمت فيها التقنيات السويسرية، مع شركة 'الحياة الخضراء'، وهو المشروع الذي يهدف لجعل الكويت مركز إقليمي رائد للإنتاج المستدام للغذاء على مدار العام.
وجرى حينها إنتاج 5 أنواع من الخس، وقال عادل الشمالي، رئيس مجلس 'الحياة الخضراء'، إن هذا المشروع يعتمد على فلسفة إيجاد البديل في مجالي الزراعي والأمن الغذائي.
وقطعت البحرين شوطاً مهماً في مشاريع الزراعة الذكية، وفي هذا السياق، فازت هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية البحرينية بجائزة المدن الذكية عن فئة الابتكار في مجال الأمن الغذائي والتقنيات الزراعية في مارس 2024.
الفوز جاء عن مشروع الأطلس النباتي، والذي أطلق في مارس 2023، ويتضمن مجموعة من خرائط الغطاء النباتي وتصنيفاتها وأنواع المحاصيل الزراعية في المملكة، ومساحاتها ومواقعها على الخرائط.
وفي 2018، قال وكيل الزراعة والثروة البحرية في وزارة الأشغال والبلديات والتخطيط محمد بن أحمد آل خليفة، إن مواكبة التقنيات والنظم الحديثة في المجال الزراعي، حققت الكثير من الإنجازات في القطاع الزراعي ورفعت من مستوى العديد من المزارعين من خلال تبنيهم للأساليب الحديثة والذكية في تحسين الإنتاج، ودورها الفاعل في تشجيع المشاريع الزراعية النوعية والمتميزة.
ونوه إلى أن عدداً من الشركات والمزارعين البحرينيين ادخلوا ضمن مشاريعهم الزراعية التقنيات الحديثة، منها نظم الري والتسميد الآلي بنظم الزراعة بدون تربة، كما قامت الوزارة بإنشاء مختبر خاص بإنتاج النخيل النسيجي.