اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٠ تموز ٢٠٢٥
أصبح انتشار اللوحات الإلكترونية ظاهرة ملموسة في كل مكان، لا سيما بين أيدي الأطفال الذين ينغمسون لساعات طويلة في مشاهدة المحتويات الرقمية وممارسة الألعاب، دون وعي آبائهم بالمخاطر والأضرار المترتبة على ذلك. وقد تحوّل هذا الاستخدام المفرط إلى نوع من الإدمان، في عصر تطغى عليه التكنولوجيا والهيمنة الرقمية.
وباتت ظاهرة إدمان الأطفال على اللوحات الإلكترونية حديث الساعة في أوساط العائلات المغربية، إذ يمتلك معظم الأطفال اليوم أجهزة إلكترونية خاصة بهم منذ سن مبكرة، بل أحيانا قبل تعلّم الحروف والكلمات، كما أن العلاقة بين الطفل وجهازه أصبحت علاقة ارتباط شديد، يعزله عن محيطه، ويجعل تفاعله مع العالم الخارجي ضعيفا أو منعدما.
وحسب ما يتداول على منصات التواصل الاجتماعي، فإن العديد من الآباء يطلبون النصيحة والمساعدة بخصوص وضعية أبنائهم الذين لا يستطيعون الابتعاد عن أجهزتهم الإلكترونية، مما أثّر سلبا على سلوكياتهم، مثل: العزوف عن الخروج من المنزل، والامتناع عن اللعب مع أقرانهم في الفضاءات العامة، فضلا عن مواجهتهم صعوبات في النطق والتواصل، وانغلاقهم على أنفسهم بعيدا عن الحياة الواقعية
وفي هذا السياق، أكد الطبيب الطيب حمضي، في تصريح لجريدة 'العمق'، خطورة هذه الظاهرة، سواء تعلق الأمر بإدمان على اللوحات الإلكترونية أو غيرها من الشاشات، واصفا إياها بـ'المشكل الحقيقي'، لافتا إلى أن الاستعمال المفرط لهذه الأجهزة، أو الإدمان عليها، يؤثر بشكل سلبي على صحة الأطفال، خصوصا على مستوى البصر، إلى جانب التأثيرات النفسية خلال مرحلة النمو الحسّاسة المرتبطة بالتطور العقلي والإدراكي، وهو ما قد ينعكس سلبا على مراحل عمرية لاحقة.
وتابع حمضي حديثه مستعرضا بعض أعراض هذا النوع من الإدمان لدى الأطفال، مثل رفضهم التام التخلي عن الجهاز، وظهور ردود فعل عنيفة عند محاولة سحبه منهم، كالانفعال المفرط أو نوبات الغضب، إضافة إلى إهمالهم لألعابهم الأخرى، وانحصار اهتمامهم في الجهاز الإلكتروني فقط، فضلا عن تراجع مستوياتهم الدراسية.
وتعود الأسباب وراء هذه الظاهرة المستفحلة، حسب المتحدث نفسه، إلى غياب رقابة الآباء، وإلى غياب الحوار، والتواصل، والخوض في النقاشات داخل المنزل، ما يجعل الطفل منطويا على نفسه ومنعزلا عن الآخرين، فيختار التوجه إلى الشاشات كبديل متوفر، مشيرا كذلك إلى 'أن صناعات هذه الألعاب والمحتويات، أصبحت هي الأخرى تستهدف هذه الفئة الحساسة.'
وبخصوص الحلول الممكنة لمعالجة هذه الظاهرة، شدد الدكتور حمضي على أهمية الدور الذي تضطلع به الأسرة في المقام الأول، تليها المدرسة، من خلال النصح والتوجيه والتربية، نظرًا لحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهما، مستحضرا دور الدولة، على اعتبار أن الظاهرة لم تعد تقتصر على حالات فردية معزولة، بل تحولت إلى قضية تتعلّق بـ'الصحة العامة'، بعدما تجاوزت نطاق الأسرة لتصبح شأنا مجتمعيا واسع التأثير.
وأكد حمضي أن الدولة مطالبة بالتدخل عبر سن إجراءات وتشريعات مناسبة، والبحث عن حلول فعّالة لحماية هذه الفئة العمرية من المخاطر المحتملة، مشددا على أهمية الوقاية كعامل أساسي، من خلال وضع ضوابط واضحة، مثل تحديد سنّ معين يمكن فيه منح الجهاز للطفل، وتحديد أوقات استخدامه بشكل يضمن الاستفادة التعليمية، كتعلم اللغات واكتساب المهارات، دون الانزلاق نحو الاستخدام السلبي أو الإدمان.