حوار.. الوالي: "حبيبي حتى الموت" يجمع بين الإثارة والمتعة والكوميديا الراقية

حاوره: عزالدين إدسعيود، صحافي متدرب

يعرف الإنتاج الدرامي المغربي انتعاشا لافتا خلال السنوات الأخيرة، يشبه تلك الشرارة التي تنذر بولادة مرحلة جديدة من الجرأة والتجديد الجمالي. وفي قلب هذا الحراك الفني، يطل الممثل والمخرج رشيد الوالي في مسلسل جديد تحت عنوان: 'حبيبي حتى الموت'.

العمل الذي يقوده باقتدار المخرج هشام الجباري، أحد أكثر الأسماء قدرةً على صناعة التشويق وبناء عوالم درامية تخطف الأنفاس، يجمع بين الحس الإنساني والعمق العاطفي، ناهيك عن إحساس كوميدي خفيف يزيده دفئا وقربا من المتلقي.

رغبة في الكشف عن كواليس هذه التجربة التي يتحدث عنها الجمهور قبل انطلاقها، أجرت 'الأيام 24″، حوارا مع الممثل والمخرج رشيد الوالي الذي كشف عن ما جذبه في سيناريو المسلسل، وعن 'الكيمياء الفنية' التي تربطه مع هشام الجباري، مبينا تفاصيل هذا العمل الفني الجديد والشخصية التي جسدها، ليختم حديثه بإبراز الرسائل الإنسانية العميقة التي ينطوي عليها المسلسل.

وفي ما يلي نص الحوار كاملا:

س: حدثنا عن المسلسل الدرامي 'حبيبي حتى الموت' الذي يشرف على إخراجه المخرج هشام الجباري.

ج: 'حبيبي حتى الموت' ليس مجرد سلسلة بوليسية أو كوميدية عابرة، إنه مزيج بين النوعين، لكنه مُقدَّم بأسلوب راق ودقيق، قريب من المدرسة السينمائية الأمريكية التي تبني الكوميديا فوق إيقاع التحقيق والتشويق.

اختياري لهذا العمل كان مبنيا على ثقة في الفريق الذي يقف وراءه، فالمخرج هشام الجباري ليس فقط زميلا، بل صديقا وأخا، سبق لي أن اشتغلت معه في أعمال عديدة، آخرها 'الماضي لا يموت'، والكاتبة أمينة الرويسي أيضا جزء من هذا المسار المشترك. هذا الثنائي يؤمن بتطوير الدراما المغربية ويحترم معايير الجودة، ولا يقبل بالحلول السطحية أو السهلة.

كما أنني في هذه المرحلة من مساري الفني لا أشارك إلا في الأعمال التي أؤمن بها فعلا، وأجد فيها قيمة فنية وإنسانية، لذلك لم أتردد في قبول هذا المشروع.

هناك أيضا عنصر إضافي منح للعمل روحا مختلفة وهو اشتغالي مع أخي هشام الوالي، حيث إن العلاقة بين شخصيتينا داخل السلسلة خلقت لحظات كوميدية طبيعية وصادقة، لأن هشام لعب دور شرطي شاب يستلهم بعض أسلوب خاله العميد وحركاته وأساليب التحقيق، وهذا أدى إلى مواقف مضحكة لكنها تحمل عمقا إنسانيا في الوقت نفسه.

س: ما الذي شدّك في سيناريو مسلسل 'حبيبي حتى الموت' وجعلك تقبل المشاركة فيه؟

ج: من الأسباب التي دفعتني إلى قبول هذا العمل أنه مثّل بالنسبة لي تحديا حقيقيا، فقبل أشهر قليلة من تصوير 'حبيبي حتى الموت'، كنت قد انتهيت من عمل بوليسي كبير من إنتاج خديجة العالمي والقناة الثانية، ومن إخراج نور الدين الخماري الذي تقمصت خلاله دور عميد شرطة ممتاز، وهي شخصية عميقة ومعقدة.

وبعد شهور، عدت لأداء شخصية شرطي مرة أخرى، ولكن في سياق مختلف تماما، ولم تكن خطوة سهلة، بل على العكس، اعتبرتها اختبارا لقدرتي كممثل على إعادة تشكيل الدور من الصفر: الأسلوب، الإيقاع، وطريقة التفكير، وحتى اللغة الجسدية، لأن التحدي الحقيقي ليس في اختلاف الشخصية على الورق، بل في الطريقة التي يشتغل بها الممثل ليمنح كل دور روحا جديدة وهوية خاصة.

اختلاف السيناريو والرؤية الإخراجية بين العملين زاد رغبتي في خوض التجربة، لأن كل مشروع يفرض عليك مقاربة جديدة، وهذا ما شجعني بصراحة على قبول 'حبيبي حتى الموت '، من خلال الرغبة في تطوير أدواتي، وكسر التكرار، وإثبات أن الممثل قادر على منح الشخصية نفسا ووجها جديدا عندما تتغير الظروف الفنية.

بالإضافة إلى ذلك، كان وجود طاقم من الممثلين الذين سبق لي الاشتغال معهم عاملا محفزا على المشاركة.

س: كيف تُقيم تجربة المزج بين البعد الإنساني واللمسة الكوميدية داخل هذا العمل؟

ج: في أي عمل درامي، كما هو الحال في 'حبيبي حتى الموت'، يبقى البعد الإنساني هو الجوهر الذي يمنح القصة معناها، فهو الذي يكشف هشاشة الشخصيات، صراعاتها، ونقاط قوتها وضعفها، والعالم الداخلي الذي يحركها. هذا البعد هو الذي يجعل المشاهد يشعر بأنه يرى جزءا من نفسه، فيتعاطف ويتذكر ويتأثر، أما العمل بدون هذا العمق، فيتحول إلى سرد خارجي فقط، بلا روح.

أما البعد الكوميدي فهو الوجه الآخر للعمل، فهو الهواء الذي يسمح للمشاهد بالتنفس، ويمنح الشخصيات مساحة لخلق مسافة بين الألم والضحك. الكوميديا، عندما تُقدَّم للمشاهد بذكاء، لا تأتي لتُلغي الجدية، بل لتُفَعِّلها: تجعل القضايا الثقيلة أقل قسوة.

الحياة لا تُعاش بلون واحد: لحظة قاسية تُجاور لحظة خفيفة، مشهد مؤلم ينتهي بابتسامة، وتعقيد إنساني يمكن أن ينكشف من خلال موقف بسيط يثير الضحك، وهذا سبب نجاح الجمع بين البعدين معًا في عمل واحد.

س: إذا طلبنا منك تلخيص رسالة هذا المسلسل في جملة واحدة، ماذا ستكون كلماتك؟

ج: قد لا أكون مؤهلا أكثر من السيد المخرج لتقديم رسالة العمل، ولكن يمكنني القول إن العمل يجمع بين الإثارة والمتعة، وبين الطموح في تقديم عمل كوميدي دون ابتذال أو تصنع. الفرجة حق وامتاع الجمهور مطلب، لكن الرقي بها هو واجب، وهذا هو الفن الذي أعشقه وأحلم به.

س: نود أن نشارك قرّاءنا حصريا عن أعمالك الفنية أو السينمائية التي سترى النور قريبا؟

ج: أنا الآن بصدد تصوير عمل سينمائي فرنسي من بطولة الممثل رشدي زيم، حيث تدور أحداثه بمدينة مراكش، وسأكشف عن تفاصيله لاحقا، علما أنه مستند إلى قصة حقيقية.

كما أن لدي جولة في فرنسا وإسبانيا بفيلم آخر، وهي السنة الثانية على التوالي بعد نجاح الجولات السابقة. هذا الأسلوب يُعد طريقة جديدة لمشاركة الجمهور خارج الوطن في الأعمال التي أقدمها، ومناقشتها، وإتاحة الفرصة تقريبا للتعرف على السينما المغربية لدى جمهور أوسع.

بالإضافة إلى ذلك، أستعد لتصوير عمل سينمائي جديد، وسأكشف عن تفاصيله في حينه إن شاء الله.