اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١ حزيران ٢٠٢٥
قبل أزيد من 14 عاما، أبصرت أسواق 'السلام' بمقاطعة سيدي مومن النور كمشروع تنموي طموح، يهدف إلى تنظيم القطاع غير المهيكل، واحتواء الباعة المتجولين داخل فضاء تجاري منظم، يسهم في تحسين المشهد الحضري للمنطقة، غير أن هذا المشروع، الذي كان يفترض أن يشكل نقلة نوعية في البنية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة، لم يحقق الأهداف المرجوة منه.
وحسب مصادر محلية، فإن الغاية من هذا السوق كانت 'هيكلة النشاط الاقتصادي غير المنظم، وتنظيم عمليات البيع العشوائي التي كانت تؤرق الساكنة، وتوفير فضاء حضاري للباعة يضمن كرامتهم ويوفر لهم مدخولا قارا، بالإضافة إلى تحقيق الإقلاع التنموي داخل مقاطعة سيدي مومن، التي عانت لسنوات من التهميش والإقصاء الاجتماعي'.
وأكدت المصادر أن المشروع رصدت له ميزانية مهمة، وتم تجهيز السوق ببنية تحتية مقبولة من حيث التصميم والمرافق، مما أعطى انطباعا أوليا بأن المنطقة مقبلة على تحول نوعي في بنيتها الاقتصادية والاجتماعية.
ووفق المعطيات المتوفرة لدى جريدة 'العمق'، فإنه 'رغم مرور أكثر من عقد على إنشاء الأسواق، ظلت الأبواب مغلقة في وجه الباعة المستهدفين، الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على العودة إلى الأرصفة والشوارع لممارسة أنشطتهم التجارية، بسبب غياب أي مواكبة حقيقية لعملية إعادة التوطين'.
من جهته، أكد يوسف سميهرو، عضو مجلس مقاطعة سيدي مومن، أن الأسواق المتواجدة بحيي السلام 1 و2 تم تشييدها ضمن مشروع يندرج في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، خاصة في شقها المتعلق بمحاربة دور الصفيح، حيث كانت تهدف هذه المبادرة إلى إعادة تأهيل الفضاءات الحضرية وتحسين ظروف عيش السكان.
وأوضح سميهرو، في تصريح لجريدة 'العمق'، أن هذه الأسواق خصصت، في الأساس، لفائدة ساكنة 'كاريان السكويلة'، وهي من الأحياء التي كانت تعاني من الهشاشة العمرانية والاجتماعية.
وأشار المتحدث عينه إلى أن المشروع، رغم وجاهة فكرته وأهدافه التنموية، اصطدم بإشكالية حقيقية عند تنزيله على أرض الواقع، حيث تبيّن أن عدد المستفيدين المحتملين يفوق بكثير القدرة الاستيعابية للأسواق التي تم بناؤها.
وأوضح الفاعل السياسي أنه 'نتيجة لهذا التفاوت بين العرض والطلب، ظهرت موجة من الاحتجاجات، خاصة من طرف التجار الصغار الذين لم تشملهم عملية التوزيع، مما أدى إلى تجميد استعمال هذه المرافق العمومية وتركها خارج الخدمة لعشرات السنين.
وتابع سميهرو أن هذه الأسواق ظلت مغلقة لأزيد من 14 سنة، دون أن تتمكن الجهات المعنية من إيجاد حل ناجع يعيد لها الدور الاقتصادي والاجتماعي المنشود، مشيرا إلى أن التخوف من حدوث توترات اجتماعية في صفوف الساكنة كان من بين الأسباب الرئيسية وراء الإبقاء عليها غير مستغلة.
كما كشف المسؤول الجماعي أن السوق استفاد خلال ولاية العامل السابق من ميزانية خصصت لإعادة تأهيله، في محاولة لإعادة الحياة إلى هذه الفضاءات التجارية، غير أن هذه العملية لم تفض إلى النتائج المرجوة، ليعود السوق إلى وضعه السابق وكأن شيئًا لم يكن.
وأضاف أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب اتفاق واضح وشامل بين مختلف الأطراف المعنية، خاصة بين السلطات المحلية، والمجلس الجماعي، والتجار الذين يأملون في الاستفادة من محلات السوق.
وقال عضو مجلس مقاطعة سيدي مومن إن عدم التفاهم والتنسيق بين هذه الجهات هو ما حال دون تفعيل السوق واستثماره بالشكل الذي يخدم التنمية المحلية.
وفي هذا السياق، شدد سميهرو على ضرورة إعداد تصور متكامل يأخذ بعين الاعتبار العدد الفعلي للتجار الراغبين في الاستفادة، مع إعطاء الأولوية للأشخاص الذين كانوا يقيمون في 'كاريان طومة' والمناطق المشابهة، والذين لا يزالون يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة بسبب غياب فضاءات قانونية لمزاولة أنشطتهم التجارية.
وأعرب عضو مجلس المقاطعة عن أمله في أن تشكل الاتفاقية الرباعية الموقعة مؤخرا بين مجلس جهة الدار البيضاء سطات، وعمالة الدار البيضاء، وشركة العمران المكلفة بالصيانة، والمجلس الجماعي، نقطة تحول في هذا الملف الشائك، حيث من المنتظر أن تضع هذه الشراكة خارطة طريق واضحة لتأهيل الأسواق وتفعيلها بالشكل الذي يضمن الكرامة للتجار ويمكّن الساكنة من خدمات تجارية لائقة.
وختم سميهرو تصريحاته بالتأكيد على أن الخصاص في المرافق التجارية أصبح واضحًا داخل تراب الدائرة، داعيا جميع المتدخلين إلى التحرك بجدية ومسؤولية لمعالجة هذا الوضع، خاصة في ظل تزايد عدد السكان وحاجتهم المتزايدة إلى بنية تحتية تستجيب لتطلعاتهم وتحد من مظاهر الاقتصاد غير المهيكل.