اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٤ تموز ٢٠٢٥
ما إن يسدل الليل ستاره على العاصمة العلمية فاس، حتى تكشف شوارعها عن وجه آخر، وجهٌ شاحب تخيم عليه عتمة مقلقة. ففي قلب المدينة، وعلى امتداد شرايينها الرئيسية، تتحول المصابيح العمومية إلى مجرد أشباح ضوئية لا تكاد تنير إلا نفسها، تاركة أحياء بأكملها، بما فيها شارع الحسن الثاني الشهير وشارع الجيش الملكي، فريسة لظلام شبه تام. هذا الواقع لا يعكر صفو الساكنة والزوار الباحثين عن نسمة هواء باردة فحسب، بل يضرب في الصميم الإحساس بالأمان ويهدد النشاط السياحي الذي يمثل عصب اقتصاد المدينة.
أمام هذا الوضع، تعالت أصوات الساكنة مستنكرة ما وصفته بـ 'الإهمال الممنهج'، محذرة من أن هذا التراجع في الخدمات الحيوية ينذر بخطر حقيقي. أحمد المفيد، أحد سكان المدينة، عبر في حديثه لجريدة 'العمق المغربي' عن استيائه قائلا: 'الظلام الذي يخيم على المدينة ليلا يجعل المواطنين عرضة لمشاكل السرقة والعنف'. وأضاف بنبرة يملؤها الأسى: 'ماضي شارع الحسن الثاني بأضوائه وشعارات ‘الله الوطن الملك’ التي كانت تزينه، كان أحسن بكثير من حاضره البائس'.
مطالب المفيد بتدخل عاجل من الجهات المسؤولة لا تأتي من فراغ، بل هي صرخة للحفاظ على رونق مدينة أصبحت ملامحها مهددة بفعل 'نكسات متتالية' طالت مرافقها الحيوية، من النقل الحضري إلى المساحات الخضراء والبنية التحتية. وهي أيضا دعوة لتأمين أبسط حقوق المواطنين الذين يجدون في الحدائق والشوارع ملاذا ليليا هربا من لهيب حرارة المنازل.
من جانبه، يكشف الفاعل الجمعوي يوسف شكرة عن أبعاد أخرى للأزمة، معتبرا أن 'الظلام الحالك' الذي يلف القلب النابض للمدينة ليس وليد الصدفة. ويوضح شكرة أن 'صفقة استثمارية أبرمت بين جماعة فاس ودولة أجنبية لشراء مصابيح في إطار ما كان يسمى بالنجاعة الطاقية، لم تنفذ بالشكل المطلوب'، مشيرا إلى 'ضعف التصور لدى المجلس في تدبير هذا الإشكال المزمن'.
ويؤكد المتحدث أن المشكلة لم تعد تقتصر على مركز المدينة، بل امتدت لتشمل مقاطعات كبرى مثل المرينيين والمسيرة وفاس المدينة، مما 'سيشكل صعوبة حقيقية للأطقم الأمنية في مراقبة السير والجولان وتأمين المواطنين'. وفي ختام حديثه، وجه شكرة نداء لمختلف الفعاليات السياسية في مجلس المدينة والمقاطعات للتحرك العاجل 'لإنقاذ مدينة فاس من الإهمال والضياع الذي تعاني منه في صمت'.