اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢١ أيار ٢٠٢٥
وجه النائب البرلماني محمد والزين، باسم الفريق الحركي، انتقادات قوية لواقع منظومة التربية والتكوين في المغرب، مؤكدا أن القطاع يعاني من إعطاب واختلالات متراكمة عبر الحكومات المتعاقبة، واصفا المنظومة بـ 'المكلومة' التي لم تعرف بعد طريق الإصلاح الحقيقي.
وانطلق النائب خلال جلسة الأسئلة الشهرية بمجلس النواب أمس الإثنين من مبدأ أساسي يعتبر أن رأس مال الشعوب هو التربية، وأن الجهل ليس فقط عدوا، بل هو أيضا 'أكثر كلفة من التعليم'، مشيرا إلى أن حتى الأستاذ السيء يكلف الوطن أكثر من الأستاذ الموهوب الذي قد يبدو مكلفا، مستحضرا المقولة التي تربط بين فتح المدارس وإغلاق السجون، ومتسائلا بمرارة عما إذا كانت مدارسنا قد نجحت في هذا، أم أن السجون اكتظت بفتح المدارس، في إشارة إلى فشل النظام الحالي في أداء دوره المنشود.
واستعرض النائب والزين تاريخا طويلا من محاولات الإصلاح غير المكتملة، مشيرا إلى تعاقب حوالي 39 وزيرا و16 مشروعا إصلاحيا جعلت التعليم حقلا للتجارب، ورغم الاهتمام الملكي البالغ الذي تجسد في 13 خطابا ورسالتين ساميتين بين عامي 2008 و2018 حول القطاع، إلا أن الإصلاح الجذري لم يتحقق بعد.
وركز على القانون الإطار للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي حظي بتوافق واسع بين الأغلبية والمعارضة وتمت المصادقة عليه، معتبرا إياه بمثابة 'الطريق السيار' للإصلاح، لكنه اتهم الحكومة الحالية بـ 'الإجهاز' على هذا القانون و'الرؤية الاستراتيجية' التي انبثق عنها، بـ 'نزوة عابرة وجرة قلم تائهة'، مما أدى إلى 'اختلاط السلك بالمسلك' وعودة القطاع إلى 'نقطة الصفر' عبر مشاورات ومناظرات جديدة، ليصبح التعليم رهينا للولايات الانتخابية المتعاقبة، وهذا ما اعتبره سببا في 'الهلاك' عوض أن تكون الحكومة 'كفة السلاك'.
وقدم النائب أرقاما وصفها بـ 'المحبطة والمسببة للاكتئاب' من التقرير العالمي للتعليم الأخير كدليل ملموس على كلفة هذا التخبط وفشل المنظومة 'المكلومة' في الحد من انتشار الجهل والضعف المعرفي. فالمغرب، حسب التقرير، صنف في المرتبة 63 من بين 72 دولة، أي ضمن آخر 9 دول، مسجلا ترتيبا متأخرا في معظم المؤشرات، وتحديدا في ذيل الترتيب العالمي لنتائج تلاميذ المستويات الابتدائية والإعدادية والثانوية في العلوم والرياضيات.
كما أشار إلى أن المغرب يحتل الرتبة ما قبل الأخيرة ضمن 57 دولة في تقييم الكفايات القرائية، وأن 60% من التلاميذ لا يتحكمون في الحد الأدنى من هذه الكفايات، وهي أرقام تعكس الكلفة الباهظة التي تدفعها البلاد نتيجة لضعف نظامها التعليمي. ولم يسلم قطاع التعليم العالي من الانتقاد، حيث أشار إلى غياب الجامعات المغربية عن التصنيفات الإفريقية المتقدمة، مؤكدا أن هذه الأرقام مجتمعة لا تترك مجالا للشك في الحالة الحرجة التي بلغها القطاع.
ولم يفت النائب محمد والزين أن يوجه انتقادات مباشرة لسياسات وإجراءات حكومية محددة يرى أنها تساهم في تفاقم المشكل وتعميق 'كلفة الجهل'. وتساءل عن السند القانوني لاعتماد سن الثلاثين للتوظيف في التعليم، معتبرا ذلك تعديلا جزئيا لنظام الوظيفة العمومية دون مقاربة شمولية.
كما استغرب بشدة عدم عقد اللجنة الوطنية لتتبع تفعيل القانون الإطار برئاسة رئيس الحكومة نفسه ولا اجتماع واحد منذ تنصيب الحكومة، رغم أن القانون نشر منذ عام 2019 وكان مبرمجا للتنزيل خلال ثلاث سنوات، وهو ما يعني في نظره 'قبر الرؤية الاستراتيجية ودفن القانون الإطار'.
وانتقد أيضا مبادرة 'مدارس الريادة'، ورغم أنها 'جميلة' في فكرتها، إلا أن تركيزها في بعض الجهات وإهمالها في العالم القروي يقضي على مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في القانون الإطار ويزيد من الفارق بين التعليم في المدينة والقرية، مقترحا أن تكون الريادة قد بدأت من القرية التي تعاني أصلا من الخصاص.
كما استعرض البرلماني ذاته التراجع عن بناء عدد من الكليات والمؤسسات المبرمجة، متسائلا عما إذا تم فعلا بناء أقطاب جامعية كبديل، مستدلا بوضعية جامعة ابن زهر التي تغطي مساحة واسعة وعدد كبير من الطلبة مقابل ضعف البنية التحتية كالحي الجامعي. واختتم بتسليط الضوء على هزالة المنح الجامعية (20 درهما لليوم لطلبة الإجازة و38 للدكتوراه) في ظل موجة التضخم، معتبرا إياها 'أضحوكة' لا تسمح بإعداد باحثين وكفاءات، خصوصا وأن معظم المستفيدين هم من عائلات فقيرة.