الجزائر تمنع أساتذة التاريخ من التصريح للإعلام الأجنبي لتكريس السردية الرسمية

في خطوة تعكس توجها متزايدا نحو ضبط الخطاب الأكاديمي وتنسيقه مع السياسات الرسمية، أصدرت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف مذكرة داخلية تمنع أساتذة قسم التاريخ من التصريح لوسائل الإعلام الأجنبية دون ترخيص مسبق وصريح من الإدارة.

القرار، الذي يحمل رقم 258/2025 والمؤرخ بتاريخ 8 ماي 2025، يأتي في سياق توجيهات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ويهدف ـ حسب المذكرة ـ إلى 'حماية صورة المؤسسة وضمان انسجام الخطاب الأكاديمي مع التوجيهات الرسمية للدولة'.

وحسب نص المذكرة، التدي تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن المنع يشمل مختلف أنواع وسائل الإعلام الأجنبية، سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مكتوبة أو إلكترونية. وقد شددت العمادة على أن كل تصريح يتم خارج الأطر الإدارية المعتمدة، يعد خرقا للإجراءات التنظيمية، ويعرّض صاحبه للمساءلة التأديبية.

وأكدت إدارة الكلية، في الوثيقة الموقعة من عميد الكلية، على ضرورة 'التقيد الصارم بهذه التعليمة'، معتبرة أنها تأتي انسجاما مع التعليمات التنظيمية المعمول بها في مؤسسات التعليم العالي الجزائرية، في ظل الحرص على ضبط الخطاب الجامعي، خصوصا في المجالات ذات الحساسية التاريخية والسياسية.

ويأتي هذا الإجراء في سياق أوسع من التحولات التي تعرفها السياسة التعليمية في الجزائر، والتي تهدف، بحسب مراقبين، إلى تكريس مزيد من الرقابة على الخطابات الأكاديمية المرتبطة بالهوية والتاريخ وسياسات الدولة، في محاولة لـ 'تأميم' السرديات الوطنية وتوجيهها وفق منظور الدولة.

يشار إلى النيابة العامة لدى محكمة الدار البيضاء بالعاصمة الجزائر، أعلنت الأسبوع المنصرم، عن إيداع المؤرخ محمد الأمين بلغيث الحبس المؤقت، على خلفية تصريحات اعتُبرت مساسا بالوحدة الوطنية.Algerian food

وأوضحت النيابة، في بيان رسمي اطلعت عليه جريدة “العمق”، أن التحقيقات فُتحت عقب تداول مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه بلغيث خلال مقابلة مع قناة “سكاي نيوز عربية”، يصف فيها الأمازيغية بأنها “مشروع صهيوني فرنسي”.

وأضاف البيان أن هذه التصريحات تُعد “انتهاكًا صريحًا للمبادئ الدستورية، واعتداءً على أحد ركائز الهوية الوطنية”، مشيرا إلى توجيه تهم للمؤرخ تتعلق بـ”القيام بفعل يمسّ بالوحدة الوطنية”، و”المساس بسلامة التراب الوطني”، و”نشر خطاب الكراهية والتمييز عبر وسائل الإعلام”.

وفي مارس الماضي قضت محكمة الجنح في الدار البيضاء بالعاصمة الجزائر ، بالسجن خمس سنوات نافذة بحق الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي يقبع رهن الاحتجاز منذ نوفمبر الماضي، وذلك على خلفية اتهامات تتعلق، من بينها، بـ'المساس بوحدة الوطن'، وفق ما أفاد به مراسل وكالة فرانس برس.

وجاء توقيف صنصال عقب الإدلاء بتصريحات أثارت جدلا واسعا خلال مقابلة أجراها مع قناة فرنسية إلكترونية، حيث أكد فيها أن الصحراء الشرقية، التي تشمل مناطق مثل تندوف وبشار، كانت تاريخياً تابعة للمغرب قبل أن تُلحق بالجزائر في عهد الاستعمار الفرنسي.