اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٩ أيلول ٢٠٢٥
أكد متدخلون في الدورة الثامنة للمؤتمر الدولي لجمعية 'إم فارما'، المنعقدة يوم السبت بالرباط تحت شعار 'الصيدلاني والعمل الإنساني'، أن 157 دواء فقط تستهلك أكثر من نصف التعويضات التي تصرفها صناديق التأمين الصحي على نفقات الأدوية، في حين غالبا ما تُصرف هذه الأدوية خارج الصيدليات، ما يحرم الصيادلة من متابعة طرق توزيعها أو مراقبة استهلاكها بشكل فعال.
وأشار المشاركون إلى أن أي مراجعة لأسعار الأدوية يجب أن تركز بالأساس على هذه الفئة من الأدوية التي تستنزف مالية منظومة التأمين الصحي، مؤكدين أن التخفيضات السابقة شملت أدوية متوسطة الأسعار فقط، ما دفع بعض المختبرات إلى التوقف عن تصنيعها، وأدى إلى اختفاء أكثر من 600 دواء من السوق، وهو ما يمثل ضررا مباشرا لحق المواطنين في الوصول إلى العلاج بشكل مستمر وفعّال.
وفي هذا السياق، طالب الحاضرون بمراجعة مشروع المرسوم الحكومي المتعلق بتحديد أسعار الأدوية، معتبرين أن المقاربة الحالية غير منصفة ولا تراعي واقع الممارسة المهنية للصيادلة. كما شددوا على ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية فعلية مع الصيادلة عند وضع السياسات الصحية، وإرساء نموذج اقتصادي جديد للصيدليات لا يقتصر على هامش الربح، بل يشمل دعم الاستمرارية المالية للصيدليات وضمان تقديم خدمات صحية عالية الجودة.
وأكد المشاركون على أهمية تحديث القوانين القديمة التي تحد من ممارسة المهنة، والتي تعود إلى الحقبة الاستعمارية، إضافة إلى تشديد الرقابة على بيع الأدوية خارج المسالك القانونية، بما يضمن حماية حقوق المواطنين ويعزز الثقة في النظام الصحي. كما طالبوا بتسريع إجراء انتخابات المجالس الجهوية لهيئة الصيادلة لضمان تمثيلية حقيقية وفعالة داخل المنظومة الصحية الوطنية.
وسلط المؤتمر الضوء على البعد الإنساني لمهنة الصيدلة، مستعرضا تجارب الصيادلة في دعم المتضررين من الكوارث الطبيعية، مثل زلزال الحوز، حيث بادر الصيادلة إلى تقديم مساعدات دوائية ومعنوية عاجلة، إضافة إلى التنسيق مع السلطات المحلية لتخفيف آثار الكارثة على المواطنين. كما تم تسليط الضوء على المبادرات التضامنية للصيادلة خارج الوطن، خاصة في فلسطين وقطاع غزة، حيث واصل الصيادلة إيصال الأدوية والمساعدات الغذائية رغم ظروف الحصار والنزاعات المسلحة، مبرزين أن هذه الجهود الإنسانية لا تقل أهمية عن المهام اليومية للصيدلي داخل الصيدلية.
وقدمت مجموعة من الصيدلانيات شهادات حول المبادرات الإنسانية، مثل حفر الآبار في مناطق نائية وتقديم الدعم المباشر للمحتاجين، إضافة إلى برامج توعية صحية مستمرة، ما يعكس التزام الصيادلة بالمجتمع والإنسانية إلى جانب واجبهم المهني.
وأكد المشاركون أن الصيدلي يضطلع بدور مزدوج، مهني وإنساني، يتجاوز صرف الدواء إلى الانخراط الكامل في دعم المجتمع والتدخل في الأزمات الكبرى، مؤكدين أن نجاح أي سياسة صحية وطنية يعتمد على الدور الحيوي للصيدلي في الميدان، سواء في مراقبة استهلاك الأدوية أو تقديم المشورة الطبية والتوعية الصحية للمرضى.
كما أبرز المؤتمر أن الصيادلة يواجهون تحديات تنظيمية واقتصادية كبيرة، تتطلب إصلاحات عاجلة لضمان استمرارية خدمات الصيدليات وحماية حق المواطنين في الحصول على الأدوية الأساسية، مع المحافظة على الاستدامة المالية للقطاع وضمان قدرة الصيدليات على الوفاء بالتزاماتها تجاه المرضى والمجتمع.
واختتم المشاركون بالتأكيد على أن تطوير مهنة الصيدلة لا يمكن أن ينجح إلا عبر مقاربة شاملة تشمل الإصلاح القانوني، وتحسين تسعير الأدوية، وتعزيز البعد الإنساني للمهنة، بما يعكس الدور الحيوي للصيدلي كشريك أساسي في المنظومة الصحية الوطنية.