لايف ستايل
موقع كل يوم -فوشيا
نشر بتاريخ: ٢٢ أيلول ٢٠٢٥
بين نجمات جيلها تظل الفنانة المصرية إلهام شاهين، واحدة من أكثر الفنانات حضورًا وإثارة للاهتمام، ليس فقط بما قدمته من أدوار مميزة صنعت منها أيقونة في السينما والدراما المصرية، بل أيضًا بجرأتها في التعبير عن آرائها، وصدقها في مواجهة الحياة بلا أقنعة، مشوار يمتد لأكثر من 45 عامًا، تخطت فيه حدود التمثيل إلى أن أصبحت رمزًا للفن الذي يحاور المجتمع ويعكس قضاياه.
في حوار الأسبوع مع موقع 'فوشيا'، تفتح إلهام شاهين قلبها للحديث عن رحلتها الطويلة في عالم الفن، ومحطات فارقة في مسيرتها وعن رسالتها للأجيال الجديدة، وأمنياتها التي لم تتحقق بعد، إلى جانب مواقف إنسانية تكشف جانبًا آخر من شخصيتها بعيدًا عن الأضواء.
إلهام شاهين: تحلو بالصبر فالحياة تحتاج إلى كفاح وتعب
كيف تصفين مسيرتك الفنية الطويلة التي امتدت لما يقارب نصف قرن؟
صعب أن أختصر مسيرتي في كلمة واحدة أو كلمتين، فأنا أعمل منذ 45 عامًا، أي ما يقارب نصف قرن، وقدمت أكثر من 100 فيلم وهو رقم ضخم، إلى جانب أكثر من 170 عملًا فنيًا متنوعًا بين السينما والمسرح والتلفزيون. لقد حظيت بفرصة العمل مع كبار المخرجين والكتّاب والنجوم، وكنت محظوظة للغاية أن أبدأ مشواري الفني مبكرًا، أثناء دراستي في معهد الفنون المسرحية، وأن أحصل على أول بطولة في حياتي وأنا لا أزال طالبة.
بعد هذه المسيرة الطويلة، ما النصيحة التي توجهينها للمواهب الشابة المصرية والعربية؟
النصيحة الأهم هي أن يحبوا ما يعملون، وأن يتحلوا بالصبر، فالحياة تحتاج إلى كفاح وتعب وتحديد هدف. أنا بدأت العمل في سن صغيرة، وكانت رحلتي مليئة بمحطات مهمة، لذلك أنصح الشباب بالمثابرة والسعي المستمر لتطوير الذات.
إلهام شاهين: عادل إمام لم يتخل عني وكنت خجولة معه
شاركتِ مع كبار المخرجين وصنّاع الفن المصريين والعرب، من الذي ترك بصمة خاصة في وجدانك كممثلة، وما أبرز ذكرياتك معهم وكيف شكلوا وعيك الفني؟
لا يمكن أن يكون هناك شخص واحد فقط يشكل وعي الفنان، بل هي سلسلة من الخبرات والتجارب التي تصقل وعي الإنسان. كنت محظوظة أن أعمل مع كبار النجوم، مثل: عادل إمام، شادية، أحمد زكي، محمود عبد العزيز، يحيى الفخراني، وحيد حامد، سمير سيف، ومحمد راضي، وغيرهم الكثير.
أنا من الفنانات المحظوظات لأن أول فيلم في حياتي، كان فيلم 'أمهات في المنفى' مع عادل إمام، وكان عمري وقتها 17 عاماً، وكنت أدرس في السنة الأولى بمعهد الفنون المسرحية. وفي عمر 20 عاماً، اختارني عادل إمام مجدداً لتقديم بطولة أمامه في فيلم 'الهلفوت' وهو من تأليف الكاتب الكبير وحيد حامد وإخراج الكبير سمير سيف.
هل من ذكريات معينة تستعيدينها من تجربتك مع عادل إمام؟
لم تكن لي ذكريات خاصة مع الفنان الكبير عادل إمام، إذ كنت خجولة للغاية، والفيلمان اللذان قدمتهما معه، جسدا شخصية بائعة خضار في الشارع، وكانا متقاربين في طبيعة الدور، لكنهما تركا علامة مهمة. الأول صورته وأنا في أول سنة بالمعهد، والثاني في سنة التخرج.
عادل إمام إنسان جدع، تعلمت منه الانضباط، وكان يسأل عني إذا عرف أنني مريضة أو تعرض أحد من أسرتي لمكروه. قد لا يلبي دعوة لحضور فرح، لكنه لا يمكن أن يتخلى عني في وقت الشدة، بل يكون أول الحاضرين.
ماذا عن ذكرياتك مع الفنانة شادية؟
لي مع الفنانة الكبيرة شادية، ذكريات مهمة في فيلم 'لا تسألني من أنا'، حين كنت طالبة بالمعهد وكان هذا الفيلم هو آخر أفلامها ومحظوظة بالعمل معها، وكنت اعتبرها بمثابة أمي. لن أنسى موقفها معي عندما تعارضت مواعيد تصوير الفيلم مع امتحاناتي، وقررت وقتها أن أتخلى عن السنة الدراسية وتأجيلها حتى لا أضيع فرصة أن أقف أمام شادية في هذا الفيلم المهم، لكنها وقفت بجانبي وطلبت جدول الامتحانات لتنسيق مواعيد التصوير بما يتوافق معه، وكانت تختار مواعيد تصوير في أوقات لا تتعارض من جدولي وكانت كل مشاهدي معها، فهذا الموقف لن تفعله إلا أم تخاف على مصلحة ابنتها.
ما الدور الذي تعتبرينه نقطة التحول الحقيقية في مسيرتك الفنية، ولماذا حمل هذا الدور بالذات كل هذا التأثير؟
بدايتي القوية كانت نقطة تحول حقيقية لأنها صنعت مني نجمة مبكراً بداية من فيلم 'أمهات في المنفى'، وحينها قال لي صُنّاع الفيلم: ستخرجين من هذا الفيلم نجمة. بالفعل كان علامة قوية وبصمة مميزة، خصوصًا أنني كنت صغيرة في العمر. كنت محظوظة أن تكون بدايتي مع كبار النجوم، وكانت انطلاقة قوية للغاية. كما أن فيلم 'الهلفوت' اعتبره نقطة تحول وهو من الأفلام المهمة التي قدمتها مع عادل إمام وحصد العديد من الجوائز، وكان بالنسبة لي بطولة حقيقية في بداياتي.
أي من الشخصيات التي جسدتها كانت الأقرب إلى شخصيتك الحقيقية، وما مدى التحدي في تقديم شخصية تحمل ملامح منكِ؟
الدور الأقرب إلى شخصيتي كان دوري في فيلم 'خلطة فوزية'، فهي امرأة جدعة وتحب الناس، وتشتهر بخلطة المربى. ورغم ظروفها البسيطة، فهي قوية جدًا ولديها مواقف شهامة مع الجميع، وشعرت أن شخصيتها قريبة مني، مع اختلاف الطبقة الاجتماعية، فهي سيدة بسيطة من أسرة متواضعة. قلت إن هذا الدور الأقرب لي لأنني في الحقيقة أحب 'اللمة' والناس، ورأيت الكثير مني في هذه الشخصية. لكن في الوقت نفسه، إذا عُرض عليّ دور يشبهني بنسبة 100% فلن أقبله، لأنني لن أضيف له شيئًا. الدور لا بد أن يحمل تحديًا وتكون فيه مساحة للإبداع والإضافة.
هل عرض عليك دور ما ورفضتيه وتمنيتِ بعد ذلك لو أنك قبلتيه؟
نعم، الدور الذي رفضته وتمنيت لو قدمته هو فيلم 'أحلام هند وكاميليا'. في ذلك الوقت كان هناك خلاف في وجهات النظر مع المخرج محمد خان، وكان الخلاف لا يتعلق بالأجر بل المواعيد وتوقيتات العمل، لكنني كنت أحب الشخصية جدًا، وكان يمكن تقريب وجهات النظر. نصيبي أنني لم أشارك فيه، لكنني تعلمت من هذه التجربة أن أكون أكثر مرونة، واعترفت بأنني كنت مخطئة حين لم أحاول تقريب وجهات النظر. بالفعل ندمت على عدم تقديم هذا الدور.
إلهام شاهين: بعض الشخصيات التي قدمتها أرهقتني وزرت طبيبا نفسيا بسببها
دائمًا ما تختارين أدوارًا ذات بعد نفسي عميق، ما خصوصية هذه الأدوار فنيًا، وهل لجأتِ يومًا إلى طبيب نفسي للتعافي من تجربة فنية أثرت عليكِ إلى حد الاندماج؟
بالتأكيد لجأت إلى طبيب نفسي في حياتي أكثر من مرة بسبب بعض الشخصيات التي أرهقتني نفسيًا. من بين هذه الأدوار شخصية مريضة الزهايمر في مسلسل 'ألفريدو'، التي أثرت عليّ بشدة، وظل تأثيرها ملازمًا لي فترة بعد انتهاء التصوير، كذلك دوري في فيلم 'حظر تجول'، حيث جسدت سيدة سجنت سنوات طويلة بعد قتلها زوجها، وكان الفيلم يناقش قضية حساسة هي زنا المحارم.
أيضًا دوري في مسلسل 'سامحوني مكانش قصدي'، كان من الأدوار الصعبة جدًا، حيث تعرضت لانهيار نفسي ونُقلت إلى المستشفى بعد التصوير وبقيت هناك عدة أيام. ودوري في مسلسل 'بطلوع الروح' مع المخرجة كاملة أبو ذكري، حين جسدت شخصية زعيمة داعش، كان من الأدوار المؤثرة جدًا نفسيًا، لدرجة أنني كنت أرى كوابيس خلال نومي بسببه.
كيف ترين تطور الشخصيات النسائية على الشاشة، وما الدور الذي تتمنين أن تلعبيه لدعم هذا التطور وتقديم صورة أكثر عمقًا للمرأة؟
أنا من أكثر الفنانات اللاتي قدمن أدوارًا منصفة للمرأة، وناقشت في أعمالي قضاياها ومشكلاتها، ودائمًا كنت منحازة لها ولكنني أحب المرأة القوية. أنا مغرمة بتقديم الشخصيات النسائية التاريخية، وأتمنى تجسيد شخصية كليوباترا.
كنت على وشك تقديم عمل عن حتشبسوت مع المخرج يوسف شاهين لكنه توقف، كما كان هناك مشروع آخر لتجسيد شخصية 'شجر الدر' – وليس 'شجرة الدر' كما يخطئ البعض – مع السيناريست يسري الجندي، لكنه أيضًا تعطل إنتاجيًا. أنا أحب هذه النوعية من الشخصيات التاريخية وأتمنى تقديم عمل عن سيدة عظيمة تركت أثرًا في التاريخ. وتقريبًا قدمت كل الأدوار وكنت حريصة على التنويع طوال مشواري، وأبحث باستمرار عن أدوار جديدة ومختلفة.
ما المشروعات الفنية الجديدة التي تشغل بالك حاليًا؟
هناك مشروعات جارية بالفعل في طور التحضير من بينها مسلسل خارج الموسم الرمضاني، ولكن لم أحسم موقفي منه، وآخر مقرر عرضه في رمضان، لكن كلاهما لا يزال في طور الكتابة.
أين وصل التحضير للجزء الثاني من فيلم 'يا دنيا يا غرامي' الذي أثار حماس الجمهور؟
أحب فيلم 'يا دنيا يا غرامي' جدًا ومتحمسة لتقديم جزء ثانٍ منه، خصوصًا أنه يضم نجمات كبيرات. وبالطبع خلال أحداث الجزء الجديد سيكون الثلاثي: أنا وهالة صدقي وليلى علوي قد كبرن وأصبحن أمهات ولديهن عائلات وأبناء، وبالتالي ستكون هناك مشاركة لنجوم شباب.
لكن المشروع متوقف إنتاجيًا. أنا سبق أن أنتجت ولكن هذا المشروع أفضل أن يكون إنتاج الغير، لأنني لست بارعة في التسويق، رغم أنني أنتجت أعمالًا نالت جوائز عديدة. فالموضوع ليس إنتاجًا فقط، بل يحتاج إلى إدارة تسويقية وعلاقات خارج مصر حتى يوزع جيداً. وشخصيًا أنا أخسر إنتاجيًا، لكنني أربح فنيًا، لأنني لا أجيد الجانب التجاري كما أجيد الجانب الإبداعي.
إلهام شاهين: يجب أن يعي الجمهور حقيقة التبرع بالأعضاء
أعلنتِ أكثر من مرة موافقتك على التبرع بأعضائك بعد الوفاة، ما الدافع الحقيقي وراء هذا القرار؟
نعم، بالفعل كتبت وصية لأهلي بالتبرع بأعضائي بعد وفاتي ليستفيد منها من يحتاجها، وأعتبر ذلك نوعًا من الصدقة الجارية. والدافع وراء القرار إنساني بحت، وهو مساعدة الناس. واعتقد أن التبرع بالأعضاء من خلال الطرق الشرعية والرسمية حلال وليس حرامًا، كما يؤكد بعض العلماء والمشايخ. الجسد يفنى بعد الموت، فما المانع أن يستفيد إنسان من قرنيتي أو قلبي أو أي عضو سليم لإنقاذ حياته.
كيف ترين تأثير هذا الموقف على وعي الجمهور بقضية إنسانية شائكة مثل التبرع بالأعضاء، خاصةً مع الجدل الأخير والزج بأسماء بعض الفنانات في قضايا الاتجار بالأعضاء؟
هناك فرق كبير بين التبرع بالأعضاء والمتاجرة بها. أنا أتحدث عن التبرع من خلال القنوات الرسمية والقانونية. للأسف ليس كل الناس لديهم وعي كافٍ بأهمية التبرع، وبعضهم يظن أنه حرام. لذلك نحن بحاجة إلى نشر وعي أكبر، لأن الهدف الأسمى من التبرع هو إنقاذ حياة إنسان.
كيف تتعاملين مع النقد الحاد والهجوم الشخصي، خاصةً عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت ساحة للنقاشات المتعددة، وكيف تفصلين بين النقد البناء والهجوم غير المبرر؟
أنا لا أدخل في اشتباك مع أشخاص لا أعرفهم على مواقع التواصل، خصوصًا أن الكثير منهم يستخدم حسابات وهمية. أميز جيدًا بين النقد البناء والنقد الهدّام الذي هدفه الهجوم والتجريح فقط. وصفحتي على السوشيال ميديا أستخدمها لنشر أعمالي، أو الإعلان عن جوائز وتكريمات، أو مشاركة أخبار أود أن يعرفها جمهوري. أما التعليقات السلبية فلا أقرأها ولا أرد عليها، خاصة إذا جاءت من حسابات مزيفة.
مؤخرًا انتشرت أنباء عن مطالبتك تدريس سيرتك الذاتية في المدارس، فما تعليقك على ذلك؟
هذا غير صحيح إطلاقًا. هناك كثيرون رددوا أنني أرغب بتدريس سيرتي الذاتية في المدارس، لكنني لم أصرح به أبدًا، ولا يصح أن أقوله أصلًا. أتحدى أي شخص أن يأتي بفيديو واحد قلت فيه ذلك. هذه مجرد شائعات مغلوطة لا أساس لها من الصحة.
أخيرًا، لو لم تكوني ممثلة، أي مهنة كنت ستختارين، ولماذا ستكون هذه المهنة بالذات؟
كنت سأختار مهنة المحاماة أو أي مهنة متعلقة بالقانون والدفاع عن الناس. فأنا إذا تبنيت موقفًا أو قضية، أدافع عنها بكل قوة، ولا أخشى في الحق لومة لائم، بل أقف ثابتة من أجل الدفاع عن العدالة والحق.