لايف ستايل
موقع كل يوم -في فن
نشر بتاريخ: ٨ نيسان ٢٠٢٥
أعلن مهرجان كان السينمائي عن تكريم النجم الأمريكي روبرت دي نيرو بالسعفة الذهبية الفخرية خلال افتتاح الدورة الثامنة والسبعين من المهرجان، مساء الثلاثاء 13 مايو المقبل، يليه إلقاء ماستر كلاس في اليوم التالي، ليعود دي نيرو إلى كان بعد 14 سنة من رئاسته لجنة التحكيم عام 2011.
المهرجان افتتح بيان الإعلان عن التكريم بصياغة مؤثرة قال فيها: هناك وجوه تجسد الفن السابع، وهناك جمل حوارية تترك أثرًا لا يُمحى على حب السينما. بأسلوبه الجوّاني، حيث ترتسم على الوجه ابتسامة رقيقة أو نظرة ساخرة، أصبح روبرت دي نيرو أسطورة سينمائية'.
عند سماعه بالتكريم صرّح دي نيرو: 'أكن مشاعرَ وثيقة لمهرجان كان، خاصة الآن في ظل كل ما يفرقنا في العالم، يُجمعّنا كان: رواة القصص، وصناع الأفلام، والمعجبون، والأصدقاء. الأمر أشبه بالعودة إلى الوطن'.
بيان المهرجان تناول السيرة السينمائية لدي نيرو، الذي شكل ظهوره على الشاشة حجر الأساس لجيل سينمائيين مدينة نيويورك، الذي أعاد تعرف السينما الأمريكية بعد الجيل الأول من مخرجي هوليوود، انطلاقًا من أدواره الأولى مع المخرج بريان دي بالما، الذي كان حديث التخرج عندما قدم مع دي نيرو ثلاثة أفلام في نهاية الستينيات دشنت لهذا الاتجاه السينمائي الجديد. الأفلام هي 'تحيات Greetings' و'حفل الزفاف The Wedding Party' و'هاي أمي Hi, Mom!'.
أسلوب دي نيرو اتضح من اللحظة الأولى، حيث ينبع فيه العنف من هدوء يتمتع بالكاريزما، استفاد فيه من نشأته البوهيمية كابن لرسّامين في مدينة نيويورك، واستلهامه من علاقته بالشارع، التي جعلته الاختيار المثالي لمخرج نيويوركي آخر ظهر آنذاك ليغير المعادلة، وهو مارتن سكورسيزي الذي وجد في دي نيرو ضالته، ليبدأ من خلال 'شوارع لئيمة Mean Streets' في 1973 شراكة فنية مذهلة مستمرة حتى يومنا هذا.
الثنائي سكورسيزي ودي نيرو قدما معًا صورًا لا تُمحى لما يُعرف بـ 'إيطاليا الصغيرة'، حيّ الإيطاليين في نيويورك والذي ارتكز فيه تاريخيًا نشاط عصابات المافيا. وفي 1974 أجاد دي نيرو في مهمة عسيرة هي تجسيد شباب فيتو كوريليوني في 'العراب الجزء الثاني The Godfather Part II'، تتلخص صعوبتها في استكمال ما بدأه مارلون براندو الذي لعب الشخصية في الجزء الأول، دون السقوط في فخ التقليد. المهمة التي أنجزها دي نيرو بنجاح كفل له أول جائزة أوسكار لأحسن ممثل مساعد.
تستمر بعدها رحلة التألق بلا توقف، ففي 1976 قدم اثنين من الأدوار التاريخية، مع برناردو بيرتولوتشي في '1900'، ومع سكورسيزي مجددًا في 'سائق التاكسي Taxi Driver'، مقدمًا شخصية ترافيس بيكل، المقاتل المضطرب العائد من فيتنام ليقود سيارة أجرة في نيويورك، والتي صارت واحدة من أهم الشخصيات في تاريخ السينما. الفيلم نال عامها السعفة الذهبية لمهرجان كان.
دي نيرو حصل على رخصة قيادة سيارة أجرة من أجل الفيلم، ثم تعلم لعب الساكسفون من أجل 'نيويورك نيويورك New York, New York'، وأضاف لوزنه 30 كيلوجرام من أجل لعب دور الملاكم في 'ثور هائج Raging Bull' الذي كان فكرته، لينال عنه أوسكار أحسن ممثل. ثم تحاور مع محبيه لفهم شخصية المحب المهووس بمقدم برامج في 'ملك الكوميديا The King of Comedy' الذي كان فيلم افتتاح مهرجان كان عام 1983. قبل أن يعود إلى كان مرتين تاليتين في الثمانينيات: مع سيرجيو ليومي في 'ذات مرة في أمريكا Once Upon a Time in America' عام 1984، ومع رولاند جوفي في 'المهمة The Mission' الذي نال السعفة الذهبية 1986 للمرة الثانية لفيلم من بطولة دي نيرو.
مع مطلع التسعينيات بدأ دي نيرو فصلًا جديدًا من مسيرته لعب فيه شخصيات سلطوية في سياق كوميدي في أفلام مثل 'كلب مجنون ومجد Mad Dog and Glory' لجون ماكنوتون، و'جاكي براون Jackie Brown' لكوينتن تارانتينو، و'أحزان المافيا Mafia Blues' لهارولد راميس، و'قابل آبائي Meet the Parents' لجاي روش.
لكن التسعينيات أيضًا كانت الفترة التي قدم فيها مع سكورسيزي ثلاثة من الأفلام الكلاسيكية 'صحبة طيبة Goodfellas' و'كاب فير Cape Fear' و'كازينو Casino'، كما بدأ في الإنتاج والإخراج، عندما أسس شركة ترايبكا للإنتاج عام 1989 وأخرج أول أفلامه 'حكاية من برونكس A Bronx Tale' عام، لينتظر 13 عامًا قبل فيلمه الثاني مخرجًا 'الراعي الصالح The Good Shepherd'.
بعد أحداث 11 سبتمبر أنشأ دي نيرو مهرجان ترايبكا السينمائي لمساعدة سكان مدينة نيويورك بعد الأزمة، كما انخرط في النشاط السياسي للمطالبة بحقوق الأقليات وتقليل العنف في المجتمع الأمريكي. واستمر في الظهور بأدوار مميزة، كظهوره الشرفي في 'جوكر Joker' لتود فيليبس، ثم عودته لكان ممثلًا مع سكورسيزي في 'قتلة قمر الوردة Killers of the Flower Moon' قبل ثلاثة أعوام.
بالتأكيد سيكون لليلة افتتاح مهرجان كان الثامن والسبعين طعمًا خاصًا بالاحتفاء بواحد من أهم الممثلين في تاريخ صناعة السينما.