لايف ستايل
موقع كل يوم -مجلة سيدتي
نشر بتاريخ: ٣١ تشرين الأول ٢٠٢٥
تُعرف مدينةُ العين بـ 'جوهرةِ الصحراء'، تلك المدينة الهادئة التي تأسر الألباب بجمالها وسحرها. محاطة بأشجار النخيل الوارفة، وتبدو كمتحفٍ حي يتحدث عن تاريخ الإمارات العريق، بينما تعكس في الوقت ذاته حاضراً مزدهراً ينبض بالحياة والتطور.
الرحلة إلى العين ليست مجرد نزهة سياحية، بل هي تجربة فريدة من نوعها تأخذك في رحلة عبر الزمن والمكان. استكشف مواقع مدرجة على قائمة التراث العالمي لـ 'يونسكو'، وتعرف إلى معالم تاريخية عريقة تحكي قصص الأجداد، وتمتع بأنشطة ترفيهية وعلاجية حديثة تضفي على الزيارة لمسة من التجدد والرفاهية.
واحة العين.. بستان النخيل وشريان الحياة
في قلبِ المدينة، تمتدُّ واحةُ العين. بساتينُ نخيلٍ ساحرةٌ، تُجسِّد توازنَ الإنسانِ مع بيئته الصحراويَّة، وتُوفِّر مظلَّةً خضراءَ، ونظاماً بيئياً متكاملاً، يقومُ على أسلوبٍ زراعي ثلاثي المستويات: محاصيلُ أرضيَّةٌ في الطبقةِ السفليَّة، وبساتينُ مثمرةٌ في الوسط، وأشجارُ نخيلٍ تعلو المكان، وتمنحُ الظلَّ والخصوبة.
ومن أبرزِ مكوِّناتِ الواحةِ نظامُ الفَلَج، وهو ابتكارٌ هندسي عبقري، يعتمدُ على قنواتٍ مائيَّةٍ، تنقلُ المياه من مصادرها الجبليَّةِ إلى البساتينِ بانتظامٍ، ما يجعلُ الزراعةَ ممكنةً في بيئةٍ صحراويَّةٍ قاسيةٍ. أمَّا 'الشريعةُ'، فهي الحوضُ المفتوحُ الذي كان يجمعُ سكَّان الواحةِ للشرب، وسقي الحيوانات، وقد تحوَّلت عبر الزمنِ إلى ملتقى اجتماعي وثقافي، يجتمعُ فيه الأهالي للحوارِ، وتبادلِ الأخبار، وحتى الاستحمامِ، وغسلِ الملابس. بهذه الطريقةِ، أصبحت الواحةُ أكثر من مجرَّد مصدرِ رزقٍ، إذ صارت قلباً نابضاً للحياةِ المجتمعيَّة.
دبي وجهة سياحيّة مناسبة للاستمتاع برحلة عائليّة قصيرة
قلعة الجاهلي.. حصن الدفاع ومركز الثقافة
من أبرزِ رموزِ العين قلعةُ الجاهلي التي بُنِيَت عامَ 1891 بأمرٍ من الشيخِ زايد الأوَّل، لتكون حصناً دفاعياً، ومقراً للحكمِ في المنطقة. القلعةُ بعمارتها الطينيَّة، وأبراجها الدائريَّة، وأسوارها العالية، تعكسُ عبقريَّةَ العمارةِ الدفاعيَّةِ في مواجهةِ طبيعةِ الصحراء.
واليوم، تحوَّلت القلعةُ إلى مركزٍ ثقافي وسياحي تحت إشرافِ دائرةِ الثقافة والسياحة في أبو ظبي، وهي تستضيفُ معارضَ فنيَّةً وتاريخيَّةً، من أهمِّها معرضُ صورِ الرحَّالةِ البريطاني ويلفريد ثيسجر الذي وثَّق حياةَ البدو في الربعِ الخالي، كما تُنظَّم فيها فعاليَّاتٌ تعليميَّةٌ وثقافيةٌ، بينها بطولاتُ الألعابِ الشعبيَّة، وحكاياتٌ من العين.
والقلعةُ، نالت جوائزَ دوليَّةً مرموقةُ، منها جائزةُ العمارةِ الدوليَّةِ 2010، وجائزةُ تيرا 2016 تكريماً لجهودِ الترميمِ والحفاظِ على التراث.
مقابر جبل حفيت.. رسائل من العصر البرونزي
عند سفوحِ جبل حفيت، ترتفعُ شواهدُ أثريَّةٌ، يزيدُ عمرها عن خمسةِ آلاف عامٍ. مقابرُ جبل حفيت، التي اكتشفتها بعثةٌ دنماركيَّةٌ عام 1959، بُنِيَت على شكلِ قبابٍ حجريَّةٍ صغيرةٍ، تستوعبُ رفات شخصَين إلى خمسةِ أشخاصٍ فقط.
وداخل هذه المدافن، وُجِدَت فخَّاريَّاتٌ مستوردةٌ من بلادِ الرافدين، وأحجارٌ كريمةٌ من وادي السند، وأسلحةٌ نحاسيَّةٌ، ما يُؤكِّد أن العين كانت جزءاً من شبكةِ تجارةٍ عالميَّةٍ في العصورِ القديمة. وقد منح إدراجُ هذه المقابرِ على قائمةِ التراثِ العالمي لـ 'يونسكو' عامَ 2011 مكانةً خاصَّةً بوصفها من أهمِّ المواقعِ الأثريَّةِ في شبه الجزيرةِ العربيَّة.
بيت الشيخ محمد بن خليفة آل نهيان
هو مَعْلَمٌ معماري بارزٌ، يعودُ تاريخه إلى عامِ 1958، وقد شُيِّد ليكون مقراً للأسرةِ الكريمة، واحتضنَ عبر عقودٍ اجتماعاتٍ ولقاءاتٍ، شكَّلت ملامحَ الحياةِ في العين.
والبيتُ، يجمعُ بين عناصرِ العمارةِ التقليديَّة مثل الحوشِ، والسطحِ، والليوان مع لمساتٍ معماريَّةٍ حديثةٍ، تعكسُ بداياتِ التحوُّلِ العمراني في الإمارات، منتصفَ القرنِ العشرين.
وبعد ترميمه، أصبح البيتُ مركزاً مجتمعياً مفتوحاً، وأُدرِجَ على قائمةِ التراثِ العالمي لـ 'يونسكو'، ليكون شاهداً حياً على التغيُّراتِ الاجتماعيَّةِ والعمرانيَّةِ التي عاشتها الدولة.
قد يهمك الاطلاع على 8 معالم تاريخية وثقافية جذابة في الإمارات العربية المتحدة
قصر المويجعي.. ولادة القادة ورمز الأصالة
قصرُ المويجعي، هو واحدٌ من أهمِّ معالمِ العين، وأكثرها رمزيَّةً. في أروقته، وُلِدَ المغفورُ له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ومن هنا حكمَ الشيخ زايد منطقةَ العين بدءاً من عام 1946. والقصرُ، يُمثِّل مزيجاً بين العمارةِ التراثيَّة، وقيمِ القيادة، وقد أُدرِجَ ضمن مواقعِ التراثِ العالمي لـ 'يونسكو'.
وإلى جواره، يقعُ مسجدُ قصر المويجعي الذي بُنِي في القرنِ الـ 19، وقد كان ملتقى الأهالي للصلاةِ والاجتماعات، ومع انتقالِ الشيخ زايد إلى القصر، ازدادت أهميته، ليبقى شاهداً على الحياةِ الدينيَّةِ والاجتماعيَّةِ في العين.
معرض القطارة.. بين الماضي والفنون المعاصرة
افتُتِحَ عامَ 2018، ليعرضَ مكتشفاتٍ أثريَّةً، تعودُ إلى العصرِ الحديدي، من أبرزها تمثالُ أسدٍ فخَّاري، لكنَّ المعرضَ لا يكتفي فقط بعرضِ الآثار، بل ويُقدِّم نفسه أيضاً بوصفه مركزاً نابضاً بالحياة، يضمُّ استديوهاتٍ للفنون، من الخطِّ العربي إلى الموسيقى والفخَّار، ويستضيفُ أعمالَ فنَّانين معاصرين، ليكون جسراً بين الماضي والإبداعِ الحديث.
استشفاء وسياحة صحية
العين، ليست وجهةً تاريخيَّةً فقط، إنها أيضاً مقصدٌ علاجي طبيعي.
• المسابح الكبريتيَّة: مياهٌ غنيَّةٌ بالمعادن، تساعدُ في علاجِ المفاصل، وتجديدِ البشرة.
• كهف الملح: الأكبرُ في الشرقِ الأوسط، ويُوفِّر بيئةً مثاليَّةً لعلاجِ أمراضِ التنفُّسِ والجلد.
• روز حفيت: محطَّةٌ متكاملةٌ، تجمعُ بين الاسترخاءِ والترفيه، من المسابحِ إلى منطقةِ الألعاب والمراكزِ العلاجيَّة.
العين أدفنتشر بارك.. واحة الإثارة
عند سفحِ جبلِ حفيت، يقفُ 'العين أدفنتشر بارك' بوصفه أوَّلَ وجهةٍ في الشرقِ الأوسط تجمعُ بين المغامراتِ المائيَّةِ والهوائيَّة. المتنزَّه، يضمُّ أطولَ قناةِ 'وايت ووتر رافتنج' صناعيَّةٍ في العالم بطولِ 1100 مترٍ، إضافةً إلى مسبحِ الأمواج، والتجديفِ بالكاياك، وخطِّ الانزلاق '1200 مترٍ'، والجسرِ الهوائي، والسوينج العملاق.
والمكانُ، يخدمُ السياحة، ويُستَخدمُ أيضاً مركزَ تدريبٍ عالمياً للفرقِ الأولمبيَّةِ في رياضاتِ التجديفِ، وركوبِ الأمواج، ما يجعله وجهةً رياضيَّةً وسياحيَّةً عالميَّةَ المستوى.
منتجع تلال العين.. رفاهية الصحراء
في منطقةِ رماح، يُقدِّم 'منتجعُ تلال العين' تجربةَ إقامةٍ فاخرةً وسطَ الصحراء. يضمُّ المكانُ فيلَّاتٍ خاصَّةً مع مسابحَ، وجاكوزي وساونا، ومطاعمَ راقيةٍ، تُقدِّم المذاقَ الإماراتي والعالمي، إضافةً إلى مركزِ سبا، يشتملُ على جلساتِ استرخاءٍ فريدةٍ.
وإلى جانبِ ذلك، يُوفِّر المنتجعُ أنشطةً صحراويَّةً، بينها الصقَّارةُ، وركوبُ الخيلِ والجمال، والرمايةُ، مع مساحاتٍ مهيبةٍ للفعاليَّات، تتَّسعُ لـ 700 شخصٍ، ما يجعله المكانَ المثالي لخلطِ المغامرةِ بالرفاهيَّة.
مدينة توازن بين الماضي والمستقبل
مدينةُ العين، ليست مجرَّد محطَّةٍ على خارطةِ السياحةِ الدوليَّة، بل هي رحلةٌ متكاملةٌ، تعكسُ تاريخَ الإمارات ووجهها الحضاري الحديث. من الواحاتِ، والقصورِ التاريخية إلى القلاعِ، والمقابرِ الأثريَّة، ومن المغامراتِ المائيَّةِ والجبليَّةِ إلى المنتجعاتِ الفاخرة، تُقدِّم العين نموذجاً فريداً، يجمعُ بين التراثِ والاستدامةِ والابتكار. إنها المدينةُ التي تقفُ عند مفترقِ الماضي والحاضر، لتقولَ لكلِّ زائرٍ: هنا تُولَدُ الحضارة، وهنا يستمرُّ العطاء.





 
  
  
  
  
  
  
  
  
 

 
  
  
  
  
  
  
  
  
 


























 
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
 