لايف ستايل
موقع كل يوم -موقع رائج
نشر بتاريخ: ٧ نيسان ٢٠٢٥
تعتبر الهجرة الجماعية للطيور التي تنتظم في تشكيل يشبه حرف Vمن المشاهد البديعة في عالم الطبيعة. هذا الترتيب ليس مجرد مظهر جمالي أو دليل على التنظيم، بل استراتيجية ذكية للغاية ذات أساس علمي يتعلق بتوفير الطاقة والتعاون بين أفراد السرب.
قوة تكنيك الحرف V
يشير العلماء إلى أن الطائر القائد في مقدمة التشكيل يقوم بشق طريقه عبر الهواء، مما يخلق تيارات هوائية صاعدة يستفيد منها بقية الطيور في الانزلاق بسهولة أكبر. هذا التعاون يقلل من الجهد البدني المطلوب للرحلات الطويلة، كما ورد في تقرير نشره موقع science.org.
وكشفت دراسة حديثة أجريت على طيور أبو منجل عن دقة هذا التنسيق الجماعي. فالأمر لا يقتصر على مجرد البقاء بالقرب من بعضها البعض، بل يتعداه إلى تحقيق تزامن مثالي في الحركة وتحديد دقيق للموقع.
يضبط كل طائر نمط طيرانه بشكل يتناسب مع التيارات الهوائية الناتجة عن الطائر الذي يسبقه، مما يؤكد أن هذا التشكيل ليس مجرد تكتيك، بل هو سلوك ذكي للغاية يهدف إلى الحفاظ على الطاقة وتقليل الإرهاق أثناء الرحلات الطويلة. وقد قدمت دراسة جديدة نشرت في مجلة Nature رؤى معمقة حول هذه الآلية الرائعة للطيران الجماعي.
كيف تساعد التكنولوجيا في فهم حركة الطيور؟
في سعي العلماء لفهم الآليات المعقدة التي تمكن الطيور من توفير الطاقة أثناء تحليقها في أسراب منظمة، تم استخدام أحدث التقنيات في مشروع فريد من نوعه لإعادة توطين طيور أبو منجل الأصلع الشمالية في قارة أوروبا. جرى توجيه هذه الطيور اليافعة خلال رحلتها الطويلة من النمسا إلى إيطاليا بواسطة طائرة خفيفة الوزن.
تم تزويد كل طائر بجهاز تسجيل بيانات متطور قادر على تتبع موقعه بدقة فائقة تصل إلى ثلاثين سنتيمترا، بالإضافة إلى تسجيل كل حركة من حركات أجنحته.
هذا الإعداد التقني المتقدم مكن الباحثين من مراقبة دقة التوقيت التي تعتمدها الطيور في رفرفة أجنحتها، وكيف تقوم بتعديل مواقعها باستمرار للحفاظ على التزامن الأمثل والاستفادة القصوى من التيارات الهوائية الناتجة عن حركة الطيور الأخرى في التشكيل.
وقد كشفت الدراسة عن اكتشاف بالغ الأهمية يتعلق بكيفية تنسيق طيور أبو منجل لحركة أجنحتها للاستفادة من تدفق الهواء الناتج عن الطائر الذي يتقدمها في السرب. فالطيور لم تكن تتبع بعضها البعض بشكل عشوائي، بل كانت تقوم بتحديد مواقعها بدقة متناهية لالتقاط أفضل قوة رفع يوفرها الهواء المتحرك خلف الطائر الأمامي.
وبفضل هذه التيارات الصاعدة، تمكنت الطيور التي تحلق في مؤخرة التشكيل من بذل جهد أقل للحفاظ على ارتفاعها في الجو.
تنسيق فعال
قد يتبادر إلى الذهن عند مشاهدة سرب من الطيور يحلق بتشكيل يشبه حرف V أن الأمر مجرد اتباع للرائد في المقدمة، لكن الحقيقة تكشف عن مستوى أعلى من التنظيم والتنسيق. فالطيور التي تحتل المواقع الخلفية تقوم بتعديل دقيق لمواقعها وحركة أجنحتها بهدف تقليل مقاومة الهواء والاضطرابات الناتجة عن تحليق الطائر الأمامي.
ومن خلال المزامنة الدقيقة لضربات أجنحتها، تتمكن هذه الطيور من الحد من فقدان الطاقة الناتج عن التيار الهوائي الهابط الذي يخلفه الطائر الذي يسبقها.
هل ينطبق هذا على طيور أخرى؟
على الرغم من أن الدراسة ركزت بشكل أساسي على طيور أبو منجل، إلا أن الباحثين لديهم اعتقاد بأن نفس الاستراتيجية الموفرة للطاقة قد تكون قابلة للتطبيق على أنواع أخرى من الطيور الكبيرة الحجم، مثل الإوز والبجع واللقالق، كما جاء في التقرير.
وبالفعل، يشير باحثون إلى أن هذه الاستراتيجية الديناميكية الهوائية لا تقتصر على أنواع قليلة من الطيور، بل تمتد لتشمل العديد من الطيور المهاجرة الأخرى. فأنواع مثل البجع والكركي والفلامنجو وحتى بعض أنواع البط تستخدم هذه الآلية الذكية للطيران بتشكيل حرف V، مما يساعدها على توفير قدر كبير من الطاقة من خلال الاستفادة من التيارات الهوائية التي يخلقها الطائر القائد، وبالتالي تقليل مقاومة الهواء أثناء الرحلات الطويلة.
لماذا تهاجر الطيور؟
تحتاج الطيور المهاجرة إلى هذا التكنيك الموفر للطاقة والجهد أثناء الهدرة من أجل سببين رئيسيين يدفعان الطيور إلى القيام بهذه الرحلات الطويلة، وهما:
التكاثر
غالبا ما تهاجر العديد من الطيور حول العالم إلى مناطق تتوافر فيها كمية كافية من الغذاء والموارد المناسبة لبناء الأعشاش وتربية الصغار خلال موسم التكاثر. هذه المناطق تتميز بأنها أكثر اعتدالا في المناخ، كما توفر تنوعا بيولوجيا غنيا بالحشرات والديدان والبذور اللازمة لتغذية الفراخ.
الغذاء
مع تغير الفصول، يمكن أن يصبح الحصول على الغذاء أمرا صعبا في بعض المناطق. لذلك، تلجأ الطيور إلى الهجرة من مكان إلى آخر، بحثا عن مصادر جديدة للغذاء خلال فترات معينة من العام. على سبيل المثال، قد تهاجر الطيور التي تتغذى على الحشرات جنوبا في فصل الشتاء عندما تختفي الحشرات في المناطق الباردة.
أنواع الطيور المهاجرة
تختلف أنماط هجرة الطيور بشكل كبير حسب النوع والمنطقة الجغرافية. بعض الأنواع تقطع مسافات قصيرة نسبيا، بينما يقطع البعض الآخر آلاف الكيلومترات بين مناطق التكاثر ومناطق الشتاء. يمكن تصنيف الطيور المهاجرة إلى عدة أنواع:
مهاجرة لمسافات طويلة
تقطع هذه الطيور مسافات هائلة بين قارات مختلفة حول العالم. على سبيل المثال: طائر الخرشنة القطبية الذي يقوم بأطول هجرة معروفة بين القطب الشمالي والقطب الجنوبي سنويا.
مهاجرة لمسافات قصيرة
تنتقل هذه الطيور بين مناطق قريبة نسبيا، غالبا داخل نفس القارة. على سبيل المثال، يمكن أن تنتقل هذه الطيور من مناطق جبلية إلى وديان، أو من مناطق داخلية إلى سواحل.
طيور الهجرة الجزئية
يمكن أن تهاجر بعض أفراد نفس النوع، بينما يبقى البعض الآخر في نفس المنطقة على مدار العام. يعتمد ذلك على عوامل مثل العمر والجنس وتوفر الموارد المحلية.
طيور مهاجرة رأسية
بعض الطيور التي تعيش في المناطق الجبلية يمكن أن تهاجر عموديا، حيث تنتقل إلى ارتفاعات أقل في فصل الشتاء، وتعود إلى الارتفاعات الأعلى في فصل الصيف.