لايف ستايل
موقع كل يوم -مجلة سيدتي
نشر بتاريخ: ٢٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
لا تزالُ أصداءُ النسخةِ الثانيةِ من WE DESIGN BEIRUT قويَّةً على الرغمِ من انقضاءِ الحدثِ الأهمِّ في لبنان على صعيدِ التصميمِ بفروعه الكثيرةِ الذي يُثبِت أن المهنَ الإبداعيَّة، تقعُ في صلبِ الهويَّة.
معارض تعكس علاقة المصممين اللبنانيين بمدينة بيروت
على مدى خمسةِ أيَّامٍ في أكتوبر 2025، وتحديداً من 22 حتى 26 من الشهر، شهدت بيروت، العاصمةُ اللبنانيَّة، حراكاً، لوَّن حياتها من خلال WE DESIGN BEIRUT الذي وقفَ خلفه فريقٌ شغوفٌ، ويُكرِّس وقتَه للثقافةِ، والتراثِ، والفنونِ، والحِرف، والتصميم، في مقدِّمتهم المؤسِّسةُ ماريانا وهبة، وسامر الأمين، المؤسِّسُ الشريك والمديرُ الإبداعي. وسمحَ الحدثُ بالتفكيرِ بعمقٍ في جوهرِ التصميم، فهو أكثر من معارضَ، تجمعُ المهندسين والمصمِّمين والحِرفيين والطلاب، واستديوهاتِ «الديزاين» ومعارضَه وبوتيكاته معاً تحت عناوينَ مختلفةٍ، إنه محاولةٌ لإنعاشِ الإبداعِ الذي يمتلك جذوراً راسخةً، لكنَّ التوتُّراتِ المتتالية، تجعله يغادرُ أسوارَ الوطنِ اللبناني. ويمكن القولُ: إن WE DESIGN BEIRUT «حركةٌ» محفِّزةٌ على الإبداعِ دون خوفٍ، أو حواجزَ، ومتيقنةٌ من أن هناك وحدةً في التنوُّع، فعلى الرغمِ من الاختلافاتِ الثقافيَّةِ بين أفرادِ المجتمعِ اللبناني إلا أن «الحركةَ»، لا تنظرُ إليها بوصفها صراعاً، بل بوصفها تنوُّعاتٍ، تُثري المجتمع، لا سيما على صعيدِ التصميمِ بفروعه.
وقد كان لافتاً، من خلال النشاطاتِ المتعدِّدة، أن الحدثَ وفيّ للعناوينِ المختلفةِ التي رفعها، والمتمثِّلةِ في التمكينِ، والاستدامةِ، والحفاظِ على الإرث، وأن عناوينَ كثيرةً في بيروت، تظلُّ «مُهمَلةً» في العادة، أو مُغلِقةً أبوابها، أصبحت تعجُّ بالناس. وفي هذا الإطارِ، نُفِضَ أخيراً الغبارُ عن مصنعِ أبرويان، وهو معملٌ للنسيجِ في منطقةِ برج حمود، كان مُغلقاً، وافتتح أبوابه مُجدَّداً لاستقبالِ معارضَ مختلفةٍ، تتعلَّقُ بالنسيجِ والمهنِ الحِرفيَّة، ما أعاد مجداً ضائعاً خاصاً بالمكان، كما أن موقعَ الحمَّاماتِ الرومانيَّةِ الأثريَّةِ وسطَ بيروت، والخالي في العادةِ، بات يستقطبُ جمهوراً عريضاً، يهتمُّ بمعاينةِ منحوتاتٍ، أبدعتها أناملُ مهندسين ومصمِّمين وفنَّانين. وعلى نهجه، افتتح برجُ المر، الشاهدُ على فصلٍ دامٍ من تاريخِ بيروت، بعد وقتٍ طويلٍ، وكذا الأمرُ لناحيةِ بنايةِ «الأونيون» في منطقةِ الصنائع، والعائدةِ إلى حقبةٍ مهمَّةٍ من تاريخِ العاصمة، وهي خمسينيَّاتُ القرنِ الماضي، في فترةِ الحداثة، إذ تخضعُ للترميمِ راهناً بعد أن حضنت بطبقاتها عروضاً مفاهيميَّةً كثيرةً.
وفي استذكارٍ للمعارضِ الأهمِّ ضمن الحدث، كان بارزاً في فيلا عودة، وهي جوهرةٌ معماريَّةٌ بيروتيَّةٌ تمزجُ بين التأثيراتِ العثمانيَّةِ والأوروبية، معرضُ معرض 'طواطم الحضور والغياب' الذي أشرفَ عليه جريجوري جاتسيريليا، القيِّمُ الفنِّي، فقد طُلِبَ من المشاركين التعبيرُ عن علاقتهم ببيروت، فأبدعَ المصمِّمون بصنعِ منحوتاتٍ، عالجت مشاعرَهم المختلطةَ تُجاه المدينة، وركَّزت على جوانبَ فيها، تعني لهم الكثير، كما تحدَّثوا عن الفقد. ولهذه الغايةِ، استخدموا وسائطَ لا حصر لها، وحرصَ بعضهم على أن يكون «تجهيزه» عملياً وقابلاً للاستخدام، فيما ذهبَ بعضهم الآخر نحو المفاهيميَّة. وفي الحمَّاماتِ الرومانيَّة، جاء معرضُ «من الماء والحجر» بإشرافِ نور عسيران، القيِّمةِ الفنيَّة، وإنتاجٍ ورعايةٍ من «أحجار رانيا ملي»، إحدى أكبرِ وأعرقِ شركاتِ تصنيعِ الرخام في المنطقة، ودعمٍ من سوليدير. هناك، تناولت المعروضاتُ الرخاميَّةُ طقوسَ الحمَّامِ الروماني من تطهيرِ الجسمِ والعقلِ إلى التواصلِ في المكانِ العام. وفي بنايةِ «الأونيون»، التي يُرمِّمها المهندسُ كريم نادر حالياً، قدَّمَ الأخيرُ معرضاً بالتعاونِ مع «أتولييه 33»، وحملت التجهيزاتُ المضاءةُ ضمن عتمةِ المكانِ «العظم» معاني عن تاريخِ المكانِ والمدينة، كما عُرِضَ في إحدى الطبقاتِ نتاجُ مصمِّمين من فئةِ الشبابِ بعنوان Rising with Purpose «ما الذي نُصمِّم من أجله حقاً؟»، وفي برجِ المر، وهو ناطحةُ سحابٍ غير مكتملةِ البناء، نُظِّمَ معرضٌ، أشرفَ على تنسيقه تيمور خوري، وياسمينة محمود، بالتعاونِ مع طارق محمود، ويوسف باسيل، وبدعمٍ من أنجيلا كييزا ونيكوليتا زاكينثينو زانثي، القيِّمتَين المعماريتَين، وقدَّم أعمالاً لطلابِ جامعاتٍ لبنانيَّةٍ، استكشفوا كيف يُشكِّل الصراعُ المكان.
حماية المهن اليدويّة
وفي إطارِ المعارضِ الحِرفيَّةِ ضمن معملِ أبرويان، كان واضحاً حمايةُ المهنِ اليدويَّةِ التي في طورِ الاندثار، منها نفخُ الزجاج، والخزفُ، والطينُ، والنسيجُ، والخيزران، والتطعيمُ بالخشب، مع تسليطِ الإضاءةِ على تعاوناتٍ بين الفنيين اليدويين والمصمِّمين، أفرزت روائعَ، تتخطَّى الجماليَّاتِ إلى حملِ رسائلَ مرتبطةٍ بالمجتمعِ والماضي والحاضرِ والمستقبل.
ولا يمكن استرجاعُ الحدثِ دون التوقُّفِ عند بصمةِ المرأةِ ومحوريَّتها في التصميمِ اللبناني سواء كانت مؤسِّسةً، أو مهندسةً، أو مصمِّمةَ ديكورٍ، أو مصمِّمةَ إضاءةٍ، أو مصمِّمةَ منتجاتٍ، أو حِرفيَّةً، أو أكاديميَّةً، أو مُنظِّمةً، لذا جاءت إحدى الندواتِ عن دورِ النساءِ الرائد، وحضورهن القوي في الحدث، فكان بياناً، تجاوزَ المرورَ العابرَ والجميل إلى الخوضِ في أساسِ التصميم منذ حملِ الإبرةِ والخيط، والعملِ ضمن حلقةٍ لخياطةِ الملابسِ وتجهيزاتِ المنزل قبل رفعِ التحدِّي، والخوضِ في مهنٍ تصميميَّةٍ صعبةٍ مثل الرخام، تزامناً مع الإبقاءِ على العاطفةِ والحلمِ والإبداع.
كلُّ مُحبَّةٍ للتصميم، تعرفُ أن هذا العالمَ واسعٌ وشاملٌ، وتخصُّصاته كثيرةٌ، وأنه يُحيط بها في كلِّ جوانبِ حياتها سواء كانت في منزلها، أو مكتبها، أو تقودُ سيارتها، أو تسيرُ في الهواءِ الطلق، أو حتى تعيشُ تجربةً ترفيهيَّةً. وفي إطارِ النسخةِ الثانيةِ من WE DESIGN BEIRUT، يمكن الخلاصةُ، أن الحدثَ في عامه الثاني، جاء بمنزلة بيانٍ عن مدى تجذُّرِ ثقافةِ التصميمِ في لبنان.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط




























