لايف ستايل
موقع كل يوم -موقع رائج
نشر بتاريخ: ٢ أيار ٢٠٢٥
في قلب القارة القطبية الجنوبية المتجمدة، حيث يتبادر إلى الذهن مشهد البطاريق كأول ما يمثل الحياة الحيوانية هناك، يختبئ مخلوق آخر أقل شهرة ولكنه يحمل في طياته أسرارا مدهشة للتكيف مع أقسى الظروف المناخية على وجه الأرض، إنه ذبابة القطب الجنوبي (Belgica antarctica).
ما هي ذبابة القطب الجنوبي؟
تعتبر هذه هي الحشرة الوحيدة التي تنتمي إلى سكان القارة الأصليين. وقد نجح علماء مؤخرا في كشف الآلية المعقدة التي تمكنها من البقاء على قيد الحياة في هذا المناخ المتطرف.
تمكن فريق بحثي دولي، بقيادة باحثين من جامعة أوساكا متروبوليتان، من التوصل إلى فهم دقيق لكيفية تعامل هذه الحشرة الدقيقة مع درجات الحرارة التي تقترب من التجمد. ويعتقد هؤلاء العلماء أن هذا الاكتشاف قد يحمل في طياته معلومات قيمة للبشر في مجالات متنوعة، مثل تقنيات الحفظ بالتبريد.
خصائص ذبابة القطب الجنوبي
يوضح البروفيسور شين جي. غوتو، الأستاذ بكلية العلوم، والدكتورة ميزوكي يوشيدا، التي كانت طالبة دراسات عليا خلال فترة البحث وتعمل حاليا باحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة ولاية أوهايو، أن هذه الذبابة الصغيرة تتكيف مع تقلبات الفصول خلال دورة حياتها التي تمتد لعامين من خلال المرور بمرحلتين متميزتين من السكون: الخمول الفوري والسبات الإجباري.
في السنة الأولى من حياتها، تدخل ذبابة القطب الجنوبي مرحلة الخمول، وهي حالة من السكون المؤقت تحدث كرد فعل مباشر للظروف البيئية القاسية. وعندما تتحسن الأحوال الجوية، تستعيد الحشرة نشاطها الطبيعي.
أما في السنة الثانية، فإنها تدخل في مرحلة السبات الإجباري، وهي فترة سكون طبيعية تحدث في وقت محدد من دورة حياة الكائن الحي، وهو شكل نادر من السكون يلاحظ عادة في الحشرات التي تعيش في المناطق ذات المناخ المعتدل.
وفي سياق شرحها لآلية التكيف هذه، ذكرت الدكتورة يوشيدا في تقرير لها: 'لقد تمكنا من تطوير طريقة لتربية ذبابة القطب الجنوبي لمدة ست سنوات متواصلة، مما سمح لنا بالكشف عن بعض الآليات التي تعتمد عليها في التكيف مع بيئتها القاسية.'
كيف تعيش في القطب الجنوبي؟
توصل الباحثون إلى أن يرقات هذه الحشرة تنمو عادة لتصل إلى طورها اليرقي الثاني بحلول فصل الشتاء الأول، ثم تدخل في حالة من الخمول. هذه الاستراتيجية تسمح لها باستئناف تطورها بسرعة فائقة في أي لحظة تتحسن فيها الظروف البيئية ويصبح الجو أكثر دفئًا بشكل مفاجئ.
وعندما يقترب فصل الشتاء الثاني، تصل اليرقات إلى طورها الرابع والأخير، لكنها لا تتحول إلى عذراء. بدلا من ذلك، تدخل في مرحلة السبات الإجباري. هذه المرحلة تضمن ظهور جميع اليرقات كحشرات بالغة في نفس الوقت مع حلول فصل الصيف القصير في القطب الجنوبي.
وبما أن حياة الحشرات البالغة لا تدوم سوى بضعة أيام قليلة يجب عليها خلالها العثور على شريك للتزاوج، فإن هذه الآلية الدقيقة للتوقيت تعتبر حاسمة لبقائها على قيد الحياة.
وفي الختام، أضاف البروفيسور غوتو: 'لقد توصلنا إلى أن السبات الإجباري لذباب القطب الجنوبي ينتهي مع بداية انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء، مما يؤدي إلى تحول جميع اليرقات إلى عذراء في نفس التوقيت وظهورها كحشرات بالغة في نفس الوقت'.
ويضيف: 'على الرغم من أن استراتيجيات التكيف الموسمي التي تتضمن قضاء فصل الشتاء عدة مرات باستخدام كل من الخمول والسبات الإجباري لم يتم الإبلاغ عنها في كائنات حية أخرى، فإننا نعتقد أن الحشرات التي تعيش في بيئات قاسية مثل القطب الشمالي والمرتفعات الشاهقة قد تستخدم استراتيجيات مماثلة للبقاء على قيد الحياة'.