ريم بن مسعود: دخلت الفن بالصدفة لكنني تركت بصمتي

تُعدّ الممثلة التونسية ريم بن مسعود، واحدة من الأسماء التي استطاعت أن تبرز في الساحة الفنية وتترك بصمتها الخاصة. وبفضل اختياراتها الدقيقة وحرصها الدائم على التميز، أصبحت واحدة من أبرز الوجوه التي يلتف حولها الجمهور ويترقب جديدها.

انطلقت ريم من مجال الإعلام والفنون الجميلة، قبل أن تجد نفسها صدفة في عالم التمثيل، لتبدأ رحلة غير متوقعة لكنها مشحونة بالشغف والإصرار. في 'حوار الأسبوع' مع موقع 'فوشيا' تكشف النجمة التونسية كواليس بداياتها، معايير اختيار أدوارها، وتجربتها مع التمثيل باللغة العربية الفصحى، وصولًا إلى طموحاتها في الإخراج وكتابة السيناريو.

ريم بن مسعود: لم يكن التمثيل من أحلامي

كيف دخلتِ المجال الفني، وهل كان لديكِ شغف خاص منذ الصغر؟

منذ طفولتي، كنت شغوفة بعالم الإخراج، وكنت أحلم بدراسة السينما. لكن بعد حصولي على البكالوريا عام 2000، لم تكن هناك جامعة حكومية تدرّس هذا التخصص، وكانت الخيارات المتاحة فقط في الجامعات الخاصة، لذلك توجهت لدراسة الفنون الجميلة.

لاحقا، حصلت على فرصة للعمل في التلفزيون، وهو المجال الذي لطالما جذبني، فكنت متحمسة لاكتشاف كيفية تصوير مسلسل أو برنامج. دخلت الإعلام أولًا، قمت بالعمل الصحفي وقدّمت برامج، ثم شغلت منصب مسؤولة 'كاستينغ'.

خلال عملي، ساعدت المخرج الكبير صلاح الدين الصيد في اختيار الممثلين لـ'سيت كوم' مسلسل 'نسيبتي العزيزة'، وهو من اقترح عليّ أداء أحد الأدوار، وكانت تلك أول تجربة تمثيلية لي.

هل كانت لديكِ الرغبة في أن تصبحي ممثلة منذ البداية؟

لم يكن التمثيل من أحلامي في البداية، فأنا لم أسعَ إليه، بل كنت منشغلة بتقديم البرامج التلفزيونية ومرتاحة في هذا المسار. لكن المخرج الراحل صلاح الدين الصيد هو من شجعني على خوض تجربة التمثيل وكان له الفضل الأكبر في فتح هذا الباب أمامي.

هل واجهتِ تحديات معينة في سبيل إثبات وجودكِ كممثلة؟

بدايتي في التمثيل لم تكن صعبة، ولم أواجه تحديات كبيرة في أدواري الأولى، بل لاقت أصداء إيجابية وحققت لي شهرة. لكن التحدي الحقيقي ظهر لاحقًا، على المدى الطويل، فمهنة التمثيل في تونس ليست سهلة بسبب قلة الإنتاج. هذه هي العقبة الأساسية التي نواجهها كفنانين، فالإبداع موجود، لكن الفرص محدودة جدا.

رغم قلة ظهورك، إلا أنك دائما ما تتركين بصمة قوية في كل عمل تشاركين فيه. ما الذي يحدد اختيارك للأدوار؟

أحرص دائما على اختيار أدوار لم أقدمها من قبل. لا أحب تكرار نفسي، وأرفض المشاركة في أعمال لا تضيف لي شيئا، حتى وإن كانت الفرصة متاحة. لهذا السبب، قد يقلّ ظهوري، لكنني أفضّل أن أظهر بدور واحد مميز يترك أثرا، على أن أكرر نفسي في شخصيات متشابهة. كل دور أقدمه يجب أن يكون تحديا جديدا، وأن يحمل قيمة فنية تبرّر وجودي فيه.

كيف تقيّمين مسيرتك الفنية حتى الآن؟ وهل تشعرين أنك في الطريق الذي كنت تطمحين إليه منذ البداية؟

أنا راضية جدا عن مشواري حتى الآن، ولم أندم على أي عمل شاركت فيه. بالعكس، أرى أن كل تجربة خضتها كانت حلقة تكمل الأخرى، خاصة أنني لم أدرس التمثيل أو المسرح أكاديميا. دخولي لعالم الفن جاء بالصدفة، ولكنني اجتهدت وتمكنت من ترك بصمة، وهذا ما يلمسه الجمهور، والحمد لله.

يعرض قريباً المسلسل التاريخي 'سيوف العرب'، كيف تصفين التجربة؟ وهل واجهت صعوبة في تقديم دور باللغة العربية الفصحى؟

كانت تجربة مسلسل 'سيوف العرب' مختلفة بلا شك، فحين تعمل خارج بلدك ومع فريق فني من مختلف أنحاء العالم العربي، تكتسب خبرة جديدة وتثري مسيرتك كممثل. كنت متحمسة جدًا لخوض تجربة التمثيل باللغة العربية الفصحى، خاصة أنني سبق وأن قدمت أدوارا باللهجة المصرية، لكن الفصحى تمثل تحديا خاصا، لا سيما في البداية، حيث يكون التركيز على النطق أكثر من الأداء. لحسن الحظ، كان هناك مشرف لغوي في موقع التصوير يساعدنا على تصحيح النطق. وبالمناسبة، يُعتبر التونسيون من بين الأفضل في المغرب العربي في التحدث بالعربية الفصحى. صحيح أن الأيام الأولى كانت صعبة، لكن سرعان ما اعتدت على الأمر، فالممثل عادة يحفظ النص أولا، ثم يُركز على تفاصيل الأداء والنطق.

ما الشخصية التي تقدمينها في 'سيوف العرب'؟

أقدم شخصية 'فيلورة'، وهي امرأة من الفايكنغ. بدأت قصتها عندما تعرضت للإصابة في معركة ضد المسلمين، فأنقذها أحد الجنود الأمويين وأخذها إلى معسكرهم. هناك، تعلمت ثقافتهم وأسلمت، ثم أصبحت تحارب في صفوف المسلمين. وأجد أن الشخصية مثيرة جدا لأنني لم أقدّم مثلها من قبل، فقد كانت تجمع بين التحدي الشخصي والحروب والمعارك، بالإضافة إلى تحولها الروحي والثقافي.

هل من صعوبات واجهتِها في ظل وجود نحو 80 نجماً عربياً؟

كان التعاون ممتازا بين جميع الممثلين. أغلب مشاهدي كانت مشتركة مع الممثل نضال نجم، وكان التعاون بيننا سلسا للغاية. على المستوى الشخصي، نضال شخص محترم جدا، وكان يُسهم في جعل أجواء التصوير أكثر راحة. وبشكل عام، كان الفريق كعائلة واحدة. كنا نعمل معا، نتبادل الأفكار، ونتدرب على المعارك والمبارزات. وكان لدينا وقت للتواصل بعد التصوير؛ ما خلق روحا من الانسجام والمرح بيننا.

ظهرتِ في دراما رمضان الماضي، ضيفة شرف في مسلسل 'الرافل'. كيف كانت تجربتكِ في هذا العمل وما الذي جذبكِ للمشاركة فيه؟

تجربتي في مسلسل 'الرافل' مميزة جدا، حيث أن هذا المسلسل ينتمي إلى نوع 'السيكودراما' الذي يعالج قضايا نفسية عميقة بأسلوب مختلف. وما جذبني للمشاركة فيه هو النص الفريد من نوعه، الذي يعكس فكرة إنسانية تتعامل مع مواقف الحياة بطرق غير تقليدية. كما أنني تعاونت مع المخرج ربيع التكالي الذي أحترمه كثيرا، وكانت العلاقة بيننا في العمل قائمة على احترام متبادل وتفاهم كبير. ورغم أن دوري كان كضيفة شرف، إلا أنني حرصت على أن يكون له تأثير فني مهم في المسلسل؛ لأنني لا أعتبر المساحة الفنية هي المعيار بل الأثر الذي يتركه الدور.

عندما يُعرض عليكِ دور كضيفة شرف، هل تهمكِ أن يكون له تأثير ومساحة فنية، أم أن الهدف هو إضافة جديدة لمسيرتكِ؟

الهدف الأول بالنسبة لي، هو أن يكون للدور تأثير حقيقي في المسلسل أو العمل الذي أشارك فيه. حجم الدور لا يهم بقدر ما يهمني أن تكون الشخصية مركبة وتضيف قيمة للعمل. وأنا لا أبحث عن الأدوار لمجرد الظهور، بل أركز على ما يمنحني الفرصة لتقديم شيء جديد. أؤمن أن كل دور يجب أن يترك بصمة ولو كانت صغيرة في العمل الفني.

كونك أماً، هل تجدين صعوبة في الجمع بين الأمومة والفن؟

بالطبع هناك صعوبة في التوازن بين الأمومة والعمل الفني، فالأطفال يحتاجون إلى اهتمام وتفرغ، وفي الوقت ذاته يتطلب الفن القدر نفسه من التركيز والاهتمام. أحيانا قد يُعرض عليّ عمل ولكنني أضطر لرفضه لأنني لا أستطيع ترك ابني وحده. وفي حال حاولت التوفيق بينهما، فإن ذلك يكون غالبا على حساب نفسي، وهذا يتطلب مجهودا نفسيا وبدنيا.

هل غيرت الأمومة من أولوياتكِ في العمل أو من اختياراتكِ للأدوار؟

نعم، الأمومة بالطبع غيّرت من أولوياتي في العمل، خاصة عندما كان ابني صغيرا، لم أكن أستطيع الابتعاد عنه لفترات طويلة. أما الآن، وبعد أن كبر، تغيرت المعطيات، وأصبح بإمكاني السفر والعمل خارج تونس. لكن في جميع الأحوال، لم تؤثر الأمومة على اختياراتي للأدوار، فأنا دائما أسعى لاختيار الأدوار التي أراها مناسبة وتمنحني الفرصة للتطور الفني.

ما أفضل قرارات اتخذتِها في الفترة الأخيرة؟

أصبحت أكثر مواظبة على ممارسة الرياضة، وأعمل على تطوير نفسي بشكل مستمر. إضافة إلى ذلك، قررت أن أدرس كتابة السيناريو بشكل مستقل عبر الإنترنت، وأنا الآن بصدد كتابة مشروع خاص بي.

كيف تؤثر 'السوشيال ميديا' على مسيرتكِ الفنية؟ وهل تشعرين بأنها وسيلة فعالة للتواصل مع الجمهور؟

بالتأكيد، 'السوشيال ميديا' تتيح لي التواصل المباشر مع الجمهور. من خلال هذه المنصات، أتمكن من مشاركة لحظات من حياتي اليومية، وأيضا نشر محتوى يتعلق بالأنشطة التي أحبها، مثل ممارستي للرياضة. كما أن هذه المنصات تساعد في بناء علاقة أعمق مع المعجبين، الذين دائما ما يرغبون في معرفة المزيد عن حياتي وتطوراتي المهنية. لكنني أحرص على أن يكون ما أنشره ذا قيمة، ويشجع الآخرين على تبني أسلوب حياة صحي وإيجابي.