اخبار ليبيا
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٨ نيسان ٢٠٢٥
خبراء يحذرون من تحول معسكر الكيماوي إلى مركز تجمع لبقايا المعارضة المسلحة الأفريقية
ما إن استعادت قوات الجيش السوداني، التي يرأسها الفريق عبد الفتاح البرهان، سيطرتها على مناطق عدة كانت تحت نفوذ عناصر قوات 'الدعم السريع'، التي يقودها محمد حمدان دقلو الملقب بـ'حميدتي'، وأبرزها العاصمة الخرطوم، برزت مخاوف أمنية إقليمية ودولية على السطح.
في مقدمة تلك المخاوف 'الارتداد العكسي' لعناصر 'الدعم السريع' على دول الجوار، لا سيما ليبيا، باعتبارها النقطة الأبرز لتجمع عناصر المعارضة التشادية والمالية والسودانية والنيجيرية.
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العميد عادل عبد الكافي إن معسكر الكيماوي بالجفرة وسط ليبيا، تتمركز به عناصر الجنجويد السودانية وعدد آخر من المرتزقة الأفارقة الذين تلقوا تدريباتهم هناك، وانتقل عدد كبير منهم للقتال في صفوف قوات 'الدعم السريع'.
ويصف عبد الكافي، حديثه مع 'اندبندنت عربية'، الارتداد العكسي لعناصر 'الدعم السريع' على ليبيا بالخطر المحدق بالأمن القومي للدولة الليبية ودول الجوار.
مركز للمرتزقة
يرى عبد الكافي أنه من الخطأ القول إن الحرب في السودان قد حطت أوزارها بمجرد سيطرة قوات الجيش السوداني على العاصمة الخرطوم، لأن قوات 'الدعم السريع' ما زالت منتشرة في غرب دارفور وجنوب أم درمان وغيرها من المناطق.
ويحذر المتخصص بالشؤون العسكرية من وصول تلك العناصر إلى ليبيا بعد فرارهم من الخرطوم وعدة مناطق سودانية أخرى أصبحت تحت سيطرة الجيش السوداني، الأمر الذي سيدفع بالمرتزقة التي قاتلت في صفوف قوات 'الدعم السريع' للتراجع والتموضع داخل الأراضي الليبية نقطة انطلاقها الأساسية، حيث يعد معسكر الكيماوي مركز تجمع لكل من عناصر المعارضة المسلحة التشادية والنيجرية والسودانية.
ويؤكد عبد الكافي أن هذا المعسكر تتمركز به عناصر الجنجويد وهم جزء من المقاتلين في قوات 'الدعم السريع' التابعة لـحميدتي، وأيضاً عناصر أفريقية أخرى تم تجنيدها من التشاد والنيجر عبر شريان الهجرة غير الشرعية.
وعلاقة بفرضية انهزام حميدتي كلياً في السودان يقول عبد الكافي إن عناصر المرتزقة الأفارقة من النيجر والتشاد والجنجويد سيلجؤون للهرب من الأراضي السودانية والانتقال إلى قاعدتهم الأساسية وهي الأراضي الليبية من ناحية الجنوب، لأنها هي نقطة بداية تحالفهم مع قوات 'الدعم السريع' من طريق الدعم الذي يقدمه لهم معسكر الرجمة الذي يقوده خليفة حفتر، وفق تأكيدات تقارير أممية ودولية.
ويؤكد المتخصص بالشؤون العسكرية أن هناك العديد من المواقع في الجنوب والوسط الليبي غير مسيطر عليها وهي تابعة لمعسكر الرجمة تتمركز بها عناصر المرتزقة وتتخذ منها قاعدة لعمليات التهريب وتجارة البشر، وتتنقل بين ليبيا وحديقتها الخلفية المتمثلة في تشاد ومالي بالاشتراك مع عناصر محلية ليبية حتى تكون هذه العمليات مصدر تغذية للمرتزقة الأفارقة على الأراضي الليبية.
وينوه أنه ستلجأ عناصر 'الدعم السريع' للأراضي الليبية في حالة استمرار انهزام حميدتي أمام قوات البرهان، مما سيدخل الأراضي الليبية في فوضى مسلحة، بسبب تحرك عناصر المرتزقة من ليبيا إلى دول الجوار من ناحية الجنوب الليبي كتشاد والنيجر ومالي ما سيزعزع أمن هذه الدول.
ويشدد عبد الكافي على أن ليبيا تعتبر مصدر قلق وتوتر للعديد من دول الساحل والصحراء نظراً لانتقال عناصر الفيلق الأفريقي الروسي الذين يحتلون قواعد ليبية مثل قاعدة الجفرة وقاعدة معطن السارة وقاعدة الخادم، وهي قواعد عسكرية أضحت مراكز لإدارة عملياتهم العسكرية، سواء كانت داخل الأراضي الليبية أو باتجاه دول الساحل والصحراء الأفريقية.
تهديد أمني
يحذر عبد الكافي من عواقب الارتداد العكسي لمرتزقة قوات 'الدعم السريع' على ليبيا، باعتبارهم عناصر مقاتلة لديها دراية عميقة في إدارة الحروب، إذ اشتركوا في العديد من المعارك ويمتلكون خبرة بدروب الصحراء والممرات الآمنة لعملية تنقلهم بين الأراضي الليبية ودول الجوار، سواء كانت تشاد أو مالي أو السودان، وهم متمرسون في عملية الجريمة المنظمة والتهريب ولديهم معرفة بالمواقع الجغرافية الصحراوية في الأراضي الليبية أو دول الجوار.
ويضيف أن تلك العناصر ستبقى تشكل تهديداً أمنياً للأراضي الليبية ودول الجوار، ما يحتاج مجهوداً محلياً ودولياً لإنهاء وجودها، وهو أمر لن يحدث في ظل الانقسام السياسي والانشقاق الأمني في ليبيا، التي ستبقي محل تهديد حقيقي من قبل المعارضة المسلحة التشادية والنيجرية والسودانية.
ونوه أنه حتى الولايات المتحدة الأميركية، التي تعمل على إنشاء قوة مشتركة ليس هدفها تأمين ليبيا بل قطع الطريق أمام مرتزقة الفيلق الأفريقي الروسي في عدم تمكينهم من نقل أسلحتهم وعناصرهم من الأراضي الليبية لدول الساحل والصحراء، أمر تجاوزته روسيا باستخدام طائرات الشحن الروسية حيث يتم نقل العتاد العسكري وعناصر المرتزقة بعد وصولهم للأراضي الليبية إلى دول الساحل والصحراء الأفريقية والسودان، مؤكداً أن روسيا خطت عدة خطوات تفوقت فيها على خطط الولايات المتحدة الأميركية واستطاعت أن تعزز مواقعها في دول الساحل والصحراء.
العقيد المتقاعد من القوات المسلحة الموريتانية البخاري مؤمل يوضح أن ليبيا كانت تؤوي حركات مسلحة أفريقية باعتبار أن الرئيس السابق معمر القذافي كان يتبنى النظام الثوري ويطمح لتصديره إلى أفريقيا، قائلاً بأن العديد من هذه المجموعات المسلحة رجعت إلى بلدانها الأصلية رفقة عتادها المسلح مباشرة بعد الإطاحة بالقذافي.
وأضاف أنه من أسباب أزمة بعض دول الساحل والصحراء الأفريقية هي العناصر المسلحة العائدة من ليبيا إبان سقوط القذافي، لأنهم أضعفوا الأنظمة الحاكمة في بلدانهم لا سيما في مالي، إذ سمحت لهم السلطات بالدخول بأسلحتهم وشكلوا حلفاء ضد الدولة المالية.
وتابع مؤمل أن الخطر في موضوع الارتداد العكسي لعناصر قوات 'الدعم السريع' على ليبيا هو أن هناك عدداً من المسلحين دافعهم في القتال ليس مالياً بل أيديولوجي، وولاؤهم غير مضمون لأي طرف بل تحكمه المصلحة.
ويشير إلى أن المرتزقة لا يشكلون خطراً فقط على البلد الذي يوجدون به بل أيضاً على البلد الذي قدموا منه وسيعودون للمكوث به، وهي الحال التي تنطبق على ليبيا، بخاصة أن هؤلاء المقاتلين تكوينهم ضعيف، سواء أخلاقياً أو مهنياً ما يدفعهم إلى ارتكاب الكثير من التجاوزات ضد المدنيين ترتقي في حالات كثيرة إلى جرائم حرب، وهذه أوضاع عاشتها جميع الدول التي استخدمت فيها المرتزقة للحرب.