اخبار ليبيا
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٤ حزيران ٢٠٢٥
مجلس السيادة الانتقالي يحتفظ بحق الرد وتدابير صارمة لحماية الحدود والدبيبة يدين 'الزج بأبناء ليبيا' في النزاع السوداني
تشهد جبهات ومحاور القتال في الحرب بين الجيش السوداني وقوات 'الدعم السريع'، تطورات متسارعة تنذر باتساع دائرة المعارك والمواجهات لتشمل محوري صحراء دارفور و'الشمالية'، إلى جانب ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب)، حيث تتواصل المواجهات العسكرية بمناطق الخوي والدبيبات شمال وجنوب كردفان، وسط تقدم بطيء للجيش في سعيه لاستعادة تلك المناطق من قبضة 'الدعم السريع'.
جبهات جديدة
ويرى مراقبون أن المعارك عقب سيطرة 'الدعم السريع' على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، باتت الآن مرشحة للاتساع أكثر لتشمل إلى جانب جبهات كردفان، مناطق جديدة في محوري صحراء دارفور والولاية 'الشمالية'، وتمهد تلك السيطرة لفتح جبهة جديدة باتجاه الشمال السوداني الذي بات في نطاق دائرة تهديدات 'الدعم السريع'.
مسيرات 'الشمالية'
وكانت مدينة الدبة بولاية الشمالية تعرضت ليل أول من أمس الثلاثاء لهجوم بطائرات مسيرة استهدف منشآت خدمية فيها، وأسفر عن جرح ثلاثة أشخاص وصفت حالتهم بالمستقرة، وفق السلطات المحلية. وأوضح المدير التنفيذي لمحلية الدبة، محمد صابر محمد أن 'الميليشيات استهدفت عدداً من المنشآت الخدمية، وأن جميع الأجهزة النظامية والقوات المساندة والمواطنين بالمحلية في حال تأهب'.
من جهة أخرى، قالت قوات 'الدعم السريع' إن الهجوم خلف خسائر كبيرة في صفوف كتيبة 'البراء بن مالك' الإسلامية والمتحالفة مع الجيش وجهاز الأمن بالمدينة.
انفتاح الصحراء
وعقب سيطرتها على منطقة المثلث الاستراتيجية على الحدود بين السودان ومصر وليبيا، أعلنت قوات 'الدعم السريع' أمس الأربعاء، انفتاحها على محور الصحراء الشمالي. وقالت في بيان إن قواتها خاضت معارك خاطفة انتهت بانسحاب الجيش جنوباً بعد تكبده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وأعلن تحالف السودان التأسيسي (تأسيس)، الذراع السياسية المتحالف مع 'الدعم السريع'، أن 'تحرير المثلث الحدودي في شمال البلاد يمثل تحولاً استراتيجياً في تأمين الحدود، تكون معه كل حدود السودان تحررت باستثناء تلك التي مع إريتريا وما تبقى منها مع مصر، فضلاً عن أن المثلث يعد معبراً تجارياً نشطاً وأحد أخطر معابر الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر'.
غارات حدودية
في الموازاة، أكدت مصادر عسكرية أن طائرات الجيش المقاتلة باشرت منذ مساء أمس التصدي لتدخل 'الجيش الوطني الليبي'، الذي يقوده المشير خليفة حفتر المساند للميليشيات المتمردة داخل الأراضي السودانية، عبر شن غارات جوية عنيفة على المثلث الحدودي (بين مصر وليبيا والسودان).
أوضحت المصادر أن الغارات أحدثت خسائر واسعة في صفوف تلك القوات الموجودة بمنطقة جبل العوينات في المثلث الحدودي، مشيرة إلى أن 'غارات مماثلة استهدفت تجمعات لقوات العدو بمنطقة المالحة شمال دارفور، ودمرت عشرات العربات المقاتلة والقتلى في صفوف الميليشيا'.
وأعلن الجيش السوداني في تعميم صحافي مقتضب، إخلاء مواقعه في المثلث الحدودي في إطار ترتيباته الدفاعية لصد العدوان.
وفي بيان منفصل اتهم الجيش القوات الموالية لحفتر بمساندة 'الدعم السريع' في الهجوم على نقاط حدودية داخل الأراضي السودانية، وعدَّه 'تعدياً سافراً على أرض السودان وشعبه'، فيما نفى 'الجيش الوطني الليبي' من جانبه أي تدخل له في الأراضي السودانية.
أهمية المثلث
وتتمتع منطقة المثلث الحدودي بين مصر وليبيا والسودان التي تضم جبل العوينات بأهمية استراتيجية جغرافية وعسكرية واقتصادية كبيرة، تمكن من يسيطر عليه من تعزيز نفوذه في المنطقة الحدودية الواسعة المفتوحة. وتنقسم منطقة المثلث جغرافياً إلى منطقتين، جنوبية (مثلث الحدود السودانية-الليبية-التشادية) تنفتح على دارفور، وشمالية (مثلث الحدود بين السودان ومصر وليبيا) منفتحة على الولاية الشمالية، وتفصل بين المنطقتين مسافة تقدر بنحو 382 كيلومتراً.
وكانت منطقة المثلث التي ظلت تحت سيطرة الجيش السوداني منذ بدء الصراع، تشكل نقطة ارتكاز محورية لضبط الامتداد الشمالي الغربي، وحماية الولاية الشمالية من أي توغل محتمل لـ'الدعم السريع' من غرب البلاد أو جنوبها.
تدابير مجلس الدفاع
وعلى خلفية اتهام السودان لجيش المشير حفتر بالمشاركة في الهجوم على المثلث الحدودي، عقد مجلس الأمن والدفاع الوطني أمس اجتماعاً برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان، بحضور أعضاء مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء ووزراء الدفاع والخارجية والثقافة والإعلام والاستخبارات العامة والاستخبارات، تناولوا خلاله التطورات الأمنية داخل البلاد والجهود المبذولة لمقابلة المتغيرات الراهنة.
وقال جراهام عبدالقادر وزير الثقافة والإعلام المكلف ضمن تصريح صحافي إن المجلس اطمأن على مجمل الأوضاع في البلاد، وما اتخذ من تدابير في هذا الشأن.
وشددت حكومة الولاية الشمالية في بيان على أن 'التدخل السافر لقوات خليفة حفتر الليبية إلى منطقة المثلث الحدودية داخل الأراضي السودانية وحدود الولاية، سيُتصدي له بكل قوة وحزم'.
الخارجية تتهم
بدورها اتهمت الخارجية السودانية 'الجيش الوطني الليبي بالمشاركة في اعتداء سافر على سيادة السودان وتهديد خطر للأمن الإقليمي والدولي، عبر انخراط كتيبة السلفية الليبية التابعة لحفتر في هجوم ميليشيات الجنجويد الإرهابية على النقاط الحدودية داخل الأراضي السودانية'.
وأشار بيان للخارجية إلى أن 'تدخل قوات حفتر في القتال بصورة مباشرة إلى جانب الميليشيات الإرهابية داخل الأراضي السودانية، يمثل تصعيداً خطراً للعدوان الخارجي على السودان وتهديداً جسيماً للأمن والاستقرار الإقليميين'.
حق الرد
وأكد البيان أن 'السودان يحتفظ بحقه المشروع كاملاً في القيام بما يتطلبه الدفاع عن سيادته وحدوده وأمنه وسلامة مواطنيه'، منوهاً بأن 'حدود السودان مع ليبيا ظلت معبراً رئيساً للأسلحة والمرتزقة لدعم الميليشيات الإرهابية، بتمويل من الإمارات وبتنسيق من قوات حفتر والجماعات الإرهابية التابعة لها'.
ودعت الخارجية 'المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية إلى إدانة هذا الاعتداء والتعامل بجدية وحزم مع هذا التهديد الخطر لسيادة السودان ووحدته والأمن والاستقرار الإقليميين، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتصدي له وردع المعتدين'.
استنكار ليبي
على نحو متصل، استنكرت وزارة الخارجية الليبية في حكومة عبدالحميد الدبيبة (التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس) 'الزج بأبناء ليبيا في أعمال من شأنها زعزعة أمن واستقرار حدود الدول الشقيقة أو الانخراط في النزاع الدائر داخل السودان'، مؤكدة أن 'المجموعة الليبية المسلحة التي شاركت في الاعتداء على الجيش السوداني في المثلث الحدودي لا تتبع لوزارة الدفاع الليبية'.
وجدد البيان تأكيد موقف حكومة الوحدة الثابت الرافض للانخراط في النزاع الدائر بالسودان والداعم لأمنه واستقراره، محملاً المسؤولية القانونية والجنائية لكل من يثبت تورطهم من أفراد وجماعات في هذه العمليات.
اتساع رقعة الحرب
في السياق، يرى الباحث الأمني والسياسي النزير عبدالرؤوف أن 'سيطرة ’الدعم السريع‘ على المثلث الحدودي من شأنها أن تمهد لاتساع جديد في دائرة الحرب يمنحها قدرة أوسع على المناورة في صحارى واسعة، وفتح جبهات قتال جديدة من الغرب نحو شمال السودان'.
كذلك يُمكِّن التحول الميداني الجديد، وفق عبدالرؤوف، 'الدعم السريع' من الهيمنة على خطوط الإمداد والإسناد اللوجيستي للجيش عبر خطوط الشمال، وبخاصة بعدما أصبحت الحرب تعتمد بصورة أكبر على التكتيك والمناورة والموجات الهجومية المتزامنة على أكثر من محور قتالي.
الحسم الجوي
ويعتقد المتحدث ذاته أن 'الكلمة العليا في الترتيبات الدفاعية التي أعلن عنها الجيش في بيان انسحابه من المثلث ستكون للطيران الحربي استباقاً لتعزيز الميليشيات لدفاعاتها في جبل عوينات، لدعم هجماتها على شمال دارفور وشمال السودان'.
ويشير عبدالرؤوف إلى أن 'الطرفين يعدان العمليات الجارية في إقليم كردفان معارك ذات أهمية وثقل عسكري خاص في المواجهات، ستتشكل على أساسها خريطة السيطرة الميدانية، إذ تقع هذه المناطق على تقاطع جغرافي استراتيجي يربط كردفان بالعاصمة والأقاليم الغربية'.
تطعيم الكوليرا
صحياً، انطلقت أمس في ولاية الخرطوم بمستشفى أم درمان التعليمي حملة التطعيم ضد الكوليرا داخل خمس من محليات الولاية.
واستعرض الاجتماع الأول للغرفة الاتحادية للتطعيم موقف الاستعدادات للحملة التي تشمل تأمين وصول الإمدادات والتدريب وتوزيع الإشراف الاتحادي على المناطق المستهدفة، إلى جانب أنشطة تعزيز الصحة، والآثار الجانبية مع مواصلة رصد حالات الكوليرا أثناء الحملة.
في الأثناء، ما زالت موجات النزوح متواصلة من مناطق الاشتباكات في غرب وجنوب كردفان، ووصلت إلى مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان أكثر 200 أسرة نازحة من تلك المناطق.
فرار واستدراج
وفي شمال دارفور بثت 'المنسقية العامة للنازحين واللاجئين' مقاطع فيديو توضح استمرارية عمليات الفرار من مدينة الفاشر ومعسكرات النازحين بها إلى منطقة 'طويلة' بسبب التدهور الأمني والإنساني المطرد بالمدينة.
واتهم ناشطون 'الدعم السريع' باستدراج واختطاف الشباب قرب الفاشر، إذ اختطفت مجموعات من منطقة قرني ونقلتهم إلى مناطق مجهولة يرجح أنها معسكرات للتجنيد القسري.
رفض الاستسلام
ورداً على مطالبة قائد ثاني قوات 'الدعم السريع' عبدالرحيم دقلو قوات الجيش و'المشتركة' الموجودة بالفاشر بالاستسلام مع ضمان خروج آمن لهم، أصدرت 'القوات المشتركة' بياناً سخرت فيه من الدعوة ووصفتها بأنها يائسة وتعكس حجم الانهيار الذي تعيشه الميليشيات المتمردة.
وقال البيان إن 'دقلو هارب من ميادين المعارك ويحاول عبثاً استنفار المواطنين والزج بالشباب في محرقة حرب خاسرة، بعدما خسر قواته وعتاده في معارك طاحنة أمام بسالة الجيش والقوات المشتركة'. وأضاف البيان أن 'من هزم في معارك الخرطوم ومدني وكردفان والصحراء، ودُحر في أكثر من 212 هجوماً على الفاشر، لا يمكنه الحديث عن الاستسلام أو طرح عروض للحماية'.
كوليرا النازحين
بدوره أعلن مجلس غرف طوارئ شمال دارفور عن ارتفاع كبير في عدد الوفيات، بسبب تفشي وباء الكوليرا داخل معسكر 'دليل بابكر' للنازحين واللاجئين إلى 12 شخصاً.
وأوضح المجلس في تعميم صحافي، أن المعسكر يعيش أوضاعاً إنسانية صعبة في ظل ضعف الخدمات الأساس وانعدام مياه الشرب النظيفة والتدهور الصحي والنقص الحاد في الكوادر الطبية.
العودة والإعمار
إلى ذلك أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) أن ملايين السودانيين يفكرون جدياً في العودة إلى العاصمة الخرطوم، على رغم التحديات الإنسانية والأمنية التي لا تزال قائمة، مؤكداً أن تهيئة الظروف المناسبة ستسهم في تسريع عودة النازحين إلى ديارهم.
وأوضح البرنامج في منشور عبر صفحته على 'فيسبوك' أن 'الوصول إلى الخدمات الأساس مثل المياه والرعاية الصحية والمأوى يشكل الخطوة الأولى نحو المستقبل'، مشيراً إلى أن هناك أيضاً فرصاً حقيقية لإعادة البناء والاستقرار.
وأكد البرنامج الأممي حاجة السودان إلى دعم دولي قوي ومستدام لضمان عودة آمنة وكريمة للمواطنين، في ظل أوضاع إنسانية معقدة وحاجة ماسة لإعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية في المناطق المتأثرة بالحرب.