قبل حلول رمضان.. تنوعت الأسباب والنتيجة ارتفاع الأسعار

مثل كل عام مع حلول شهر رمضان المبارك، تتكرر ظاهرة ارتفاع الأسعار في مختلف أنحاء البلاد وتتنوع الأسباب ما بين احتكار التجار وجشعهم، ونقص بعض المواد وقلة الاعتمادات الممنوحة للتجار، وبين نقص السيولة وتأخر المرتبات، لكن النتيجة واحدة.. غلاء قبل أيام من قدوم الشهر الفضيل.

الحاج محمد أرحيل، رب أسرة تتكون من خمسة أفراد، يقول إن ارتفاع أسعار المواد الأساسية ومنها الغذائية والخضراوات قبل دخول شهر رمضان قد يخلق أزمة كبيرة تؤثر على المواطنين ذوي الدخل المحدود مثلي تماماً، فأنا اتقاضى مرتباً ضمانياً لايتجاوز 450 ديناراً ليبياً، لاتكفي لشراء كيس دقيق وكيس سكر الذي تجاوز سعر الواحد منها 200 دينار في الأسواق.

للاطلاع على العدد 281 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

دور الجهات الرقابية والأمنية

«بالنسبة لي فقدت الأمل من هؤلاء التجار لأنهم ككل عام بمجرد اقتراب شهر الصوم، يرفعون أسعار المواد الأساسية إلى الضعف من أجل الربح السريع»، قالها أرحيل وهو يرجع ارتفاع الأسعار إلى غياب الجهات الرقابية والإدارية والأمنية وقطاع الاقتصاد بالمدينة، بالإضافة إلى جشع التجار.

أستاذ الاقتصاد بجامعة بني وليد، عثمان المبروك، يرجع زيادة الأسعار في شهر رمضان إلى زيادة الطلب، يقول: «الطلب على المواد الغذائية يرتفع في رمضان بنسبة تتجاوز 30 % عن باقي الأشهر، ما يجعل التجار يقومون برفع الأسعار، خاصة للمواد الأساسية مثل الدقيق والحليب والبيض». المبروك، يرى أيضاً أن زيادة الأسعار التي سبقت رمضان سببها التجار الكبار لأنهم يحتكرون السلع، متوقعاً مزيد الارتفاع خلال النصف الأول من شهر رمضان.

في مدينة بني وليد لم ترتفع أسعار المواد الغذائية فقط، بل ارتفعت أيضاً أسعار الخضراوات والفواكه، وسجل سعر كيلو الطماطم نحو ثلاثة دنانير، والبطاطا 2.50 دينار، والبصل ثلاثة دنانير، والفلفل الأخضر أربعة دنانير. الحاج سعد البراني أحد سكان المدينة، يرى أن الجهات المسؤولة بعيدة كل البعد عن متابعة هموم ومشاكل المواطنين، وكذلك بعيدة عن الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار، ناهيك عن تأخر المرتبات.

مراقبة الأسعار وصلاحية المواد الغذائية

في المقابل، يقول رئيس جهاز الحرس البلدي بني وليد، مصطفى بربة، «أعضاء الجهاز يقومون بدورهم من خلال متابعة ومراقبة الأسعار وصلاحية المواد الغذائية، لكن من الصعب متابعة كافة المحال والأسواق بسبب نقص الإمكانات والاحتياجات لأعضاء الجهاز». ويطالب بربة، التجار وأصحاب الأسواق بمراعاة ظروف المواطنين وخفض الأسعار ومراعاة نقص السيولة بالمصارف التي تعمل بالمدينة.

ويرجع توفيق أحميد، صاحب محل لبيع المواد الغذائية، ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى كبار التجار ومستوردي السلع، ويقول: «هم من رفع أسعار المواد، ونحن مضطرون إلى شراء تلك السلع منهم بأسعار مرتفعة». ويضيف: «أيضاً من أسباب ارتفاع الأسعار، هلع وخوف المواطنين من عدم إمكانية حصولهم على المواد الغذائية، أو نفادها من المحال، كما حدث رمضان الماضي مع ظهور فيروس كورونا المستجد». وسجلت أسعار الدواجن البيضاء تسعة دنانير للكيلو الواحد، ولحوم الأبقار 38 ديناراً، ولحم الضأن 37 ديناراً، و40 ديناراً للحم الإبل.

توزيع سلال غذائية في بني وليد

ومثل كل عام، ومع اقتراب شهر رمضان تقوم بعض مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية في مدينة بني وليد بتوزيع عدد من السلال الرمضانية التي تضم عدداً من الأصناف مثل الأرز والزيت والطماطم والدقيق، في محاولة منها لتخفيف العبء عن الأسر المحتاجة وذات الدخل المحدود.

ولا تزال ليبيا منذ سنوات تعاني من تأخر صرف الرواتب للموظفين، بسبب ما وصفتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا ‏بـ«الإجراءات الإدارية التعسفية التي يقوم مصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة، في استغلال لحق الموظفين والعاملين في القطاع العام وتوظيف حقوقهم الاقتصادية والقانونية لابتزاز مؤسسات الدولة»، وفق بيان لها.

هل يؤثر عدم اعتماد الميزانية علىتوافر السلع؟

وفي سياق الاستعدادات الرسمية للشهر المبارك، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ان حكومته اتخذت جملة من الإجراءات لتوفير السلع بالرغم من عدم اعتماد الميزانية العامة للدولة حتى الآن. وأشار الدبيبة في كلمته لليبيين الأحد الماضي ، الى اتخاذ الحكومة جملة من الإجراءات التي من شانها رفع المعاناة عن كاهل بعض شرائح المجتمع المنضوية تحت مظلة التضامن الاجتماعي، الى جانب منحة الزوجة والأبناء، مع مراعاة صرف المتأخر منها منذ صدور القانون الخاص بها، وتعهد بصرف جميع مرتبات العاملين بالدولة مع بداية شهر رمضان المبارك.

جاء ذلك بعد أيام من إطلاق رئيس حكومة الوحدة الوطنية مبادرة بقيمة 100 مليون دينارتحت شعار «هدية رمضان»، تستهدف إعانة 200 ألف أسرة ليبية تشمل الأسر المعوزة وأسر النازحين، والأرامل والمطلقات، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وسيكون تحديد المستهدفين بالمبادرة سيكون «من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية»، على أن يتم الانتهاء من إيداع القيمة المخصصة في حسابات المستهدفين بحلول شهر رمضان المبارك، على أن يتولى صندوق التضامن الاجتماعي الإشراف عليها. ومن منطلق تعزيز الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في مجال المسؤولية الاجتماعية، من المقرر أن تسهم مجموعة من الشركات الخاصة الكبرى في المبادرة، بالإضافة إلى الشركة القابضة للاتصالات، وهيئة صندوق التضامن.

وقال مصدر مطلع إن «رجال الأعمال تبرعوا بمبلغ حوالي 100 مليون دينار للعلائلات المحتاجة والنازحين والمعاقين، بمناسبة شهر رمضان». وتابع: «تدفع هذه الأموال عن طريق صندوق التضامن، وكان النصيب الأكبر من شركة القابضة للاتصالات، حيث تبرع فيصل فرقاب بملبغ 30 مليون دينار».

تعهد حكومي بتوفير السلع

أما وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الوحدة الوطنية محمد الحويج، الذي تعهد بوضع خطة عمل قابلة للتنفيذ فيما يخص توافر السلع بالسوق المحلية، والسيطرة على الأسعار بحلول شهر رمضان المبارك، بالتعاون مع جهات ذات الاختصاص، فقد أصدر توجيها إلى رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة ، يتضمن دعوة إلى جميع رجال الأعمال المتخصصين في تصنيع وتوريد السلع الغذائية ، إلى المساهمة في تخفيف الأعباء المعيشية والمالية للأسر وما قد تتحمله من مصاريف إضافية في شهر رمضان من خلال تخفيض أسعار السلع الأساسية بنسب واضحة تعلن أثناء العرض في التجمعات التسويقية التي يزداد الطلب عليها في شهر الصيام.

ويشمل التوجيه أن هذه السلع هي الزيوت النباتية والدقيق والبيض والحليب واللحوم والأرز والمكرونة والدواجن، مطالبًا كافة رجال الأعمال باعتماد شهر رمضان موسمًا من مواسم التخفيضات، مع التفاعل مع المستجيبين عبر منح شهادات تميز تتيح لهم عددًا من المزايا في علاقاتهم مع الدولة ممثلة بالوزارة.

وفي سبها، جرت العادة قبيل شهر رمضان المبارك عند المجتمع السبهاوي خاصة، التجهيز لهذا الشهر لما له من أهمية عند المسلمين. وتقول فاطمة محمد، ربة بيت: «منذ شهر رجب أو شعبان نقوم بتجهيز بعض المواد مثل الزميتة ومكوناتها من الشعير ويتم تجهيزها وخلطها مع بعض التوابل، وهناك من يخلطها بالتمر، وآخرون يفضلونها عجيناً مع زيت الزيتون والعسل أو السمن كما يتم تحضير الرونية وهى من القمح والبقوليات وبعض من أنواع التوابل وتشرب باردة أثناء الفطور أوالسحور، كما يتم تجهيز السلحب وهو من حب القصب إلى جانب المديدة، وهي كذلك من القصب وتخلط مع الحليب، إلى جانب تجهيز التمر ومنه الجاف والمعجون والتمر العادي وخبز التنور والتريد».

الجائحة تقضي على مظاهر رمضانية

أما صالح علي، فيأسف لحرمانه من زيارة أقاربه في رمضان؛ بسبب استمرار جائحة كورونا للعام الثاني على التوالي. «الجائحة سوف تحرمنا من لقاء الأحباب والجلسات الليلية والزيارات، لكن لن يحرمنا من الطعام، كما يقول المثل الليبي رمضان يأتي برزقه أي لا نحتار».

على سعيد صاحب مطحن حبوب يعتبر شهر رمضان هو أكثر المواسم إنتاجاً بالنسبة له، يقول: «الناس تقوم بجلب الحبوب والبقوليات المختلفة التي تستعمل في شهر رمضان، ويكون هناك ازدحام علينا إلى جانب طحن القهوة العربية التي تعتبر من أساسيات الليالي الرمضانية، والحق حتى في ظل جائحة كورونا لم يتغير حال المطحن قبيل شهر رمضان».

الأمر نفسه يراه، على خليفة، بائع التمور، الذي يقول: إن الناس تشتهي مختلف أنواع التمور خاصة في رمضان، فهناك من يحبها محشوة باللوز والكاكوية، وآخرون على طبيعتها وكذلك التمور المعجونة.