اخبار العراق
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
يستهدفون منصب رئيس الوزراء أيضاً ومراقبون يستبعدون وصولهم إلى أهدافهم إلى أن يأتي جيل سياسي جديد
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في العراق المقرر إجراؤها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بدأت سلسلة التصريحات السنية التي تطالب بمنصب رئيس الجمهورية الذي كان للعرب السنة منذ بداية تشكيل الحكومة إبان فترة الحكومة الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء حينها إياد علاوي، وأسند في حينها إلى الشيخ غازي عجيل الياور، ولكن بعد أول انتخابات برلمانية عام 2005 جرى اتفاق بين القوى الشيعية والكردية على إسناد المنصب للمكون الكردي وفق صفقة لتقاسم السلطة بين الطرفين آنذاك، وقعها كل من زعيم الائتلاف الوطني الشيعي الراحل عبدالعزيز الحكيم والرئيس الراحل جلال الطالباني، وبذلك باتت عملية تشكيل الحكومة وفق مبدأ متبع منذ ذلك الحين، هو أن يكون رئيس الوزراء شيعياً، ورئيس الجمهورية كردياً، ورئيس البرلمان عربياً سنياً.
وعلى رغم مرور عقدين على هذا الاتفاق، فإنه قبل كل انتخابات نيابية تجدد قيادات عربية سنية مطالبها باستعادة المنصب مجدداً ليكون من حصتهم، وكان تبريرهم أن هذا المنصب يعبر عن حقيقة التركيبة السكانية للبلاد وواجهتها العربية.
تنص المادة 67 من الدستور العراقي على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ويمثل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان التزام الدستور، والمحافظة على استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور، كذلك اشترطت المادة 68 من الدستور العراقي أن يكون رئيس الجمهورية عراقياً بالولادة ومن أبوين عراقيين وكامل الأهلية وأتم الـ40 سنة من عمره، وذا سمعة حسنة وخبرة سياسية، ومشهوداً له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والإخلاص للوطن، وغير محكوم بجريمة مخلة بالشرف.
وقد استبق رئيس حزب 'تقدم' محمد الحلبوسي الانتخابات بأشهر من خلال مطالبته في مايو (أيار) الماضي عبر تصريحات أدلى بها، باستعادة هذا المنصب، مشدداً على أن ذلك 'ليس إلحاحاً بل تثبيتاً لمبدأ الحكم'، معتبراً أن المنصب كان ضمن حصة السنة منذ مرحلة ما بعد 2003.
وتعدت قيادات سنية المطالبة بمنصب رئيس الجمهورية لتطالب أيضاً بمنصب رئيس الوزراء، وقال القيادي السني النائب رعد الدهلكي في تصريحات صحافية 'هدفنا الحصول على رئاسة الوزراء، فهي ليست استحقاقاً شيعياً'.
يرى المتخصص في مجال العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية عصام الفيلي صعوبة حصول السنة على منصب رئيس الوزراء أو الجمهورية على رغم انسجام مطالبهم مع الدستور العراقي. يقول 'المطالب التي يرفعها العرب السنة هي مطالب نص عليها الدستور بأحقية أي جهة بتولي أي منصب من مناصب الرئاسات الثلاث، سواء رئيس الجمهورية أو الوزراء أو البرلمان، لعدم وجود مانع قانوني أو ودستوري، لكن طبيعة المعادلة السياسية يحكمها عدد مقاعد البرلمان، ومن ثم إذا استطاع السنة أن يحصلوا على الغالبية فمن حقهم أن يشكلوا الحكومة ويقدموا رئيس الوزراء من قبلهم'، وأضاف 'إذا رغب المكون السني بالحصول على منصب رئيس الجمهورية فعليه أن ينسق مع الشركاء من بقية المكونات الشيعية والكرد'، مشيراً إلى أنه في ظل الظرف الحالي الذي يشهده المكون السني من عدم وجود وحدة القرار، من الصعوبة بمكان أن يتفقوا على قرار موحد، على عكس الكرد الذين يمكن أن يتوحدوا في القضايا الاستراتيجية.
'أعتقد أن الصراع السني واضح من خلال الدعاوى القضائية والاتهامات في ما بينهم، على النقيض من البيت الكردي الذي يريد رئاسة الجمهورية ويتفقون في ما بينهم على أن الشخصية التي ستتولى هذا المنصب سيكون من (الاتحاد الوطني)، ومن ثم سيسعى الأخير إلى التفاهم مع (الديمقراطي) على أن يكون رئيس الجمهورية منه مقابل أن يكون وزير الخارجية من (الديمقراطي الكردستاني)'، بحسب الفيلي.
ويستبعد المتخصص في مجال العلوم السياسية أن يتنازل الكرد عن منصب رئيس الجمهورية على رغم أن مساحة القوة للسنة في رئاسة البرلمان أكبر من رئاسة الجمهورية، لأن منصب الرئيس أشبه ما يكون تشريفياً، بمعني أنه لا يمتلك سلطة القرار مثل رئيس مجلس النواب.
يرى الفيلي أن السنة أرادوا رفع سقف مطالبهم في عملية التفاوض لا سيما أنهم قد يواجهون مشكلة داخل البيت السني ربما تعقد مشهد تشكيل الحكومة في اختيار شخصية متفق عليها لأي من هذه المناصب، سواء الجمهورية أو البرلمان.
وبحسبه، فإن الصورة ما زالت ضبابية إلى ما بعد الانتخابات، وتبقى نتائجها ووجود الفريق التفاوضي لكل جهة من يحسم المشهد السياسي في العراق.
يرى الكاتب والصحافي باسم الشرع أن المطالب السنية تدخل في باب الدعاية الانتخابية، مشيراً إلى صعوبة تحقيقها على رغم وجود مقبولية حيالها من بعض قيادات الشيعة.
وقال الشرع 'العرف السياسي الذي اتخذ منذ عام 2005 لتقاسم السلطة بين المكونات سيستمر إلى أن يأتي جيل جديد من القيادات السياسية، فهناك اتفاقات معينة بين قيادات المكونات على هذا التقسيم: رئيس الوزراء من الشيعة، ورئيس الجمهورية من الكرد، ورئيس البرلمان من العرب السنة، وهناك دعم دولي وإقليمي من أصدقاء العراق لهذا الاتفاق لكي لا تحدث مشكلات على تقاسم السلطة في العراق'.
وبين الشرع أن من يريد تغيير الاتفاق الذي جرى منذ عام 2005 عليه أن يأخذ بنظر الاعتبار التوافق الداخلي وحتى الدولي، لأن الكرد غير مستعدين للتنازل عن منصب رئيس الجمهورية إلا في حال وجود ضغوط حقيقية أو مكاسب كبيرة تدفعهم إلى التخلي عن هذا المنصب.
ويرى أنه في ظل خلافات السنة مع حلفائهم الشيعة، والخلافات بين قيادات السنة أنفسهم، من الصعوبة تغيير المعادلة السياسية التي بنيت عليها التشكيلة الحكومية منذ عام 2005 إلا إذا حدثت متغيرات أو مفاجآت مستقبلية منها إصلاح العملية السياسية.
وخلص الشرع إلى أن طرح هذا الموضوع في الوقت الحالي هو جزء من الدعاية الانتخابية، كونه من الصعب تحققه، حتى إن بعض القيادات الشيعية تدعم مطلب تولي السنة منصب رئيس الجمهورية ولكن هذه الأماني تصطدم بالواقع.






































