اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٣٠ أيلول ٢٠٢٥
30 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: يواجه العراق في عام 2025 مفترقًا ماليًا جديدًا، إذ تتكثف الأسئلة حول قدرة الدولة على الموازنة بين وفرة نفطية لم تُستثمر كما يجب، وبين دين داخلي يتضخم إلى أرقام قياسية، ما يجعل السياسة المالية أشبه بسير فوق حبل مشدود بين مطرقة الالتزامات وسندان الاستقرار النقدي.
وتظهر أحدث التقديرات أن الدين الداخلي يقترب من عتبة المئة تريليون دينار، مدفوعًا بمقترحات لإصدار سندات جديدة لتسديد مستحقات المقاولين.
ويثير هذا الاتجاه مخاوف خبراء الاقتصاد من أن يتحول الاقتراض إلى أداة لتمويل إنفاق جارٍ بدلًا من كونه رافعة لمشاريع تنموية، الأمر الذي ينذر بزيادة التضخم وتقليص قدرة المصارف على دعم القطاع الخاص.
ويحذر خبراء مثل نبيل المرسومي من أن 'الاعتماد المفرط على أدوات الدين الداخلي قد يترك آثارًا طويلة المدى على الاستقرار المالي، خصوصًا إذا استمر تمويل النفقات التشغيلية على حساب الإنفاق الاستثماري'. ويرى أن تجاوز الدين حاجز 97 تريليونًا سيعني أن العراق يقف أمام موجة جديدة من الضغوط الاقتصادية يصعب احتواؤها بوسائل تقليدية.
ويعزز الخبير منار العبيدي هذا القلق، مستشهدًا بقرارات حكومية سابقة مثل تخفيض سعر صرف الدينار، التي رفعت كلفة الإنفاق العام بشكل كبير، فضلًا عن تضخم فاتورة الرواتب وتراجع كفاءة إدارة الوفرة النفطية. ويؤكد أن 'السياسات المالية الحالية تستنزف سيولة المصارف العامة والخاصة، ما انعكس مباشرة على نشاط السوق والإقراض الإنتاجي'.
ويذهب محللون إلى أن التناقض بين هذه القراءات يكشف جوهر الأزمة: فالمسألة ليست في حجم الدين وحده بل في غياب رؤية مالية قادرة على ربط الاقتراض بمشاريع استثمارية مستدامة. وتوضح الدراسات المقارنة أن دولًا كثيرة واجهت نسب دين أقل من العراق لكنها دخلت في أزمات عميقة بسبب سوء الإدارة وغياب التخطيط طويل الأجل.
وتنتهي الخلاصة إلى أن العراق يعيش معضلة مزدوجة: حاجة ملحة لتسديد التزامات عاجلة مثل مستحقات المقاولين، ورغبة في الحفاظ على توازن مالي يحفظ ثقة الأسواق والمصارف. وبين هذين الخطين، تبدو الحاجة ماسة إلى استراتيجية دين عام واضحة توازن بين الانضباط المالي والطموح التنموي، حتى لا تتحول السندات من وسيلة إنقاذ آنية إلى قيد ثقيل على الأجيال المقبلة.
About Post Author
زين
See author's posts