اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
21 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: تتقدّم مشاهد 'فاجعة الكوت' كمأساة تجاوزت حرائق الأبنية لتكشف احتراق النظام الإداري ذاته، حيث تصاعد الدخان من رماد فشل حكومي مزمن، لا من أسلاك كهربائية أو مواد قابلة للاشتعال.
وتتجلّى ملامح هذا العطب في جلسة البرلمان التي كان يُفترض أن تكون استثنائية بحضور رموز القرار التنفيذي، لكنها تحوّلت إلى منصة للغضب النيابي بعد تغيّب المسؤولون الكبار فضلا عن محافظ واسط ومدير الدفاع المدني، في مشهد اختصر فجوة الثقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية، وبين الدولة والمواطنين على حد سواء.
ويكشف نواب وهم يحملون نبرة احتجاج مشحونة، أن المقاطعة كانت ردّاً على إفراغ الجلسة من محتواها الجوهري، بعدما اقتصرت على كلمات باهتة لا تلامس حجم الفاجعة، ولا تفتح باب المحاسبة الفعلية. وهنا لا يتعلق الأمر بمجرد احتجاج سياسي، بل بإدانة صريحة لغياب الحوكمة الوقائية التي تنقذ الأرواح قبل أن تُحصى أرقام الضحايا.
ويفتح تصريح برلماني عن جهل المحافظين بمسؤولياتهم واختصاصاتهم ملفاً أعرض من حريق 'مول الكوت'، ليطرح السؤال الجوهري عن أهلية المسؤولين المحليين في مواجهة الكوارث. فالمعلومة التي أوردها حول عدم انعقاد أي اجتماع للدفاع المدني في بغداد وبعض المحافظات، ليست تفصيلاً إدارياً بل دليلاً على بنية رخوة لا تتقن إلا البكاء بعد كل فاجعة.
وتتجلى أزمة الدولة العراقية هنا في صورتها العارية: مسؤولون يغيبون عن المشهد عندما يكون الحضور ضرورة، وإدارات محلية لا تفقه قواعد الأمن الوقائي، ونواب يلجؤون للمقاطعة احتجاجاً على العبث المؤسسي، بينما تظل الأرواح وقوداً للفشل المزمن.
ولا تُعد الكوت استثناء، بل هي مرآة لبلاد اختلطت فيها صلاحيات المركز مع ضبابية القرار المحلي، في بلد يتكرر فيه السؤال نفسه عقب كل مأساة: من يُحاسب من؟.
About Post Author
Admin
See author's posts