اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢ أيلول ٢٠٢٥
2 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: ارتفع مستوى الخطاب الطائفي في العراق مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر المقبل، حيث استعان قادة من مختلف المكونات السياسية – السنية والشيعية والكردية – بخطاب “المظلومية” كأداة تعبئة انتخابية. ويستحضر هذا الخطاب ماضي الصراعات والحرمان، ليُقدم كل طرف نفسه باعتباره الضحية التي لم تنل استحقاقها.
وتمددت ساحة التجييش نحو وسائل التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى منصة لتكرار خطاب الشحن الطائفي، عبر حملات رقمية ممنهجة تستثمر في الذاكرة الجريحة للعراقيين، وتغذي مشاعر الريبة المتبادلة بين المكونات.
ومع ذلك، يطل التحذير من خطورة إعادة تدوير الطائفية، باعتبارها استدعاءً غير مباشر لتجربة داعش، وما جلبته من دمار ومآسٍ.
وواجه هذا التحذير برد فعل متشدد من بعض الأصوات الشيعية التي رأت في الخطاب السني المتطرف محاولة لإحياء مفردات الماضي، مثل وصف الشيعة بـ'الغوغاء' الذي يعيد إلى الأذهان خطابات النظام السابق.
وهكذا تجددت حالة عدم الثقة العميقة، لتبدو العملية السياسية أسيرة ذاكرة الانقسام أكثر من كونها أفقاً للتغيير.
وظهرت داخل الأحزاب الشيعية مراجعات محدودة لخطابها، إذ بدأت بعض القوى تتحدث عن كفاءة الأداء والإنجاز كمعيار، مركزة على مشاريع خدمية وتنموية في المحافظات، في محاولة لتجاوز منطق الانتماء الطائفي.
وفي المقابل، حاولت قوى سنية إعادة تموضعها عبر تحالفات جديدة ترفع شعارات الإعمار والخدمات، لتخاطب الجمهور بخطاب واقعي بعيد عن لغة الإقصاء.
وتمسك الأكراد بخطاب الحقوق القومية والمالية، مؤكدين أن استقرار العلاقة مع بغداد يمر عبر الالتزام بالاتفاقات المالية والسياسية. وبينما يعيدون طرح ملف حصة الإقليم من الموازنة ورواتب الموظفين، يبدون أكثر حرصاً على تثبيت مكانتهم كشريك لا مجرد مكوّن تابع.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من نصف العراقيين تحت سن الثلاثين، وأن غالبية واسعة منهم لا ترى مستقبلها في ظل انقسامات الماضي.
ويكتب بعض الناشطين في منصات التواصل بلهجة واضحة: 'لن نبقى رهائن للمظلومية.. نريد دولة تُدار بالكفاءة لا بالدم'. فيما يعبر آخرون عن يأسهم بقولهم: 'الانتخابات لعبة'.
ويعكس هذا المزاج الشعبي ازدواجية بين رغبة جامحة في التغيير، وبين قلق من قدرة النظام السياسي القائم على إفراز بدائل حقيقية.
وفي الميدان الانتخابي، تلوح بوادر تجاوز جزئي للطائفية مع ظهور مرشحين من مكونات مختلفة ضمن تحالفات محلية جديدة، تسعى إلى إقناع الناخبين بخطاب وطني جامع، وإن كان الطريق ما يزال محفوفاً بالتحديات.
ومع اقتراب لحظة الاقتراع، يقف العراق عند مفترق طرق: إما أن يستسلم مجدداً لإرث الطائفية بوصفها أداة انتخابية رابحة، أو أن يمنح الجيل الجديد فرصة لإعادة تعريف السياسة بمنطق الدولة والمواطنة.
About Post Author
Admin
See author's posts