انشقاقات تهز البيت السني تُغرق الانتخابات بالتسقيط

8 شتنبر، 2025

بغداد/المسلة:  تهتز التحالفات السنية في العراق تحت وطأة انشقاقات متسارعة، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر 2025، لتكشف عن عمق الأزمات التي تعصف بالبيت السني.

وتتكشف خفايا هذا التصدع السياسي في ظل اتهامات متبادلة بين القيادات، وتتفاقم الانقسامات نتيجة صراعات على النفوذ والموارد، مما ينذر بتشتت أصوات الناخبين السنة وإضعاف حضورهم في البرلمان المقبل.

ويبرز هذا المشهد المضطرب كنتيجة طبيعية لسنوات من الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية، التي حولت الأحزاب السنية إلى ساحة للمناورات السياسية بدلاً من منصة لتحقيق مصالح المواطن.

تفكك التحالفات: انشقاقات تُغذي الفوضى

و أعلن القيادي في تحالف الحسم الوطني، خالد الكربولي، انسحابه المفاجئ من التحالف.

وتزامن هذا الانشقاق مع خروج أربعة من قيادات تحالف عزم، إلى جانب انفصال اثنين من أبرز قيادات تحالف تقدم بزعامة محمد الحلبوسي.

ويؤكد عضو تحالف الأنبار المتحد، عبد الرزاق حسين الدليمي، أن المزيد من القيادات في محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل تستعد لإعلان انشقاقها خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى فشل هذه التحالفات في تحقيق أي إنجاز ملموس لناخبيها.

ويعزو مراقبون هذه التحركات إلى إدراك الأعضاء لعجز أحزابهم عن تمثيل تطلعاتهم، في ظل هيمنة قيادات تحولت إلى 'بورصة' لبيع المناصب والتحكم بموارد المحافظات السنية.

صراع النفوذ

ويتفاقم الوضع بسبب اتهامات خطيرة يطلقها المعارضون داخل البيت السني، الذين يتهمون قيادات الصف الأول بجمع مبالغ طائلة على حساب المواطنين، مستغلين مواقعهم لتعزيز نفوذهم الشخصي.

ويصف معارضون هذه القيادات بأنها حولت الأحزاب إلى أدوات للمتاجرة بالمناصب، مما أدى إلى إحباط الناخبين وتآكل الثقة بالعملية السياسية.

ويبرز هذا الصراع في ظل تنافس محموم على زعامة البيت السني، حيث يسعى كل من محمد الحلبوسي، زعيم حزب تقدم، وخميس الخنجر، زعيم تحالف السيادة، إلى فرض هيمنته على المشهد السني، بينما يعاني تحالف عزم من انقسامات داخلية تهدد بإضعافه أكثر.

تدخلات خارجية

ويزيد من تعقيد المشهد تدخل من خارج المشهد، حيث منح البيت السني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، صلاحية التوسط للوصول إلى توافق بين الأطراف السنية، في خطوة تعكس انعدام الثقة بين القيادات.

وحدث ذلك في وقت سابق حين تصاعدت الخلافات حول منصب رئيس البرلمان، الذي يُعتبر تقليدياً من حصة السنة.

وتشير مصادر إلى أن هذا التدخل الكردي قد يكون محاولة لتوحيد الصف السني تحت مظلة تحالف كبير، لكن المحاولات السابقة، كتشكيل تحالف السيادة في انتخابات 2021، لم تُفضِ إلى استقرار دائم، بل زادت من حدة الانقسامات بسبب الخلافات حول توزيع المناصب.

تشتت الأصوات

وينذر استمرار هذه الانشقاقات بتشتت أصوات الناخبين السنة، مما قد يضعف حضورهم في البرلمان المقبل.

وتُظهر نتائج انتخابات مجالس المحافظات في 2023 أن حزب تقدم بقيادة الحلبوسي نجح في استعادة مكانته في محافظات مثل الأنبار وبغداد، لكن هذا النجاح لم يمنع تصاعد الخلافات الداخلية.

تحديات سياسية

وتظل التحالفات السنية، كغيرها من الكتل السياسية، رهينة النظام الطائفي الذي تأسس بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003. ويؤكد الباحث السياسي إحسان الشمري أن القوى السياسية، بما فيها السنية، لم تنجح في تقديم برامج وطنية، مما يدفعها إلى الاعتماد على الخطاب الطائفي لكسب أصوات الناخبين التقليديين.

وتتفاقم هذه الأزمة مع تأثير التدخلات الإقليمية، حيث تسعى تركيا إلى دعم تحالفات سنية موحدة، بينما تحاول إيران تعزيز نفوذها عبر دعم بعض الكتل الشيعية المنافسة، مما يجعل البيت السني ساحة لصراعات خارجية تُعقد المشهد السياسي.

About Post Author

moh moh

See author's posts