اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٧ أيلول ٢٠٢٥
27 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: فتحت تصريحات المبعوث الامريكي توم باراك نقاشاً قديماً متجدداً حول معنى الشرعية السياسية في الشرق الأوسط، وحول مدى قدرة الحدود التي رسمتها القوى الاستعمارية على إنتاج دول وطنية مستقرة.
ووضعت هذه التصريحات الإصبع على جرح سايكس ـ بيكو التي ما زالت تُتهم حتى اليوم بتفكيك المجال العثماني إلى كيانات هشة، سرعان ما وجدت نفسها محاطة بصراعات هوية وطائفية وعرقية حالت دون استقرارها.
وأثار المبعوث الأميركي، توم باراك، جدلاً واسعاً بعدما صرّح من أمام البيت الأبيض بأنه 'لا يعترف بالشرق الأوسط كمنطقة سياسية شرعية'، واعتبرها 'مجرد مجموعة من القبائل والقرى التي قسّمتها القوى الأوروبية'.
وأضاف أنّ الدول القومية في الشرق الأوسط لم تنشأ بشكل طبيعي، بل رُسمت حدودها على الورق من قبل دبلوماسيين بريطانيين وفرنسيين
وأبرزت كلمات باراك مأزق الدولة الوطنية العربية التي لم تتبلور على نحو طبيعي، بل وجدت نفسها في كثير من الأحيان خاضعة لأنظمة سلطوية اعتمدت على العصبية أو النفوذ الخارجي أكثر من اعتمادها على العقد الاجتماعي الداخلي.
وفتحت هذه المقاربة الباب أمام جدل فكري بين من يرى أنّ الدولة القومية في المنطقة ما زالت طور التشكل، وبين من يعتقد أنّها كيان مصطنع يستحيل أن يكتسب شرعية حقيقية في ظل الولاءات الأولية للعائلة والقبيلة والطائفة.
وأظهرت ردود الأفعال على شبكات التواصل الاجتماعي أنّ التصريحات تُستقبل ليس فقط كتحليل أكاديمي بل كوصم استعلائي يعيد إنتاج الرؤية الاستشراقية التي تعاملت مع المنطقة بوصفها مجالاً للفوضى، لا فضاءً لإمكانات الدولة الحديثة.
وأعادت هذه السجالات إلى الأذهان أنّ الخطاب الغربي تجاه الشرق الأوسط ظل يتأرجح بين الرغبة في إعادة هندسة خرائطه والاعتراف بخصوصيته التاريخية والاجتماعية، وهو ما يجعل كل تصريح مشابه بمثابة إنعاش للذاكرة الاستعمارية.
وطرحت هذه الجدلية سؤالاً محورياً حول المستقبل: هل يمكن أن تنجح محاولات بناء دولة وطنية جامعة في ظل الانقسامات العميقة، أم أنّ المنطقة محكومة إلى الأبد بخرائط الهويات المتشابكة؟
—
About Post Author
Admin
See author's posts