البرلمان يضع العراقيل أمام الحوكمة الذكية.. والتعليم العالي تكشف المستندات القانونية

27 شتنبر، 2025

بغداد/المسلة: لا يخفى على أحد أن التحول الرقمي في التعليم العالي أصبح اليوم حاجةً ملحّة لا ترفاً، خصوصاً في بلد مثل العراق يسعى إلى إعادة بناء منظومته التعليمية والإدارية على أسس حديثة تواكب العالم. ومن أبرز الأمثلة على ذلك تطبيق HELPIQ الذي أثبت خلال فترة وجيزة أنه منصة خدمية ذات فائدة مباشرة للطلبة، إذ يوفر لهم العديد من الخدمات الأكاديمية والإدارية بأجور رمزية لا تتجاوز 66 ألف دينار سنوياً، أي ما يعادل أقل من كلفة شراء كتاب أو وجبة طعام واحدة في الشهر.

ورغم وضوح الفائدة واعتراف وزارة التعليم العالي بشرعية هذه الرسوم باعتبارها جزءاً من منظومة الرسوم الخدمية الثانوية التي لا تمس مجانية التعليم، فوجئ الشارع الأكاديمي بخطاب من مجلس النواب العراقي موجه إلى رئيس الوزراء يطالب فيه بإلغاء التطبيق.

وقد جاء هذا الخطاب متناقضاً ومربكاً، إذ صُوِّرت الرسوم على أنها خرق دستوري لمجانية التعليم، في حين أن الدستور يتحدث عن الأجور الدراسية لا عن الخدمات التقنية والإدارية المساندة.

إن موقف مجلس النواب يثير عدة تساؤلات منها مايلي :-

1. هل يعي السادة النواب الفرق بين مجانية التعليم وبين الرسوم الخدمية التي تندرج ضمن إطار تطوير البيئة الجامعية؟

2. هل الهدف فعلاً الدفاع عن الطلبة أم مجرد تسجيل موقف سياسي شعبوي؟

3. أليس من الأولى بالبرلمان أن يساند خطوات التحول الرقمي بدلاً من عرقلتها، خصوصاً في ظل ما تعانيه الجامعات من بيروقراطية إدارية وفساد مالي؟

وزارة التعليم العالي أوضحت بجلاء أن هذه الرسوم مستندة إلى قوانين نافذة (قانون 25 لسنة 2016 وقانون 22 لسنة 2024)، وأنها جزء من مشروع التحول الرقمي الذي يشمل أكثر من 120 نظاماً تقنياً يسعى إلى ترسيخ الحوكمة الذكية وتحسين العلاقة بين الطالب والأستاذ والإدارة. فكيف يجرؤ مجلس النواب على اختزال هذا الجهد الكبير في خطاب متسرع يفتقر إلى الدقة؟

الحقيقة أن موقف البرلمان لم يكن في محله، بل يُعد ضرباً لثقة الطلبة وأساتذتهم في المؤسسات التشريعية، ورسالة سلبية مفادها أن أي محاولة للتطوير ستواجه بالعرقلة والاتهام. إن ما يحتاجه العراق اليوم هو برلمان داعم للإصلاح والرقمنة ، لا برلمان يخلط بين المفاهيم الدستورية ويجعل من نفسه أداة لإضعاف مؤسسات الدولة.

إن على مجلس النواب أن يتراجع فوراً عن هذا التوجه، وأن يفتح نقاشاً مهنياً حقيقياً مع وزارة التعليم العالي بدلاً من إصدار خطابات ارتجالية، وأن يضع مصلحة الطلبة فوق الحسابات السياسية الضيقة. فالتعليم هو بوابة المستقبل، وأي تعطيل لمسار تطويره إنما هو تعطيل لمستقبل العراق كله.

About Post Author

moh moh

See author's posts