اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٢ أيلول ٢٠٢٥
22 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: تمثل رسالة مقتدى الصدر الأخيرة انعطافة جديدة في مسار جدل المشاركة والمقاطعة، إذ تعكس إصراراً على توظيف أدوات الضغط السلمية في إعادة ضبط قواعد اللعبة السياسية.
وتكشف مقاربة الصدر عن استخدام المقاطعة لا كعزوف سلبي، بل كرافعة سياسية تهدف إلى فرض مراجعة جذرية لآليات الحكم وتوازن القوى.
وتوحي اللغة الصدرية بأن الخطاب لم يعد محصوراً بالانتخابات كإجراء دوري، بل بات يلامس جوهر النظام السياسي المأزوم. وتترجم الدعوة إلى “شلع قلع” الوجوه المكرّسة في السلطة عن رؤية لإعادة تشكيل المشهد على قاعدة الإصلاح الشامل، بما يشمل معالجة السلاح المنفلت والتبعية الخارجية، وهي ملفات تعصف بشرعية الدولة العراقية منذ سنوات.
وتؤشر هذه المواقف إلى إدراك التيار الصدري أن الغياب عن صناديق الاقتراع قد يشكل بحد ذاته رسالة احتجاج، لكنها في الوقت نفسه تبقي الباب موارباً لعودة مشروطة، الأمر الذي يمنحه مساحة تفاوضية واسعة.
وتبرز هنا معادلة دقيقة: الاستعداد للتراجع عن المقاطعة في حال توفر ضمانات إصلاحية، بما يحوّل الموقف إلى ورقة ضغط مزدوجة على القوى المتنافسة.
وتعكس الرسائل المتواترة أيضاً قناعة راسخة بفشل التجارب السابقة داخل العملية السياسية، إذ يرى الصدريون أن محاولات التغيير من الداخل اصطدمت بجدار صلب من الفساد والمحاصصة وغياب الاستجابة لنصائح المرجعية.
وبهذا المعنى، يتعامل التيار مع المقاطعة كخيار استراتيجي لا كتكتيك عابر، حتى وإن حمل في ثناياه إمكانية التراجع وفق الشروط.
وتتداخل هذه المقاربة مع ذاكرة سياسية حديثة، حيث ما زالت أزمة 2021 ماثلة، حينما عجز التيار، رغم تصدره نتائج الانتخابات، عن تشكيل الحكومة أمام ما عرف بـ“الثلث المعطل”.
ومنذ ذلك الوقت، تكرس الانسحاب من البرلمان عام 2022 كخيار جذري، عزز صورة التيار باعتباره قوة احتجاجية أكثر من كونه شريكاً تقليدياً في الحكم.
وتشير هذه المسارات إلى أن الصدر يحاول إعادة التموضع بين خطاب الثورة الإصلاحية ورغبة الاحتفاظ بثقل جماهيري قادر على التأثير في موازين السياسة.
وتفتح هذه الاستراتيجية باب التساؤل حول مدى استجابة بقية القوى لشروطه، ومدى قدرة النظام السياسي على استيعاب موجة جديدة من التصعيد الرمزي والفعلي مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي.
About Post Author
Admin
See author's posts