اخبار العراق
موقع كل يوم -قناه السومرية العراقية
نشر بتاريخ: ٢٧ نيسان ٢٠٢٥
السومرية نيوز – محليات تتعدد صور وأشكال التلوث البيئي في العراق بتنوع مصادره وأسبابه، إذ لم تسلم التربة والماء والهواء والكائنات الحية من أخطار الملوثات الناتجة عن المخلفات البيئية أو نتيجة العوامل الطبيعية كالجفاف وقلة الغطاء النباتي.
وعلى الرغم من صدور قانون خاص بحماية البيئة عام 2009 ووجود نصوص تعالج موضوعة التلوث، إلا أن هناك تحديات تعترض تطبيق هذه القوانين، ووفقا لقضاة متخصصين فإن مرتكبي المخالفات البيئية تطالهم يد القانون، لكن ثمة نقصا في الخبرة والإمكانيات والتكلفة المالية العالية التي تقتضيها فحص ومراقبة مصادر التلوث المتعددة لاسيما ما يتعلق بالتلوث الإشعاعي.
وفي هذا الإطار، يرى قاضي محكمة تحقيق البصرة المختص بنظر قضايا البيئة والدفاع المدني جاسم محمد الموسوي، أن 'مسؤولية حماية البيئة هي مسؤولية مشتركة وتكاملية بين كل السلطات، فالسلطة التشريعية لابد أن تواكب تشريعاتها التطورات الحاصلة في العالم بهذا المجال وان تكون موازية للتشريعات الدولية والإقليمية، ولابد من سلطة تنفيذية تضع المحددات والثوابت البيئية في التعاملات والتعاقدات والرقابة، ومتى ما وجدت مخالفة بيئية، يظهر دور سلطات المراقبة والتحقيق متمثلة بلجان التفتيش والرقابة، ومراكز الشرطة البيئية، والتي تحيلها بدورها إلى القضاء ممثلا بقاضي التحقيق المختص بقضايا البيئة'.
وأضاف الموسوي أن 'القضاء هو ضمانة فعالة ورئيسية كفيلة بحماية البيئة، والذي يشرف على التحقيق بمساعدة الأجهزة الفنية في دوائر وزارة البيئة المختصة ومديرية الأدلة الجنائية مستندا في الغالب على قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 ومتى ما توصل التحقيق الى وجود مخالفة بيئية من خلال جمع الأدلة وفق قانون أصول المحاكمات الجزائية تحال القضايا التحقيقية إلى محكمة الموضوع (الجنح والجنايات) وهو دور القاضي الجزائي، اما دور القاضي المدني فيتمثل بجبر الأضرار البيئية وتعويضها'.
وأشار الموسوي إلى أن 'القانون منح الأجهزة الرقابية البيئية والدوائر الرقابية في الوزارات والشركات صلاحية الرقابة والتفتيش والإشراف والمتابعة للنشاطات الصناعية وغيرها التي تسبب إضرارا بالصحة العامة ناشئة عن التلوث نتيجة النفايات الضارة او الخطرة او أي نشاط يسبب تلوثا في الماء او الهواء او التربة وكذلك الكائنات الحية، حيث منحت الإدارة ممثلة بوزير البيئة او من يمثله بغلق الأنشطة المخالفة لفترات مختلفة لغاية حل المشكلات البيئية'.
وتابع أن 'القانون منح السلطة القضائية أيضا صلاحية التحقيق والمحاكمة للمواد العقابية في قانون البيئة وغيرها، وعند توصل الإجراءات التحقيقية الى وجود المخالفة تتخذ الإجراءات القانونية بحق المتسببين بها سواء كانوا من الأشخاص الطبيعيين او الأشخاص المعنوية، لتحقيق هدف القانون المتمثل بحماية وتحسين البيئة وإزالة ومعالجة الضرر الناتج عنها'.
وعن آلية تحريك الشكوى الجزائية في هذا النوع من الجرائم، يبين الموسوي أن 'الدعوى الجزائية تحرك عن طريق الإخبار الذي يقدم من الأشخاص الى قاضي التحقيق المختص وفق ما رسمه قانون أصول المحاكمات الجزائية او عن طريق مديريات البيئة في المحافظات التي تحرك الشكوى الجزائية ضد أي نشاط مخالف ترصده فرقها استنادا لقانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 كما ان مفارز مراكز شرطة البيئة ترصد المخالفات بشكل مستمر وترفع مطالعتها إلى القاضي المختص'.
وأكمل أن 'محاكم التحقيق تطبق النصوص العقابية في قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 وقانون هيئة الطاقة الذرية العراقية رقم 43 لسنة 2019 والقانون رقم 1 لسنة 2024 الخاص بالهيئة الوطنية للرقابة النووية والإشعاعية والكيمياوية والبايلوجية، وغيرها من القوانين إضافة الى المبادئ العامة المتعلقة بالمخالفات الواردة في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل'.
ولفت الموسوي الى انه 'على الرغم من صدور القانون رقم 27 لسنة 2009 الخاص بحماية وتحسين البيئة ووجود تشريعات أخرى تعالج حالات التلوث البيئي والخاصة بالتلوث الناتج عن النشاطات النووية والإشعاعية والكيمياوية والبيولوجية، إلا أن هناك قصورا كبيرا في تطبيق ما موجود في هذه القوانين لأسباب عديدة أهمها نقص الخبرة والإمكانيات والتكلفة المالية العالية التي تقتضيها فحص ومراقبة ومعالجة النفايات البيئية الخطرة'.
كما دعا المشرع الى 'مواكبة التشريعات الدولية والاتفاقيات في هذا المجال، فضلاً عن قيام منظمات المجتمع المدني بأخذ دورها الفاعل في التعريف بالقوانين البيئية وضرورة مراعاتها'.
من جانبه، يتفق قاضي محكمة جنح الناصرية في ذي قار محسن الجابري مع زميله الموسوي في تحديد أوجه القصور التي تواجه مكافحة التلوث، قائلا إن 'أغلب التحديات القانونية التي تواجه مكافحة التلوث البيئي هو قصور الأجهزة الرقابية والمتمثلة بعدم رفد مديريات البيئة بخبراء ذوي اختصاص لغرض تحديد نوع التلوث البيئي للمساعدة في ضبط المسؤولين عن ذلك التلوث نظرا لزيادة أنواع التلوث البيئي بسبب زيادة التقدم التكنلوجي، وهو ما أدى بدوره إلى صعوبة كشف ذلك التلوث والآثار الخطيرة الناشئة عنه خاصة في مجال الاتصالات وتأثير الضوضاء خاصة في المدن الكبيرة وكذلك تصور الإمكانيات المتاحة للحد من انتشار ذلك التلوث'.
ويقترح أن 'الحل لمعالجة تلك الظاهرة بإعداد خبراء وعناصر ذوي كفاءة عالية لمساعدة الأجهزة القضائية والرقابية في تثبيت أنواع التلوث البيئي وتحديد العوامل الساندة له والتخلص منها وكذلك تشريع القوانين التي تساهم في زيادة الرقابة لكل نشاط يشكل تأثيرا على البيئة'.
وينبه الجابري إلى أن 'التلوث لا يشكل اعتداء أو تهديدا لحق شخصي فحسب، إنما يتعلق باعتداء على حق المجتمع ويعتبر من جرائم الحق العام لأنه يشكل خطرا على سلامة المجتمع من خلال انتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة إذ أن أي شخص لا يمكن أن يسلم من آثاره'.
وأكد أن 'القانون اعتبر ارتكاب أي شخص مخالفة بيئية ينتج عنها تلوث بيئي جريمة يحاسب عليها القانون وحدد العقوبة لذلك الفعل وفق أحكام المادة (٣٤ / أولا) من قانون حماية وتحسين البيئة حيث أشار إلى إيقاع عقوبة الحبس والتي تصل إلى الحد الأعلى والتي لا تزيد على (٥) سنوات وبغرامة مالية كل من خالف أحكام هذا القانون وكذلك مضاعفة العقوبة في حال تكرار الفعل لأكثر من مرة'.
وتحدث القاضي عن 'تعدد صور وأشكال التلوث البيئي بتعدد المخالفات الناشئة من أي نشاط مخالف لأنظمة وتعليمات قانون البيئة'، لافتا إلى أن 'التلوث يتخذ صورا عدة، إذ ساهم تطور الحياة وزيادة التقدم التكنلوجي الحاصل في الوقت الحالي بأضرار فاقمت من التلوث البيئي متخذة عدة أنواع لم تكن معروفة قبل عشرات السنين ومنها ما يمس سلامة الأفراد والمجتمع بصورة مباشرة أو غير مباشرة'.
وبين أن 'أخطر أنواع التلوث البيئي هو ذلك الناشئ عن التلوث الإشعاعي والنووي وكذلك الإشعاع المتولد من وسائل الاتصالات الحديثة والتلوث الناشئ عن رمي مخلفات الصرف الصحي في مياه الأنهار مما يؤدي الى تلوث مصدر المياه المخصصة للاستهلاك البشري وكذلك حرق المواد الصلبة وما ينتج عنها من ابخرة وغازات'.
وهناك أشكال أخرى للتلوث، بحسب الجابري، كـ'النشاطات التي تؤدي إلى تصريف الزيوت والوقود إلى المياه السطحية وكذلك حرق النفايات بصورة عشوائية وهناك صور أخرى من التلوث البيئي كتجريف الغطاء النباتي وما يسبب ارتفاع درجات الحرارة وكذلك ما ينتج من النشاطات الاقتصادية والمتمثلة بأنشاء المعامل بصورة غير قانونية وعدم الحصول على الإجازة الخاصة لممارسة تلك النشاطات والتي تتطلب موافقة دائرة البيئة'.
المصدر: صحيفة القضاء
if(deviceType == 'Mobile'){ var MPU1 = document.createElement('div'); MPU1.id = 'MPU1' var currentScript = document.querySelector('#mpu1mobile_script'); currentScript.parentNode.insertBefore(MPU1, currentScript.nextSibling); }