اخبار العراق
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
التغيرات المناخية تلقي بظلالها على نهري دجلة والفرات
يبدو أن التغيرات المناخية والاحتباس الحراري اللذين يمر بهما العالم ألقيا بظلالهما على نهري دجلة والفرات، فبات العراق رهينة لحجم الإطلاقات المائية التي تطلقها دول الجوار، ولا سيما تركيا منبع هذين النهرين العملاقين، بصورة تهدد وجودهما ووجود ملايين الدونمات الزراعية وعشرات ملايين الأشخاص الذين يشربون من مياههما.
ودق وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب ناقوس الخطر نتيجة شح المياه ووصفها بـ'الأخطر في تاريخ البلاد'، فيما أشار إلى دراسات متقدمة لإنشاء 10 سدود مخصصة لحصاد المياه.
وأوضح ذياب في تصريح إلى الصحيفة الرسمية أن 'هذه السدود تهدف إلى خزن مياه السيول والأمطار واستثمارها في تعزيز الخزين الاستراتيجي، بخاصة في المحافظات التي تعاني انعدام الموارد السطحية.
ووصف الوزير، الشح الذي تمر به البلاد بأنه الأخطر في تاريخها، وأجبر 12 محافظة على اعتماد المياه الجوفية حصراً لتغطية حاجاتها المتنوعة، مضيفاً أن الآبار المائية تواجه مشكلتين تهددان المخزون الجوفي، هما كثرة الآبار غير المرخصة وعدم التزام الأسس العلمية لتوزيعها وحفرها.
ويعتمد العراق في تغذية أنهاره سنوياً على المياه الآتية من تركيا وإيران، خصوصاً في فصل الربيع، فضلاً عن الأمطار والثلوج، إلا أنه خلال الأعوام الأخيرة شهد انخفاضاً كبيراً وغير مسبوق، مما بدا واضحاً في انحسار مساحة نهري دجلة والفرات داخل الأراضي العراقية.
استنفاد للخزين المائي
وقال الخبير المائي تحسين الموسوي إن العراق يستهلك من خزينه المائي في سدوده، فيما انتقد استنزاف المياه الجوفية بالبلاد.
وأضاف أن 'العراق يتعرض لموسم جفاف خانق للعام الخامس على التوالي، مما أدى إلى استنزاف الخزين المائي، بسبب موجة جفاف هي الأعنف منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة'، مشيراً إلى أن الفريق التفاوضي لم يوفق في زيادة حصة البلاد المائية.
وبيّن أن 'الإيرادات المائية الواصلة إلى العراق مع زيادة حجم السكان أسفرتا عن قلة مخزون المياه مع انخفاض جودتها، إذ إن المخزون الباقي هو خارج المواصفات العالمية، بل حتى لا يصلح للزراعة في كثير من الأحيان'.
ولفت الموسوي إلى أن الإطلاقات الأخيرة من تركيا هي موقتة وما جرى هو الاتفاق على تلك الإطلاقات لشهرين فقط من دون التوصل إلى اتفاق دائم، فالعراق في حاجة إلى هذه الإطلاقات إلا أننا لا نجد تفسيراً لتحديدها بشهرين فقط.
يسير ملف المياه في العراق بسرعة جنونية نحو الآثار السلبية وزيادة نسبة التصحر، ولذلك على بغداد أن تذهب إلى تدويله لأن البلاد تتعرض لأضرار كبيرة ولديها حقوق مع الدول التي تتشارك المياه معها، بحسب الموسوي الذي اعتبر أن هناك تعسفاً في حجز المياه عن العراق من خلال إنشاء المشاريع الكبيرة التي أقيمت على نهري دجلة والفرات.
وأوضح أن العراق أعلن عن إنشاء سدود الحصاد، وهي عبارة عن بوابات ونواظم تجمع المياه خلال مواسم معينة، بخاصة من الناحية الشرقية العراقية التي تجمع الأمطار والسيول الآتية من الشرق وتعمل على الحفاظ على التربة من التجريف وتغذية المياه الجوفية مع إمكان الاستفادة من الباقي منها في ري بعض المساحات.
وشرح الموسوي أن العراق يحتاج إلى ما يقارب 40 سد حصاد، مما سيكون له تأثير إيجابي في حفظ المياه، وفي الوقت نفسه لا تتطلب هذه السدود موازنات كبيرة لأن حجمها صغير، وعلى رغم وضع دراساتها عام 2016 ومن ثم تحديثها عام 2014، فإن العمل عليها لم ينطلق، والعراق مضطر إلى اللجوء لتلك السدود لمعالجة جزء من الأزمة.
وشدد على ضرورة أن تكون هناك حلول آنية واستراتيجية لمعالجة أزمة المياه وبعكسه ستكون الحكومة الحالية والمقبلة في حرج لمعالجة ملف المياه، معتبراً أن وزارة الموارد المائية ارتكبت خطأ كبيراً بسبب استهلاك المياه الجوفية، وقال إن التقديرات تشير إلى أن مقدار تلك المياه ما يقارب 5 مليارات متر مكعب، مما أدى إلى جفاف بعض المسطحات المائية، ومن بينها بحيرة ساوة.
حلول ترقيعية للأزمة الأكبر في تاريخ العراق
أكد المستشار السابق في لجنة الزراعة والمياه النيابية عادل المختار أن مقدار الخزين المائي وصل إلى أقل من 8 مليارات متر مكعب، وشدد على أهمية عدم استنزاف المياه الجوفية.
وقال المختار 'أزمة الجفاف التي نعانيها هي الأكبر في تاريخ العراق، بحيث وصل الخزين إلى مرحلة متدنية جداً تقدر بأقل من 8.5 مليار متر مكعب والإيرادات ضعيفة جداً لا نستطيع الاعتماد عليها والتلوث بدأ يصل إلى مرحلة كبيرة جداً'.
وأوضح 'سنضطر إلى استخدام الخزين المائي الذي بدأ يتدهور وسد الموصل في وضع كارثي وما زالت الحلول ضعيفة وتصل إلى مرحلة الخطر'، مؤكداً أنه 'لا يوجد اتفاق مع تركيا وأن الإطلاقات الأخيرة من تركيا من نهر الفرات 85 متراً مكعباً بالثانية وحجم هذه الإطلاقات منخفض جداً، إننا نأخذ من إيرادات نهر الفرات لمعالجة النقص في إمدادات المياه'.
وأشار إلى أن سدود الحصاد المقرر أن تبنيها وزارة الموارد المائية هي حلول ترقيعية وتأخذ وقتاً، فالمشكلة تكمن في عدم وجود إيرادات مائية والسيول من دول الجوار قليلة خلال فصل الشتاء بسبب أزمة الجفاف، وحذر من خطورة الوضع، نظراً إلى تأثر مياه الشرب في بعض المحافظات ومن بينها البصرة، مع زيادة حجم التلوث في المياه وارتفاع درجات الحرارة.
وخلص إلى القول إن الوضع المائي في نهر دجلة أصبح بحدود أقل من 5.5 مليار متر مكعب والإطلاقات المائية من تركيا ما زالت ضعيفة تصل إلى 200 متر مكعب بالثانية وهذه الإطلاقات متدنية جداً، ونأمل من سوريا أن تدعمنا بزيادة عدد الإطلاقات.
ويضم العراق نهرين هما دجلة والفرات، وينبع الفرات من جبال طوروس في تركيا ويخترق الأراضي السورية ليدخل بعدها الأراضي العراقية عند البوكمال في محافظة الأنبار، حيث يلتقي نهر دجلة، ليصب معه في شط العرب.
ويبلغ طول نهر الفرات من منبعه في تركيا حتى مصبه في شط العرب 2940 كيلومتراً، 1176 كيلومتراً منها في تركيا و610 كيلومترات في سوريا و1160 كيلومتراً في العراق، ويراوح عرضه ما بين 200 وأكثر من 2000 متر عند المصب.
أما نهر دجلة، فينبع من جبال طوروس جنوب شرقي الأناضول في تركيا ويعبر الحدود السورية – التركية، ويسير داخل أراضي سوريا بطول 50 كيلومتراً تقريباً، ليدخل بعد ذلك أراضي العراق عند قرية فيشخابور.
ويبلغ طول مجرى نهر دجلة نحو 1718 كيلومتراً ومعظم مجراه داخل الأراضي العراقية بطول يبلغ نحو 1400 كيلومتر، وتصب خمسة روافد فيه بعد دخوله الأراضي العراقية وهي الخابور والزاب الكبير والزاب الصغير والعظيم وديالى. وهذه الروافد تجلب إلى النهر ثلثي مياهه. أما الثلث الآخر، فيأتي من تركيا.