اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
8 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: مشهد يعكس انقلاباً تدريجياً على مركزية القرار الغربي، وقفت دول مجموعة بريكس في ريو دي جانيرو معلنة على نحو غير مباشر نواياها بتشكيل نظام عالمي جديد، لا يعتمد على ترخيص واشنطن ولا يخضع لمعادلات القوى التقليدية التي أرساها الغرب منذ نهاية الحرب الباردة.
وبرزت خلال القمة إشارات سياسية حادة، لم تخلُ من التصعيد، حملت في طياتها ملامح تمرّد منظم، بدأ اقتصادياً لكنه ما لبث أن اكتسب طابعاً جيوسياسياً واضحاً. فالهجوم العلني على الإنفاق العسكري الغربي، وإدانة الغارات التي طالت إيران، والمواقف المناهضة لإدارة ترامب، بدت كمقدمات لإعادة تموضع عالمي، تسعى فيه دول الجنوب إلى إعادة تعريف موازين القوة والنفوذ.
وشكل التوسّع الأخير للمجموعة، بانضمام خمس دول جديدة، لحظة انعطاف تاريخي في مسار التحالف، إذ أصبحت بريكس تمثل قرابة نصف البشرية وقرابة 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. هذا الحجم السكاني والاقتصادي الهائل، لم يعد قابلاً للإبقاء ضمن أطر المشاورات الرمزية، بل تحول إلى كتلة ضغط دولي، تفرض نفسها كطرف فاعل في صناعة القرار الكوني، وإن لم تملك حتى الآن مؤسسات قادرة على ترجمة هذه القوة إلى سلطة مهيكلة.
وارتسمت على هامش القمة معالم تناقضات داخلية يصعب تجاهلها. فغياب الرئيس الصيني شي جين بينغ، والتوتر المزمن بين نيودلهي وبكين، يشي بأن الانسجام داخل التكتل لا يزال هشّاً. كما أن مواقف بعض الدول، مثل السعودية، ظلت حذرة إزاء الالتزام النهائي، مخافة الاصطدام بمصالحها الاستراتيجية في الغرب، خصوصاً مع ازدياد حدة تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية عقابية.
وتتخذ هذه التفاعلات أبعاداً أكثر خطورة في ظل التلويح الأميركي بسيف العقوبات التجارية، ومحاولات تحجيم صادرات بعض الدول الأعضاء، ما قد يقود إلى مزيد من التصدعات في النظام التجاري الدولي القائم، وربما يفتح الباب أمام فوضى اقتصادية تشبه تلك التي مهدت للحروب الكبرى في القرن العشرين.
ماذا عن العراق؟
وانضمام العراق إلى مجموعة بريكس، إن تحقق، قد يمنحه هامشًا أوسع في تنويع شراكاته الاقتصادية والخروج من أحادية الاعتماد على الغرب، لاسيما في ملف العقوبات والتحويلات المالية.
وتأتي مصلحة بغداد من التكتل في قدرته على توفير بدائل تمويلية عبر 'بنك التنمية الجديد'، وإمكانية عقد شراكات طاقوية مع دول مثل الصين وروسيا والهند دون المرور بمنظومة الدولار.
ورغم ذلك، فإن الخطوة لا تخلو من حساسيات سياسية، إذ قد تفسر في واشنطن كميلٍ نحو المحور المنافس، خاصة في ظل تصاعد التوتر بين بريكس والإدارة الأميركية.
ويبقى العراق محكوماً بمعادلة التوازن، حيث العلاقة الأمنية والاقتصادية العميقة مع الولايات المتحدة لا يمكن التفريط بها دون كلفة استراتيجية باهظة.
وقد يختار العراق الانخراط ببريكس بصفة مراقب أو شريك اقتصادي دون العضوية الكاملة، كحل وسط يضمن مصالحه دون استعداء واشنطن.
About Post Author
Admin
See author's posts