اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٢ أيلول ٢٠٢٥
22 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: أطلق العراق خطته الوطنية للاستثمار المناخي وسط أجواء يخيّم عليها الجدل، إذ تجتمع التطلعات البيئية الكبرى مع واقع مثقل بالفساد والترهل الإداري والروتين القاتل الذي يقف حاجزا أمام أي محاولة لجذب المستثمرين أو إقناعهم بالمغامرة في بيئة محفوفة بالمخاطر.
وأحدث الإعلان عن الخطة زخما في وسائل الإعلام ومنصات التواصل، حيث رحب البعض بجرأة الطرح بينما عبّر آخرون عن خشيتهم من أن تتحول مثل هذه الخطط إلى شعارات متكررة تنتهي على رفوف الوزارات دون أثر ملموس، خاصة وأن سجل العراق في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية لا يزال ضعيفا ومرتبكا.
ووضع المسؤولون خمسة مسارات رئيسية تشمل الطاقة والزراعة والمياه والنقل والابتكار، غير أن عقبات الواقع تظل أكثر ثقلا من الطموحات، إذ يواجه المستثمر في العراق متاهة من القوانين المتعارضة، ودوائر حكومية مترهلة، وملفات فساد تكبل كل مشروع قبل أن يبدأ، وهو ما جعل البيئة الاستثمارية محفوفة بالقلق حتى مع وجود ميزانية تقديرية تتراوح بين 1.3 و3.3 مليارات دولار.
وأكدت أصوات اقتصادية أن الخطة ستصطدم حتما بغياب آليات تنفيذية حقيقية، فالمشاريع المناخية في بلد يعاني من فساد إداري مزمن لا يمكن أن تسير إلا عبر سلسلة طويلة من المعاملات الورقية والعمولات والانتظار في دهاليز البيروقراطية، وهو ما يدفع المستثمرين إلى الانسحاب قبل أن يضعوا حجر الأساس.
وأشارت نقاشات محلية إلى أن العراق فقد خلال العقدين الماضيين عشرات الفرص الاستثمارية الكبرى بسبب تعقيدات الترخيص وإجراءات الكمارك والضرائب المتناقضة، فضلا عن خوف الشركات العالمية من الدخول في سوق يفتقر إلى الاستقرار القانوني ويعج بظواهر المحسوبية، ما جعل وصف 'المخاطرة' ملازما لأي مشروع.
واعتبر مراقبون أن منح ترخيص لمشروع معالجة النفايات في النهروان خطوة رمزية لكنها لا تكفي لتبديد مخاوف المستثمرين، فالمشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكن أن ترى النور، لكن المشاريع الاستراتيجية الكبرى التي تحتاج إلى مليارات الدولارات لن تتحقق ما لم يُفتح باب الإصلاح الإداري وتُحسم ملفات الفساد التي تنخر المؤسسات.
وذكر اقتصاديون محليون أن الخطة الوطنية للاستثمار المناخي قد تنجح في التأسيس لنقاش عام حول البيئة والتغير المناخي، لكنها لن تكون قادرة على جذب رؤوس الأموال في ظل غياب الثقة بالنظام المالي وضعف قدرة المصارف العراقية على تمويل مشاريع بهذا الحجم، وهو ما يجعل الكلام عن 'الاستثمار الأخضر' أقرب إلى أمنية منه إلى واقع.
ورأى ناشطون أن معالجة التصحر وشح المياه وارتفاع درجات الحرارة لا تحتاج فقط إلى مشاريع استثمارية، بل إلى إرادة سياسية تكسر دوائر الفساد وتعيد بناء الإدارة على أسس شفافة، وإلا ستظل الخطط الوطنية مجرد أوراق أنيقة تغطي حقيقة واقع إداري مترهل يخيف المستثمرين أكثر مما يغريهم.
About Post Author
Admin
See author's posts