اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
21 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: وسط نذر التصعيد في الجنوب السوري، يعاود العراق رفع مستوى الحذر على طول حدوده الغربية، مدركاً أن ما يحدث في السويداء ليس مجرد اضطراب محلي، بل علامة جديدة على تشكّل خرائط صراع إقليمي قد تتسلل شظاياه إلى عمق الجغرافيا العراقية.
وتأتي اشتباكات السويداء في لحظة سياسية شديدة الحساسية، إذ تزامنت مع انهيار المنظومة المركزية السورية في بعض مناطق الجنوب، وسط تدخلات خارجية مباشرة، أبرزها التصعيد الإسرائيلي المتكرر، ما يحوّل الجنوب السوري إلى ساحة تنازع استخباري وعسكري مفتوحة.
وهذا التطور يعيد إلى الأذهان حقبة 2014، حين تحوّلت الفوضى الحدودية إلى مدخل كارثي لاجتياح تنظيم داعش لمناطق شاسعة في العراق.
ويضع المشهد السوري الحالي العراق أمام معادلة دقيقة: لا تدخل في المستنقع السوري، ولا حياد في الموقف الأمني. فطول الحدود الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا، وامتداد البيئة الاجتماعية المشتركة، ووجود خلايا نائمة على جانبي الحدود، تمثل جميعها عناصر تهديد جدّي ينبغي التعامل معها باستراتيجية استباقية شاملة.
وتفرض طبيعة الصراع الحالي، لا سيما مع ازدياد مؤشرات الانقسام الأهلي والطائفي في سوريا، على بغداد أن تعيد ضبط سياساتها الأمنية والدبلوماسية على السواء. فليس المطلوب فقط تعزيز نقاط التفتيش أو نشر طائرات مسيرة، بل إعادة بناء عقيدة أمنية تقوم على تحليل واقعي لتغيرات التحالفات داخل سوريا، بما فيها محاولات إعادة رسم الخريطة وفق النموذج “الإبراهيمي” الذي تُتهم به قوى دولية وإقليمية.
ويغدو التحرك العراقي أكثر إلحاحاً في ضوء المعلومات التي تتحدث عن احتمال استهداف السجون التي تضم عناصر داعش في الداخل السوري، وهو ما قد يفتح الباب أمام سيناريو إعادة التسلل عبر البادية والحزام الغربي، خصوصاً أن التنظيم ما يزال يحتفظ بخلايا في حمرين ووادي حوران.
وتبقى العبرة في ألا يُعاد سيناريو الإنكار والتطمينات، بل أن يُبنى جدار ردع واقعي، لا إعلامي، يمنع الفوضى السورية من العبور إلى الداخل العراقي مرة أخرى، في وقت يعاني فيه العراق أساساً من هشاشة سياسية، وصراعات داخلية لا تقل خطورة عما يدور خلف الحدود.
About Post Author
Admin
See author's posts