اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ١١ حزيران ٢٠٢٥
11 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: طرحت تصريحات الخبير القانوني علي التميمي إشكالية جوهرية تطال طبيعة النظام السياسي في العراق، حينما شكك في قدرة النظام البرلماني على العمل داخل بيئة تفتقر إلى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما يضع علامات استفهام حول مستقبل العملية الديمقراطية برمتها في البلاد.
وأضاء التميمي على أصل النشأة التاريخية للنظام البرلماني، وبيّن أنه وليد بيئة رأسمالية نمت تدريجيًا منذ القرن الثامن عشر في إنجلترا، قبل أن تتوسع التجربة لتشمل دولًا أوروبية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وهي دول عرفت طفرات اقتصادية وتنموية كبرى جعلت من النظام البرلماني خيارًا ناجحًا وليس مخاطرة سياسية.
وأكد أن نجاح النظام البرلماني في تلك الدول ارتبط بتحقق عوامل الرفاه الاجتماعي، وارتفاع معدلات الدخل القومي، إلى جانب استقرار في البنية الصناعية، ووجود رأي عام واعٍ قادر على محاسبة ممثليه داخل البرلمان، وهو ما لا يتوفر في الكثير من الدول التي سعت لاستنساخ النموذج ذاته في بيئات مغايرة.
وأشار إلى أن العراق لم يختبر فعليًا تجربة برلمانية راسخة، بل وجد نفسه بعد عام 2003 في قلب منظومة سياسية مركبة، حاولت بناء مؤسساتها على أساس التعددية، من دون أن توازي هذا البناء قاعدة اقتصادية واضحة أو نظامًا إنتاجيًا مستقرًا.
وأوضح أن البنية الاقتصادية في العراق لا تميل لا إلى الرأسمالية ولا إلى الاشتراكية، بل تبدو 'هلامية' ومفتقرة للهوية، وهو ما جعل السياسات الاقتصادية عاجزة عن دعم الأداء البرلماني، وساهم في تعثر القرارات وانقسام المواقف داخل قبة البرلمان.
وتحدث عن الآثار السلبية التي ترتبت على محاولة فرض النظام البرلماني داخل بيئة تعاني من أزمات خدمية متراكمة، وانعدام في الخدمات الأساسية كالكهرباء، وضياع الاستثمارات، وتفشي الفساد، ما جعل البرلمان ساحة لتصفية الحسابات أكثر من كونه ممثلًا للإرادة الشعبية.
وحذر من أن استمرار العمل بالنظام البرلماني في هذه الظروف يفتح الباب أمام مزيد من التوترات السياسية، ويزيد من حدة الاستقطاب الطائفي والعرقي، ويؤدي إلى مزيد من فقدان الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، في وقت تتطلب فيه البلاد حوكمة حازمة وقرارات مركزية تتسم بالسرعة والفاعلية.
ودعا إلى التفكير بنموذج انتقالي، يقوم على تبني نظام رئاسي مؤقت تُحدد فيه صلاحيات الرئيس بدقة، ويُراقب من قبل برلمان مستقل وفاعل، على أن يتم ذلك وفق دستور مرحلي يراعي الخصوصية العراقية، ويؤسس لاحقًا لانتقال مدروس نحو نموذج سياسي أكثر ملاءمة.
واستشهد بالتجربة المصرية التي انتقلت بعد ثورة 2011 إلى نظام رئاسي مؤقت، شهد فيه الرئيس سلطات محدودة وخضع لرقابة البرلمان، ما ساعد على استعادة التوازن ولو بحده الأدنى، معتبرًا أن النموذج المصري قد يشكل مرجعًا عمليًا للعراق في حال قرر فعليًا مراجعة نظامه السياسي.
About Post Author
moh moh
See author's posts