اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٠ أيلول ٢٠٢٥
20 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: تمخض مؤتمر الدوحة عن جدل سياسي تجاوز حدود التصريحات التقليدية ليضع المنطقة أمام اختبار توازنات متناقضة بين الرغبة في ردع إسرائيل والعجز عن إنتاج آليات تنفيذية تحقق هذا الهدف.
وبرزت مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني كنداء استباقي يختزن إدراكا للمخاطر المحدقة، لكنه في الوقت ذاته اصطدم بواقع سياسي متشظٍ تحكمه استقطابات المحاور وتباين المصالح بين العواصم الإقليمية.
وارتسم مشهد “التحالف الإسلامي ضد إسرائيل” كفكرة مكثفة تعكس شعوراً متصاعداً بالتهديد، غير أنها بدت كأنها محاولة لإحياء حلف غير مكتمل الأركان، تحطمه تناقضات السياسة الواقعية وصعوبة تذويب الفوارق بين اللاعبين الإقليميين.
وتكشفت مداولات القمة عن فجوة عميقة بين مستوى الخطاب التصعيدي وحجم الفعل السياسي الممكن، إذ لم يتعدّ الأمر إصدار بيانات شجب ودعوات عامة، في وقت تتسارع فيه التهديدات والضربات الإسرائيلية.
وترافقت التحذيرات الأمريكية والبريطانية لبغداد من هجمات إسرائيلية محتملة مع إشارات إلى أن العراق بات جزءاً من دائرة استهداف أوسع، وهو ما أعاد إحياء النقاش حول جدوى بناء منظومة ردع إسلامية أو عربية مشتركة.
وظهر العراق كحلقة رخوة قد تُستثمر إسرائيلياً لإعادة خلط الأوراق الداخلية، خصوصاً في ظل الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة والانقسامات السياسية التي لم تلتئم بعد.
واكتسبت الدعوات العراقية زخماً إضافياً من خلال استدعاء ذاكرة الحروب العربية الإسرائيلية، لكن المراقبين قرأوا في هذا التوجه قدراً من الطابع الرمزي أكثر من كونه مشروعاً قابلاً للتحقق. واصطدمت الفكرة بمحددات الجغرافيا السياسية التي تجعل تركيا محكومة بعضويتها في الناتو، وإيران بموقعها في مواجهة الغرب، والدول الخليجية بمصالحها الحيوية مع واشنطن، وهو ما يكرس استحالة بناء مظلة أمنية جامعة.
واصطدم مؤتمر الدوحة بواقع أن أدوات الضغط الأكثر فاعلية على إسرائيل، مثل ورقة الطاقة أو إغلاق الأجواء، لم تجد طريقها إلى طاولة النقاش الجاد. وتجسدت النتيجة في مخرجات أقرب إلى رد اعتبار معنوي منها إلى صياغة مشروع سياسي قابل للبقاء.
وبدت المبادرات، بما فيها الاتفاق السعودي – الباكستاني الدفاعي، كمحاولات لتنفيس الاحتقان أكثر من كونها تأسيساً لمرحلة جديدة من الردع الإقليمي.
وتدل كل المؤشرات على أن إسرائيل ماضية في نهج التصعيد تحت سقف “إسرائيل الكبرى”، فيما يبقى الرد العربي والإسلامي رهينة خطابات ومؤتمرات.
وتكشف هذه الصورة عن معضلة بنيوية في النظام الإقليمي، حيث تتقاطع الخطابات الحادة مع حسابات المصالح الضيقة، لتبقى فكرة الحلف الإسلامي ضد إسرائيل عالقة بين الطموح السياسي والقيود الواقعية.
About Post Author
Admin
See author's posts