×



klyoum.com
iraq
العراق  ١٧ أيار ٢٠٢٤ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
iraq
العراق  ١٧ أيار ٢٠٢٤ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار العراق

»ثقافة وفن» جريدة المدى»

الحب والحرب والخلود والفناء

جريدة المدى
times

نشر بتاريخ:  الثلاثاء ٥ أذار ٢٠٢٤ - ٢٢:٢٨

الحب والحرب والخلود والفناء

الحب والحرب والخلود والفناء

اخبار العراق

موقع كل يوم -

جريدة المدى


نشر بتاريخ:  ٥ أذار ٢٠٢٤ 

لطفية الدليمي

التبدد هو شكل من أشكال النهايات المؤجلة، نهايات بطيئة لكنها متواصلة ؛ فالمواد التي تتكون منها الاشياء، والعناصر التي تشكل الانظمة ،

والافكار التي تكون المفهومات، تتوهج وتعمل في مداها الزمني وتتجه بحتمية فيزيائية صوب الفناء والتبدد على نحو تلقائي وبوتائر مختلفة . يخبرنا العلم أن وتيرة التبدد تزداد على نحو عشوائي خلال الزمن ؛ فاذا علمنا أنّ جميع نظم الحياة تخضع لفكرة الانتروبيا -ومن بينها النظم البيولوجية التي تميل الي التشتت والتلاشي بشكل طبيعي وكذلك نظم المعلومات التي تمتلك ميلاً للتبدد والتلاشي والعشوائية - فإن (الانتروبيا) هي السلطة الخفية التي تسيّر الوجود .

الانتروبيا Entropy - كما وصفها (اسحق عظيموف) في كتابه (أفكار العلم العظيمة) - هي الحصيلة الكونية من الطاقة المبددة عشوائياً وغير القابلة للاستغلال أو الاسترجاع . تقوم جميع العمليات النافعة في الحياة على فكرة تحويل الطاقة ، وعادة ما تكون الطاقة المنتجة أقل مما أستخدم في انتاجها كما يحدث في الالات الحرارية اذ تتبدد فيها الطاقة بالتسرب الحراري وتآكل الاجزاء والاهتزازات والاصوات فيكون الناتج أقل من الطاقة المستخدمة.

كل ما حولنا عرضة للزوال وعرضة للتبدد ، وكل ما فينا متّجهٌ الى احتمالات الفناء .

نتحدث عن فكرة التبدد في سياقات مختلفة افتراضية ومفهومية ونكتشف خلال التأمل في فكرة (الانتروبيا) أنّ الكون والموجودات حصراً تتجه من هيولي التكون الأول الى التشكل المتعدد الأنواع لتمضي من جديد الى التبدد والتشتت في عشوائية هيولية مبددة. كلُّ فعل او حركة او فكرة او شعور يتطلب وجود طاقة تقوم بانتاجه، طاقة بدئية أولية أو تركيبية ليجري تبديد قسم منها ويكون الناتج أقل من الطاقة المبذولة؛ فالمروحة التي تعمل على بطارية تشحن بالكهرباء تحتاج الى اربع وعشرين ساعة من الشحن لتشتغل المروحة نحو ست ساعات بالطاقة المخزونة، والفرق بين الطاقتين المستهلكة والناتجة هو (الانتروبيا)؛ اذن كل فعل وحركة وفكرة وعاطفة ندفع ثمنها من طاقة كونية أو معنوية مبددة تقودنا خطوة نحو النهاية.

يقول علماء الفيزياء أنّ احتمال العشوائية في الأشياء أكبر دائماً من احتمال النظام، وأنّ الميل الى التبدد والفناء أكبر من الميل الى النظام والبقاء؛ لذا تنفلت الافعال المدمرة ما أن تجد لها ثغرة في نظام الكون أو النظم السياسية أو العلاقات الانسانية.

كابد الانسان منذ أول ظهوره على الارض من فكرة الفناء والموت، و لطالما أتعبه مسعاه الى الخلود والبقاء، ودفعه الى اجتراح المآثر وابتكار الاعمال الادبية والفنية وانهاض القوى الناظمة المؤسِّسة للحضارات؛ ولاجل إدامة وجوده وثمار جهوده نجده يتشبث بتعلّقات تنتشله من فوضى الحياة اليومية وتحدياتها، وتبدو مسألة اعتناق (الحب) في هذا السياق كأنها المضاد الحقيقي لـ (الانتروبيا)، كلُّ ذلك ليخفف من وتيرة التبدد العشوائي في عالمه الذي يرجو له البقاء؛ لكنه يرى الموت يتربص به والفناء يسري من جنباته كل آونة فينغمر في تعلقات إضافية تشغله عن التبدد الانتروبي.

لنراقبْ بعض حركيات الوجود سواء الحركيات المؤدية في جوهرها الى استمرار الحياة - كالحب وعملية الانبات - أو تلك الحركيات المؤدية الى تدمير الوجود - كالحروب والكوارث الطبيعية -: تبدو لنا صورة العالم في حضوره الحي وكأنها تبذل أقصى جهودها لتتشكل وتتطور او تبلغ مستوى من التناسق والجمال؛ ولكن ثمة شيء ما خفي في أعماقها يدفعها نحو (العشوائية)، فيسارع الانسان المتحضر وانسان الكهف على حد سواء لابتكار (امتدادات) أو زوائد أو توصيلات لإطالة أمد (الوجود) المتناسق الجميل. تتجلى هذه الامتدادات في (الحب) وفكرة (الامل) و(الحلم)، وعلى مستوى آخر في (الابداع) والمواقف الجليلة التي تضاعف افتراضاً مدى الزمان وتكثّفه؛ فكأنها تطيل عمر الانسان وتمنحه أبعادًا ممتدة في الزمان والمكان.

تبدو قصص الحب العظمى وحكايات العشق الاسطورية وحالات الابداع الموسيقي والكشوف الرؤيوية والفكرية والمجازفات والمغامرات والأحلام أخدوعات بشرية لإطالة أمد الوجود قبل أن يحدث التبدد والفناء النهائي ثم التلاشي في العدم.

العاشق الذي يتوقف عن العيش في فكرة الشغف والتعلق والشوق يتحول الى انسان بخطى ثقيلة وأحلام منكسرة، ولا يعود يتشبث بالخدع العجائبية التي يجترحها الحب لخداع (الانتروبيا)؛ ولكن كلما اتسعت أو نشطت أو تضاعفت هذه التوازيات أو حلقاتها تنشط مقابلَها المضاداتُ التي تعاكس فكرة التوسع الوجودي وتبدأ العمل متضافرة من مواقعها لاسناد فعل (الانتروبيا)؛ فتكوّن صدوعاً وتقاطعات وقطيعة وتختلق أطراً وحواجز وأدوات تحجيم للحب والفكرة والابداع، ولابد أن تؤدي هذه الاجراءات - التي نفسرها على الصعيدين السياسي والاجتماعي بأنها (أفعالٌ محافظة) أو سلوكيات متزمتة - إلى اعاقة ازدهار التوازيات (الابداع، الحب، الافكار، العواطف، المجازفات) أو تسبب إبطاءً او توقفاً فيها. حالات انسانية باهرة مثل (الحب) وأفعال بشرية شنيعة مثل (الحروب) ومفهومات مثل (الثقافة والافكار) ومسميات فيزيائية مثل (الزمان) تتعرض جميعها لانتروبيا التبدد وتعجز في مرحلة معينة عن ايجاد وسيلة تتجنب بها تسارع الانتروبيا والوصول إلى النهايات القصوى التي نختلف جميعًا بشأنها؛ فنهايات الحب لدى الصوفية هي (الفناء) في (المحبوب) وهو أقصى حالات (الانتروبيا)، ونهايات الحرب لدي الفاشيين والقتلة هي (النصر) أمام مشهد مروع من الجماجم والجثث وانهار الدماء، وهو مشهد بالغ السواد لفوز (الانتروبيا) على الحياة وكل محاولات الانسان لتجنّب الفناء.

لو تقصينا في هذا السياق أنسب وأقرب المعاني والتوصيفات لمفردة (الحياة) لعثرنا على معنى بسيط ومباشر وله قوة النفاذ والتأثير يعرّفُ (الحياة) بأنها (عملية استمرار الوجود والتجدد) بمعنى أنها نشاط تطوري يتقدم بمحمولاته المختلفة نحو (المستقبل) مخترقاً مستويات الزمن وتبدلات الامكنة. مُضادُ هذا المعنى المباشر لمفردة (الحياة) هو (استمرار الفناء) الذي يقوم على التحلل والتلاشي والتوقف ثم مغادرة الزمان والتحلل في المكان. يمتاز فعل (الحياة) بأنه هو بذاته (ناتج) استمرارها فكأن فعلها هو ماهية نشاطها وناتج هذا النشاط لأنه يتم بحركية مستديمة دائبة وجوهرية تمتد خطوطها ومجساتها في الاتجاهات كلها.

تحمل كل حالة تجدد وديمومة في ثناياها (انتروبيا) تبددها الخاصة التي تتجلى لنا باندثار ملايين الخلايا في الدقيقة الواحدة داخل الجسم الحي وهذا هو الفعل الانتروبي المتواتر: هدر مؤبد لصيغ البقاء ونفي قاطع لفكرة الخلود. وعلى هذا تحاول بعض الكائنات استخدام قدرة البقاء في جوهرها فتعمد الى التحوط والدفاع او تقاوم الموت بالتمويه او تغيير الشكل او التنقل بين الامكنة، ويبدو هنا أن ثمن النجاة المبذول في المحاولة أكبر وأغلى من الناتج الذي هو (مدى زمني) معين للبقاء في مكان محدد، إنما ستعاود نتائج الانتروبيا ظهورها بعد زوال حالة الذهول التي تسببها لحظة النجاة في مواجهة الموت المحتم، وخلال هذه الصحوة تنشط دفاعات الوعي لاعادة صياغة وبناء وتشكيل (أوساط) تقاوم (المدّ الانتروبي) المتزايد ولن تتوقف المحاولات قط ما دامت الحياة قادرة على الاستمرار برغم انطوائها على بذرة فنائها.

التبدد العشوائي في مقطع من نص روائي افتراضي

بوسعنا تطبيق مفهوم الانتروبيا على مقطع من نص روائي. للبحث عن نقاط بدء سأقوم بترحيل هذا المقطع الى فضاء مستقل ومنفصل عن نمطية الكتابة واسلوب السرد. تحفل كل رواية بأحداث (انتروبية) وابطال يتبددون بمعنى (التبدد العشوائي) الذي تمثله سلطات القمع الخفية ونواتج الحروب السامة وهم يماثلون في دلالات شخصياتهم عربات قطار محملة بأنواع من المفهومات وردود الافعال والآلام والحالات العاطفية والفصام والاحباط والنجاح والتحدي والتألق وتجليات العشق، وتمثل هذه التحميلات (التحام) فكرة النص بمفهوم الانتروبيا المروع. تقول احدى شخصيات الرواية:

- الحرب تنطق مرة واحدة، وتحيا خرساء الى الابد لأنها تبتلع لسانها مع أول الضحايا.

لهذا المقطع تشكيل شعري ضمن منظومة السرد الروائي وهو يلجأ الى (المجاز) لبناء فكرة النص ومضمونه ويبوح بالفعل الانتروبي للحرب والذي يتردد مثل لحن دال في الفصول كلها ويفصح عن فكرة الانتروبيا التي تمارسها الحرب، وأوّلها التآكل الداخلي الذي يجعلها تبتلع أدواتها؛ فإعلامُ الحرب أخرس بكل بلاغته الفارغة وباطل بكل أكاذيبه، ولا لسان لأيةِ حرب مهما امتلكت من وسائل إعلام كاسحة. (الحرب خرساء لانها تبتلع لسانها مع أول الضحايا)؛ فبأي لسان ينطق الموت؟

اذا افترضنا مجازاً أن الحرب هي نوع من كائن حي، وتوصف دوماً في لغتنا العربية بأنها كائن مؤنث (كل مصيبة وجائحة وكارثة تحال في توصيفات متحيزة إلى الأنوثة!!) ؛ فقد يتساءل بعضنا: كيف يتفق وصف الكوارث بالانوثة كما توصف الحرب وهي مفضية الى العقم والخراب؛ بينما تمدُّنا فكرة الانوثة بالتجدّد والولادات التي من أجل أن نستبدل هذا الاستخدام التقليدي لتأنيث الكارثة نجعلُ الحرب تظهرُ في الرواية على لسان احدى الشخصيات كائنًا (خنثيًّا) لاجنس له، عقيمًا وشرهًا وهو يتهدد الجنس البشري الذي لايماثله ويتربص به وبمصيره كل آنٍ، ويبتلع هذا الكائن الخنثي المتوحش لسانه عند اول إجراء فعلي لاداء (فعل الموت) - أي مع أول ضحية تسقط في ساحة القتال. يسقط المنطق والقول واللغة وقدرة الابلاغ وقدرة التعبير والصوت والمعاني والافكار، يسقط الانسان ميتًا في حضرة (الكائن الخنثي): الحرب خلال فوضى انتشار أنشطة الارهاب المدمرة.

يمتلك هذا التصور امتدادًا ميتافيزيقيًا ودلالة مفهومية تفصح عن الخلل في اتخاذ القرارات وعن مستحيلات أفعال هذه الكائن الخنثي وعجزه عن تبرير افعاله بتعطيل (الكلام): أي إماتة اللغة والمعاني امام الخرس الداهم للموت العشوائي.

تقول احدى شخصيات الرواية:

- ما أن تولد الحرب حتى تكتسب ميزة الخلود من حشرجات الموتى.

نجد في هذه العبارة صدى رومانسياً يشع من مفردة (الخلود) التي تمتلك سحرها الاسطوري في ذاكرات البشر وتشكّلُ جوهر مساعيهم لضمان البقاء أطول مايمكنهم في الحياة وذاكرات الاجيال اللاحقة.

*****

تبدو فكرة الخلود هنا وكأنها وعاء لمضادات (البقاء)؛ فهو خلود زائف محتشد بالجثث والحشرجات، خلود الموت لاخلود الحياة، ويعمل قناع المفردة على منح إيحاءٍ موازٍ آخر هو مفارقة مفهوم الحياة عندما يصير فعل الموت (أبديًا) ومخلدًا؛ فكأننا بذلك نحصر الخلود في فعل الموت، وننفيه في اللحظة ذاتها، اذ لاخلود مع الفناء، وهنا تفقد المفردة دلالتها وتعمل في مستوى آخر من الخداع ــ

تعمل اللغة غالبًا في ساحة التضليل والخداع، بخاصة اذا نشطت في استخدام تعابير بلاغية وصيغ مبالغة خلال الاحتراب واستمرار القتل، فتصبح سلاحًا فتاكًا يغيّرُ المعاني والمدلولات ويزيحها عن مستوياتها المألوفة.

تحفل هذه التداعيات بالتناقض؛ فهنا نعثر على (خلود الفناء) او العدم المؤبد في الوجود المنفي. هل تكون الحروب هي الخلود الوحيد المستديم بعدميته وقدرته الانتروبية؟

والحياة؟ أهي فناء مؤبد؟

ماهي حدود الانتروبيا هنا؟ والى أي مدى تستطيع الحياة المضي قدمًا تحت طائلة هذا التهديد؟ وأين هي سلطتها في مواجهة الانتروبيا؟ يبدو أنّ أحلام ونزعات الكتلة البشرية ونواتج إبداعها وكشوفها وحضارتها وقصص العشق والمجازفات والمغامرات وتجليات الفنون والثقافة الشعبية ماهي الا تحديات متواصلة لسلطة الانتروبيا التي تمتلك سيادتها الرهيبة، وتتحكّمُ بسياقات الوجود بفداحة ماتبدّدُهُ وليس بعظمة ماأنتجه الانسان طوال عصوره التاريخية بالحب والاحلام والانجازات الحضارية ومواثلها الشاخصة.

أخر اخبار العراق:

ماذا يريد بوتين من الصين؟

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
1

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 1659 days old | 934,752 Iraq News Articles | 4,608 Articles in May 2024 | 20 Articles Today | from 32 News Sources ~~ last update: 4 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



الحب والحرب والخلود والفناء - iq
الحب والحرب والخلود والفناء

منذ ٠ ثانية


اخبار العراق

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل