اخبار جيبوتي
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٤ كانون الأول ٢٠٢٥
المسيرات تهاجم جنوب كردفان وشمالها وحركة نزوح واسعة من مناطق القتال... إرجاء مشاورات كانت مقررة الأسبوع المقبل في جيبوتي
فرضت بريطانيا اليوم الجمعة عقوبات على كبار قادة قوات 'الدعم السريع'، متهمة إياهم بالتورط في عمليات قتل جماعي وعنف جنسي بشكل ممنهج وهجمات متعمدة على المدنيين في السودان.
وقالت الحكومة البريطانية إن عبدالرحيم حمدان دقلو، نائب قائد قوات 'الدعم السريع' وشقيق قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى جانب ثلاثة قادة آخرين يُشتبه في تورطهم بهذه الجرائم، باتوا يواجهون تجميد أصول وحظر سفر.
وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر في بيان 'الفظائع المرتكبة في السودان مروعة إلى حد أنها تترك ندبة في ضمير العالم... والعقوبات التي نعلنها اليوم ضد قادة قوات ’الدعم السريع‘ تشكل ضربة مباشرة لأولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء'.
وذكر البيان أن الحكومة البريطانية تعهدت بتقديم 21 مليون جنيه استرليني إضافية لتوفير الغذاء والمأوى والخدمات الصحية والحماية للنساء والأطفال في بعض المناطق التي يصعب الوصول إليها.
من ناحية أخرى قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة اليوم الجمعة إنه سيخفض اعتباراً من الشهر المقبل حصص الطعام المقدمة للمجتمعات السودانية التي تواجه المجاعة، وذلك بسبب نقص التمويل.
وذكر مدير قسم التأهب والاستجابة للطوارئ في البرنامج روس سميث للصحافيين في جنيف، عبر اتصال بالفيديو من روما 'سنضطر بدءاً من يناير (كانون الثاني) إلى خفض حصص الغذاء بنسبة 70 في المئة للمجتمعات التي تواجه المجاعة، و50 في المئة للمجتمعات المعرضة لاحتمال المجاعة'، وأضاف 'وبداية من أبريل (نيسان)، سنواجه حال انهيار في ما يتعلق بالتمويل'.
ميدانياً يشهد إقليم كردفان هذه الأيام تصاعداً ملاحظاً في عمليات القتال الدائرة بين الجيش السوداني وقوات 'الدعم السريع' في ظل دفع الطرفين مزيداً من الإمداد والحشد العسكري لخطوط المواجهة، مع دخول الطيران المسير خط المواجهة بصورة مكثفة، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين من مناطق القتال والحصار إلى المناطق الآمنة داخل الإقليم وخارجه.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن طيران الجيش شن أمس الخميس غارات جوية عنيفة على مواقع تمركزات 'الدعم السريع' في منطقة أم عدارة بغرب كردفان أسفرت عن تدمير عدد من المركبات القتالية بكامل عتادها الحربي، فضلاً عن مقتل وجرح عشرات من عناصر الأخيرة، مشيرة إلى أن الهدف من هذه الغارات هو تشتيت قوات 'الدعم السريع' التي تجمع قواتها لمهاجمة مناطق جديدة في جنوب كردفان وشمالها.
في حين استهدفت مسيرة استراتيجية تابعة لـ'الدعم السريع' مدينة أم روابة في ولاية شمال كردفان، غير أن الدفاعات الأرضية للجيش تصدت لهذا الهجوم باستخدام المسيرات قبل أن تتمكن المسيرة من إلحاق أي ضرر بالمدنيين أو المنشآت الحيوية، وفق مصدر عسكري في الجيش.
كما هاجمت طائرة مسيرة تتبع 'الدعم السريع' موقعاً عسكرياً في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض جنوب البلاد، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر الجيش، إضافة إلى تدمير مركبة قتالية.
وهاجم الطيران المسير التابع للجيش خلال الأيام الماضية عدداً من المناطق التي يسيطر عليها 'الدعم السريع' في هذا الإقليم، شملت المزروب وبارا بشمال كردفان، والخوي والنهود بغرب كردفان.
فيما استهدفت مسيرات 'الدعم السريع' مناطق تخضع لسيطرة الجيش، أهمها الأبيض عاصمة شمال كردفان، وكادوقلي والدلنج بجنوب كردفان، والدمازين بالنيل الأزرق، وكوستي بالنيل الأبيض، مما أدى إلى مقتل وجرح مئات من المدنيين.
ومنذ اندلاع النزاع في البلاد منتصف أبريل (نيسان) 2023، اعتمد طرفا الصراع بصورة كبيرة على الطيران المسير الذي لعب دوراً حاسماً في المواجهات العسكرية، خصوصاً في وسط السودان وداخل العاصمة الخرطوم، إذ أسهم في حسم بعض المعارك.
في ظل هذه التطورات المتلاحقة شهدت ولايات جنوب كردفان وشمالها حركة نزوح واسعة خلال الأيام الماضية، وفق بيانات ميدانية لفرق الرصد التابعة لمنظمة الهجرة الدولية التي أكدت تدهور الأوضاع الأمنية في محليات عدة بإقليم كردفان.
فيما أكد شهود تزايد حركة النزوح من مدينة كادوقلي بصورة متسارعة خلال الساعات الماضية، مع اقتراب قوات الحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو وقوات 'الدعم السريع' من مدينتي الدلنج وكادوقلي، مشيرين إلى نزوح نحو 600 أسرة من مدينة كادوقلي إلى منطقة الكرقل، بينما اتجهت أعداد أخرى نحو مناطق سيطرة الحركة الشعبية شمال.
في وقت أشارت منظمة الهجرة الدولية إلى نزوح 330 فرداً من مدينة كادوقلي بجنوب كردفان أول أمس الأربعاء، وذلك عقب ارتفاع وتيرة انعدام الأمن في المنطقة، حيث توجه هؤلاء النازحون إلى مواقع مختلفة بمحليتي الرهد والشيكان في شمال كردفان، وسط أوضاع متوترة وسريعة التغير.
كما وثقت المنظمة نزوح 160 فرداً من قرية داميك التابعة لمحلية كادوقلي في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، نتيجة تدهور الوضع الأمني هناك، إذ توزع النازحون على عدد من المواقع داخل محليتي الريف الشرقي وكادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان.
كذلك شهدت محلية العباسية بجنوب كردفان موجة نزوح جديدة، إذ غادر 590 فرداً قرية كرموجيا إثر توترات بين المجتمعات المحلية، إذ اتجه النازحون إلى مناطق عدة داخل محلية العباسية، في وقت تستمر فيه حالة التوتر من دون مؤشرات واضحة على الاستقرار. كما نزح 235 فرداً من قرية قرود أمردمي بمحلية تالودي نتيجة تصاعد انعدام الأمن، ولجأوا إلى مواقع متعددة داخل المحلية ذاتها، في وقت تشهد المنطقة أوضاعاً غير مستقرة وقابلة للتدهور في أية لحظة.
في الأثناء أشارت مصادر عسكرية إلى أن الجيش السوداني بدأ تنفيذ خطة شاملة لإعادة تنظيم القوات والجماعات المقاتلة المساندة له، وذلك وفق إجراءات حصر وتصنيف لهذه القوات تمهيداً لدمج جزء منها داخل المؤسسة العسكرية.
ويأتي هذا الإجراء تنفيذاً لقرار أصدره القائد العام للجيش عبدالفتاح البرهان في أغسطس (آب) الماضي، والقاضي بإخضاع جميع القوات المساندة لسلطة الجيش، وذلك من أجل تطبيق قانون القوات المسلحة السودانية، فضلاً عن توحيد القيادة والسيطرة على هذه التشكيلات، خصوصاً في ولايتي دارفور وكردفان حيث تنشط مجموعات مساندة متعددة.
وعدت المصادر هذه الخطوة بمثابة إجراءات تنظيمية طبيعية في ظل استمرار العمليات القتالية، موضحة أن مرحلة الحصر بدأت منذ شهرين، وشملت حل وإعادة تشكيل عدد من المتحركات التي تضم مجموعات داعمة للجيش، في إطار إعادة هيكلة أوسع تهدف إلى ضبط الأداء الميداني وتوحيد الجهود العسكرية.
إلى ذلك، أكدت شبكة نساء القرن الأفريقي 'صيحة' أنها وثقت 1294 حالة مؤكدة من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في 14 ولاية سودانية خلال الفترة من 2023 إلى 2025.
وحملت الشبكة قوات 'الدعم السريع' المسؤولية عن الغالبية العظمى من تلك الانتهاكات، إذ نسبت إليها 87 في المئة من الحالات التي تم فيها تحديد هوية الجناة، مبينة أن العنف الجنسي في هذه الحرب ممنهج وليس مجرد أضرار جانبية، إذ يتبع تحركات النزاع ويعكس التحولات في السيطرة الإقليمية.
وبينت الشبكة أن 77 في المئة من الحالات التي توفرت عنها معلومات تفصيلية كانت عبارة عن جرائم اغتصاب، إذ وثقت 225 حالة لأطفال، معظمهم من الفتيات، تتراوح أعمارهم بين 4 و17 سنة، تعرضوا للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، بما يمثل 18 في المئة من إجمالي الحالات الموثقة.
وأشارت الشبكة إلى تزايد حالات زواج الأطفال والزواج القسري كآليات تكيف سلبية أو تحت التهديد من أفراد قوات 'الدعم السريع'.
ولفتت إلى أنها تتبعت تسلسلاً منهجياً للعنف يمر عبر ثلاث مراحل متصاعدة تتبع تقدم القوات، تبدأ بموجة الاستيلاء التي تتسم باقتحام المنازل ونهبها بالتزامن مع ارتكاب جرائم الاغتصاب. ومع إحكام السيطرة العسكرية، تنتقل الانتهاكات إلى الموجة الثانية، إذ تستهدف النساء علناً في الشوارع والأماكن العامة، مؤكدة أن المرحلة الثالثة تعد الأشد قسوة، إذ تشمل احتجاز النساء لفترات طويلة داخل المنازل أو المعتقلات ليواجهن صنوفاً من التعذيب والاغتصاب الجماعي والزواج القسري.
سياسياً، أرجأ الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد مشاورات كان يعتزم إجراؤها الأسبوع المقبل بين الفرقاء السودانيين في جيبوتي إلى أجل غير مسمى.
وأرجع مسؤولون في الاتحاد الأفريقي أسباب التأجيل إلى رفض تحالف الكتلة الديمقراطية مشاركة تحالف السودان التأسيسي 'تأسيس'، الذي تهيمن عليه قوات 'الدعم السريع'.
وأكد قيادي في التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة 'صمود' قرار تأجيل المشاورات إلى أجل غير مسمى من دون تقديم مزيد من التوضيحات.
وفشلت أربع جولات سابقة نظمها الاتحاد الأفريقي حول ترتيب الحوار السوداني بين القوى السياسية، بسبب اعتراضات تحالفات مشاركة على منهجية الاختيار وطريقة إدارة الاجتماعات من الاتحاد القاري.
ويعترض تحالف 'صمود' على مشاركة القوى المرتبطة بالنظام المعزول في أي حوار، كما يطالب بمشاركة القوى المدنية المستقلة.
وتواجه المشاورات السياسية معضلة مستمرة برفض القوى السياسية المؤيدة للجيش مشاركة تحالف 'صمود'، بوصفه ظهيراً سياسياً لـ'الدعم السريع'، على رغم تكوين الأخير تحالفاً سياسياً تحت مسمى 'تأسيس'.
ويسعى الاتحاد الأفريقي إلى إحداث تقارب بين الفرقاء السودانيين، تمهيداً لإطلاق عملية سياسية تناقش مستقبل الحكم في البلاد من جملة قضايا أخرى، لكن اشتراطات القوى السياسية تعرقل هذه المساعي.















