آخرها قطري.. هذه خريطة المستشفيات الميدانية في قطاع غزة

كمال صالح - الخليج أونلاين

منذ اليوم الأول للعدوان كانت مستشفيات غزة من أبرز أهداف آلة الحرب الإسرائيلية، ومع انطلاق العملية البرية وتجددها بعد الهدنة المؤقتة، أصبحت الصورة الوحشية أكثر وضوحاً، فالمستشفيات كانت وجهة القذائف والقنابل ورصاص القناصين.

26 مستشفى دمرت كلياً، إلى جانب 55 مركزاً صحياً منذ بداية العدوان، ومع اقتراب عدد المصابين من 50 ألف شخص، أغلبهم من الأطفال والنساء، يصبح قطاع غزة منكوباً من الناحية الصحية، فالمستشفيات المتبقية غير قادرة على استيعاب آلاف الجرحى والمرضى، فضلاً عن تقديم الرعاية الصحية الأساسية لمئات الآلاف من المواطنين.

ومع بقاء شبح الحرب قائماً، وعدم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، تُصبح المستشفيات الميدانية هي حل الضرورة في هذه المرحلة، وهذا ما أكدته وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، والمكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.

حجم القطاع الصحي

حتى قبل الحرب لم تكن غزة بخير صحياً، فالاحتلال تعمّد طوال 17 عاماً فرض حصار خانق على القطاع، ومنع وصول الكميات المناسبة من الأدوية والمستلزمات الطبية، وغيرها من الاحتياجات المختلفة، فضلاً عن الاستهداف المتعاقب مع كل جولة صراع.

ووفقاً لتقرير نشره موقع 'الجزيرة نت'، منتصف نوفمبر 2023، فإن سكان القطاع يحصلون على الرعاية الصحية في 35 مستشفى، 13 منها حكومية، و17 غير حكومية، و2 يتبعان وزارة الداخلية والأمن الوطني، و3 مستشفيات خاصة.

وهذا يعني تقريباً مستشفى ونصف لكل 100 ألف نسمة، وتتوزع تلك المستشفيات على 5 مناطق، 18 داخل غزة، و6 في خان يونس، و5 شمالي القطاع، و3 في دير البلح، و3 في رفح.

في حين يبلغ عدد مراكز الرعاية الصحية الأولية، بحسب التقرير، 159 مركزاً، 52 منها تتبع وزارة الصحة، و22 لوكالة 'الأونروا'، و80 مركزاً وعيادة تخصصية تتبع المنظمات غير الحكومية، إضافة إلى 5 خاصة بالخدمات الطبية العسكرية.

'أهداف عسكرية'!

كل المستشفيات تقريباً في شمال القطاع تعرضت للاستهداف الوحشي والاقتحام، وكانت البداية من المستشفى الأهلي المعمداني، الذي أقدم الاحتلال على استهدافه بشكل مباشر في 17 أكتوبر، ما أدى إلى استشهاد قرابة 500 مدني أغلبهم من الأطفال والنساء والمرضى والعاملين.

ثم تلا ذلك استهداف جيش الاحتلال لمجمع الشفاء الطبي، أكبر مؤسسة طبية في القطاع، ودمّر أجزاء كبيرة منه، بعد أن حاصره أياماً، واقتحمه منتصف نوفمبر، وارتكب داخله جرائم بشعة بحق المرضى والنازحين والطواقم الطبية والمصابين والأطفال الخدج.

كما استهدف الاحتلال مستشفى القدس في غزة، واقتحم المستشفى الإندونيسي شمالي القطاع بعد قصفه بعنف، واستهدف أيضاً مستشفى النصر للأطفال، ومستشفى العيون، ومستشفى الرنتيسي للأطفال، فضلاً عن استهداف وتدمير أكثر من 55 مركزاً صحياً منذ بداية الحرب.

ونقل موقع 'الجزيرة نت' (26 نوفمبر) عن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، قوله إن الاحتلال دمر أكثر من 60 سيارة إسعاف، واستهدف 160 مؤسسة صحية، وتسبب بخروج 28 مستشفى و63 مركزاً للرعاية الصحية عن الخدمة.

وحُجة الاحتلال في هذا الاستهداف اللاإنساني للمستشفيات والمراكز الصحية أن المقاومة تستخدمها لأغراض عسكرية، وهو ما نفته المقاومة والجهات الرسمية في القطاع والوقائع على الأرض، ودعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإرسال فرق تحقيق لإثبات زيف مزاعم الاحتلال.

ضرورة ملحَّة

ومع انهيار المنظومة الصحية القائمة جراء تزايد أعداد المصابين (49 ألفاً)، والشهداء (18 ألفاً)، والحصار المفروض على القطاع، ومنع دخول المساعدات الطبية إليه، تُصبح الحاجة ماسة لإقامة مستشفيات ميدانية لإنقاذ الموقف.

وكان رئيس مكتب الإعلام الحكومي في غزة، سلامة معروف، قد دعا المجتمع الدولي إلى إقامة مستشفيات ميدانية قي القطاع لإنقاذ حياة الجرحى، وتلبية احتياجات سكان القطاع المنكوب.

وأشار معروف إلى أن 'القطاع يحتاج إلى ألف شاحنة من المساعدات ومليون لتر من الوقود يومياً'، للتعافي من آثار الحرب، إضافة إلى أجهزة طبية ومعدات وآليات للدفاع المدني.

وفي مطلع نوفمبر الجاري، أكدت وزيرة الصحة الفلسطينية، الدكتورة مي الكيلة، أن قطاع غزة 'في أمسّ الحاجة إلى مستشفيات ميدانية في ظل ارتفاع عدد المصابين'.

ووفقاً لتقرير لموقع 'بي بي سي عربي' (27 نوفمبر)، فإن 'إقامة المستشفيات الميدانية تظهر كجزء حيوي لدعم الجهود المبذولة لتقديم الرعاية الصحية في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها السكان والنازحون، وما سببته الحرب من وفيات وإصابات خطيرة، وارتفاع ملحوظ في حالات الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي'.

خريطة المستشفيات الميدانية

ومع تكشُّف حجم الدمار والإجرام الإسرائيلي في القطاع، شرع العديد من الدول في تجهيز وإرسال مستشفيات ميدانية إلى قطاع غزة، وحتى اللحظة، أقام الأردن وقطر والكويت ومصر والإمارات وتركيا وإيطاليا مستشفيات ميدانية.

وكان الأردن أول من اتخذ خطوات عملية لإنشاء ودعم مستشفيات ميدانية في غزة، فعزز منذ بداية الحرب المستشفى الميداني الأردني 'غزة 76'، الواقع في منطقة تل الهوى، شمالي القطاع، بثلاث دفعات من المعدات والمستلزمات الطبية، كما استحدث الأردن مستشفى ميدانياً ثانياً في خانيونس بطاقة استيعابية بلغت 41 سريراً.

إلى ذلك دشن المستشفى الميداني الإماراتي، في 2 ديسمبر 2023، أعماله في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، بإشراف فريق طبي إماراتي، وبسعة تتجاوز 150 سريراً، ضمن عملية 'الفارس الشهم 3' التي أطلقها الرئيس الإماراتي، في 5 نوفمبر الماضي.

جمعية الهلال الأحمر الكويتي توقع مع نظيرتها المصرية اتفاقية لإنشاء مستشفى ميداني في قطاع غزة بتكلفة تزيد على مليوني دولار

ويتكون المستشفى من 'غرف للعمليات الجراحية مؤهلة لإجراء أنواع الجراحات المختلفة، ومن ضمنها العامة وجراحة الأطفال وجراحة الأوعية الدموية، إضافة إلى غرف للعناية المشددة للبالغين والأطفال، وقسم للتخدير، وعيادات تخصصية'.

الكويت وعبر جمعية الهلال الأحمر وقعت، يوم 2 ديسمبر، اتفاقية مع الهلال الأحمر المصري لإنشاء مستشفى ميداني بالقرب من مستشفى الأمل جنوبي القطاع، على مساحة تمتد 750 متراً متربعاً، وبطاقة استيعابية 35 سريراً، وبكلفة تتجاوز مليوني دولار.

كما أوضح المتحدث باسم وزارة الصحة، أشرف القدرة، أن قطر أبلغت الوزارة أنها ستعمل على تأمين مستشفى ميداني إضافي، إلى جانب المساعدات الطبية التي أرسلتها.

وبالفعل أعلن في 10 ديسمبر 2023 دخول المستشفى الميداني القطري إلى قطاع غزة، استعداداً لتقديم خدماته الصحية للمتضررين من العدوان الإسرائيلي المستمر.

وقال مدير إدارة الطوارئ والإغاثة في 'قطر الخيرية'، خالد عبد الله اليافعي، إنه تم إدخال المستشفى الميداني إلى 'قطاع غزة الصامد'، مشيراً إلى أنه سيتم التنسيق مع وزارة الصحة لتركيبه والبدء بتشغيله، وتوفير الاحتياجات الطبية اللازمة.

وأكد في تسجيل مصور نشرته منصة 'نديب قطر' الإعلامية القطرية أن 'المستشفى يضم 6 غرف للعناية المركزة، و44 سريراً طبياً'.

وكذلك توجه طاقم متكامل من القوات المسلحة القطرية على متن سفينة المستشفى البحرية الإيطالية 'فولكانو' من قبرص باتجاه مصر، وعلى متنها مستشفى متكامل لنقل المصابين إليها، وتقديم العلاجات الطبية اللازمة.

وأكمل فريق طبي تركي عملية مسح لإنشاء مستشفى ميداني تركي في قطاع غزة، وفقاً لتدوينة لوزير الصحة التركي فخر الدين قوجة على حسابه الرسمي في منصة 'إكس'، يوم 29 نوفمبر.