اخبار الإمارات
موقع كل يوم -وطن يغرد خارج السرب
نشر بتاريخ: ٤ أيار ٢٠٢٥
وطن – في وقت تتراكم فيه الاتهامات الدولية بحق الإمارات بدعم ميليشيات متورطة في جرائم ضد الإنسانية، أطلقت أبوظبي ما وصفته بـ'أكاديمية المؤثرين'—مشروع ناعم بواجهة فاخرة يهدف إلى تبييض الصورة القاتمة التي ترافق سجل الدولة في ملفات حقوق الإنسان والحروب بالوكالة.
من الخارج، تبدو الأكاديمية كفرصة ذهبية: إقامة راقية، رواتب شهرية مجزية، تذاكر سفر، ومحتوى تدريبي إعلامي محترف. لكن خلف البريق، تكمن وظيفة موجهة بوضوح: الترويج لدبي والإمارات كواحة للرفاهية والتقدّم، دون أن يمرّ المؤثر ولو بجملة عابرة على القمع السياسي أو انتهاكات الحريات أو دعم أنظمة قمعية وميليشيات في الخارج.
البرنامج يهدف لجذب المؤثرين من حول العالم، خصوصًا من الدول الغربية والعربية، في وقت تسعى الإمارات إلى تعزيز نفوذها الناعم عبر الإعلام الاجتماعي. المطلوب بسيط: منشورات يومية، قصص قصيرة، مقاطع فيديو تُظهر دبي كرمز للحداثة والانفتاح… مقابل سكوت مدروس عن السجون السرية، والناشطين المعتقلين، وملف دعم ميليشيات الدعم السريع في السودان.
فهذه الميليشيات، بحسب شهادات أممية وأدلة جمعتها محكمة العدل الدولية، ارتكبت مجازر جماعية وأعمال تطهير عرقي في دارفور وغيرها، وسط دعم سياسي ومالي وعسكري من أطراف متعددة، بينها الإمارات.
'أكاديمية المؤثرين' لا تُدرّب فقط على تقنيات السوشال ميديا، بل على فنّ التغافل. يُمنع الحديث عن السياسة، لا يُشجّع على التساؤل، ولا يُسمح بكشف ما وراء الكواليس. في المقابل، يُروَّج لكل ما هو سطحي وبراق: ناطحات السحاب، مولات التسوّق، الصحارى الساحرة، وبرامج الترفيه.
وما يجري، في جوهره، ليس سوى إعادة هندسة للصورة الذهنية العالمية عن الدولة. المؤثر لا يصبح إعلاميًا حرًا، بل أداة في ماكينة دعاية مدروسة، تُلمّع وتُعقّم وتُبعد الرأي العام عن ملفات مزعجة.
منصات التواصل أصبحت امتدادًا للأنظمة، وحسابات المؤثرين باتت وسيلة لإخفاء ما لا ترغب الإمارات في ظهوره. شخصيات مثل أمجد طه لا تُمثل رأيًا حرًا بقدر ما تُجسد دور 'البوق العصري' المغلّف بابتسامة وسيناريوهات متقنة الصياغة.
وما يزيد خطورة الظاهرة هو أن العديد من هؤلاء المؤثرين لا يدركون أنهم يُستغلون لتلميع جرائم، أو يدركون ويقبلون ذلك مقابل الامتيازات.
في عالم تُدار فيه الجرائم السياسية عبر محتوى إنستغرام وتُخفى الانتهاكات خلف صور مرتبة، تتحوّل المبادرات الإعلامية إلى أدوات تضليل لا أقل. 'أكاديمية المؤثرين' هي نموذج صارخ لتحويل الحريات الفردية إلى أداة في يد السلطة، وتبديل الحقيقة بسيناريو مصور مسبقًا يخدم سردية الدولة، لا واقع الناس.