طقس لاهب يؤرقها.. كيف حاولت دول الخليج تبريد شوارعها؟

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

طلاء الشوارع بمواد صديقة للبيئة.

حققت بعض الدول نجاحات في خفض دراجات الحرارة.

يعرف عن دول الخليج ارتفاع درجات الحرارة فيها خلال فصل الصيف مع تسجيل أرقام قياسية، وهو ما يجعل شوارعها وطرقها غير مناسبة صيفاً، علاوة على تعذر ممارسة الرياضة على سكانها طيلة فترة النهار.

لمواجهة ارتفاع درجة الحرارة والشمس الحارقة خلال أيام النهار، عملت دول خليجية على ابتكار تقنيات جديدة لتخفيف الحر في شوارعها، والحفاظ على أجواء لطيفة، خاصة خلال الصيف.

وتعد الأفكار التي أدخلتها دول خليجية على شوارعها لمواجهة الحرارة المرتفعة ابتكارية، إضافة إلى أن بعضها حقق نجاحات في الأهداف الموضوعة، وأبرزها ترطيب الأجواء وتقليل درجات الحرارة.

تقنية سعودية

السعودية التي تعاني من ارتفاع درجات الحرارة وتعيش أجواء صحراوية، أدخلت تقنية جديدة لـ'تبريد الطرق' في المملكة، في خطوة تستهدف من خلالها الحد من ارتفاع درجات الحرارة، وخاصة في فصل الصيف.

وأعلنت الهيئة العامة للطرق السعودية، يوم 14 مارس 2023، بدء تجربة تقنية جديدة بالشراكة مع وزارة البلدية، من خلال تطبيق الدراسة البحثية الخاصة بتبريد الأسطح الإسفلتية.

وعن تفاصيل التقنية الجديدة، أوضحت الهيئة أنه تم استخدام هذه التجربة لكون الطرق تمتص الحرارة أثناء النهار، وتصل درجة حرارتها في بعض الأحيان إلى 70 درجة مئوية، مبينة أن الطرق تقوم علمياً بإعادة إطلاق هذه الحرارة ليلاً، ما يسبب ظاهرة علمية تؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة وتلوث الهواء.

وقالت إنه لمعالجة هذه الظاهرة تم البدء بتجربة استخدام ما يعرف بالأرصفة الباردة؛ وهي عبارة عن عدة مواد محلية الصنع قادرة على امتصاص كميات أقل من الأشعة الشمسية، وعكس الأشعة، ومن ثم تكون درجة حرارة سطحها أقل من الأرصفة التقليدية.

وتوجد، وفق الهيئة، عدة أهداف للتقنية الجديدة؛ وهي خفض درجة الحرارة في الأحياء والمناطق السكنية، وتقليل الطاقة المستخدمة في تبريد المباني، وتقليل آثار تغير المناخ.

وتسهم  التقنية في 'توفير بيئة أكثر راحة في مناطق الانتظار والمناطق التي يتجمع فيها الناس'، لافتة إلى أن 'تجربة التقنية الجديدة تأتي ضمن حزمة من التجارب العلمية التي يجري تنفيذها بهدف الارتقاء بتجربة مستخدمي الطرق'.

خطط قطرية

قطر كذلك من ضمن الدول الخليجية التي تعاني أيضاً من ارتفاع درجة الحرارة؛ حيث استخدمت تجربة ناجحة في تلطيف الأجواء في شوارعها، إضافة إلى افتتاح حديقة مكيفة.

وافتتح وزير البلدية القطري عبد الله السبيعي، في نوفمبر الماضي، حديقة 'أم السنيم' بمدينة الريان، التي تحتوي على أطول مسارٍ خارجي مكيف في العالم يبلغ طوله 1143 متراً، لتشجيع الجمهور على ممارسة رياضة الجري والمشي.

ودخلت الهيئة أيضاً في موسوعة غينيس للأرقام القياسية بتدشين أطول مسار مكيف للمشي والجري في حديقة 'أم السنيم'.

وبين السبيعي أن مسارات المشاة المكيفة تتمتع بأقصى درجات الاستدامة؛ مثل التصميم الذي يتحكم بإعادة تجديد الهواء واستخدام الطاقة الشمسيَّة والاهتمام بزراعة الأشجار ونوعيتها نظراً لدورها البيئي الكبير.

وسبق افتتاح الحديقة المكيفة في قطر استخدام هيئة الأشغال العامة القطرية 'أشغال' فكرة طلاء بعض شوارع الدوحة باللون الأزرق بهدف تخفيض حرارة الإسفلت بنحو 15 إلى 20 درجة مئوية.

وأكدت الهيئة القطرية التي تقف وراء الفكرة، وبدأت بتطبيقها في أكتوبر 2019، أن التجربة التي تمت بالتعاون مع إحدى الشركات اليابانية، تعد ناجحة.

وبينت أن انخفاض درجة حرارة سطح الطريق المطلي باللون الأزرق إلى 57 درجة مئوية مقارنة بسطح الإسفلت الأسود الذي سجل 65 درجة مئوية خلال الرصد.

وأوضحت الهيئة أن المادة المبردة أسهمت في انخفاض درجات حرارة الطريق 9 درجات مئوية كاملة عن نظيرتها التقليدية، مبينة أن الطقس سجل 40.3 درجة مئوية خلال الرصد.

وحول تفاصيل التجربة، أوضحت الهيئة أنه تم تركيب حساسات لقياس درجات حرارة المادة المبردة للإسفلت ودرجات حرارة الإسفلت غير المطلي بالمادة المبردة على مدار 18 شهراً لتحديد مدى نجاح التجربة وإمكانية تطبيقها على نطاق أوسع في قطر.

تغطية للشوارع

أما الإمارات فقد بدأت بتغطية بعض شوارعها وممرات الطرق للتخفيف من درجة الحرارة وحماية سالكي هذه الطرق من الشمس الحارقة.

وانتشرت في الإمارات أيضاً مظلات ذكية مكيفة في الشوارع تستخدم لانتظار الركاب في محطات الحافلات.

ونفذت بلدية دبي مشروعاً يهدف إلى استغلال الطاقة الشمسية في تشغيل الإضاءة وتوفير الطاقة، من أجل توفير حماية للمشاة أثناء النهار وتشجيعهم على السير على الأقدام في الشوارع والأسوق المكشوفة، من خلال تغطيتها وترطيبها برذاذ المياه المتوقع له أن يخفف ما معدله خمس درجات من درجة الحرارة الطبيعية.

وفي دبي أيضاً مدينة مكيفة بالهواء بشكل كامل على وجه الأرض، بما فيها الشوارع والأبنية والساحات وغيرها.

وفي البحرين أطلقت وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني مبادرة 'إكثار النخيل'، في فبراير 2019، التي تهدف إلى زيادة عدد النخيل في مناطق البلاد المختلفة.

وتهدف السلطات البحرينية من إطلاق المبادرة وزراعة الأشجار إلى وقاية المشاة من حرارة الشمس، وزيادة الرقعة الخضراء ومردودها الإيجابي على البيئة والمجتمع.

تجربة كويتية 

الكويت يشهد مناخها ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة، حيث تصل أحياناً إلى 50 درجة مئوية، إضافة إلى أنه سبق أن صنفت على أنها الأشد حرارة على سطح الأرض.

ومن أبرز الحلول التي وضعتها السلطات الكويتية لمواجهة درجة الحرارة في الشوارع العمل على بدء تجريب طلاء بعض الشوارع بمادة صديقة للبيئة.

ووقعت الهيئة العامة للبيئة الكويتية، في ديسمبر 2020، اتفاقية تعاون مع شركة يابانية متخصصة؛ بهدف اجراء مشروع تجريبي لطلاء بعض الشوارع بمادة صديقة للبيئة، تعمل على تخفيض درجة الحرارة بنحو 10 درجات مئوية، والمساهمة بتقليل تطاير الحصا وزيادة العمر الافتراضي للطرق.

وأكدت الهيئة أنه سيتم تعميم التجربة حال نجاحها على مستوى الجهات المعنية في الكويت، لاستخدام هذه المنتجات التي تساهم بتقليل درجات الحرارة وتساعد على تحسين الطرق.