وضع "حبة الكرز" التي تنقصه.. كيف حقق مانشستر سيتي حلمه الأوروبي؟

عبد الله حاتم - الخليج أونلاين

- أين أقيم النهائي؟

على ملعب 'أتاتورك الأولمبي' بمدينة إسطنبول التركية.

- على من تغلب مانشستر سيتي؟

إنتر ميلان الإيطالي.

كم مرة تأهل 'السيتزن' لنهائي أبطال أوروبا؟

مرتين أعوام 2021 و2023.

أخيراً كسر مانشستر سيتي عقدة الفوز بدوري أبطال أوروبا، فبعد سنوات طويلة من التحضير والمحاولة نجحت كتيبة المدرب الإسباني بيب غوارديولا في معانقة كأس 'ذات الأذنين'، ووضعت 'حبة الكرز' على كعكة ألقابها.

وبعد مباراة ماراثونية مع إنتر ميلان الإيطالي، نجح 'السيتيزن' في التغلب عليه بهدف نظيف خلال النهائي الذي احتضنه ملعب 'أتاتورك الأولمبي'، بمدينة إسطنبول التركية، السبت (10 يونيو).

وبهذا الفوز أصبح 'السيتيزن' أول نادٍ مملوك خليجياً وعربياً يتوج بدوري أبطال أوروبا، وثاني نادٍ محلي بعد جاره مانشستر يونايتد يحقق الثلاثية للمرة الأولى في تاريخه، بعد فوزه في وقت سابق بلقبي الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزي.

هدف رودري الأول

مانشستر ستي 1-0 الإنتر

ويمثل هذا الفوز نجاحاً للاستثمار الإماراتي في 'الستي' بعد 15 عاماً على الاستحواذ عليه، وبعيد الفوز أعرب غوارديولا عن امتنانه لإدارة النادي على تجديد الثقة به بعد الفشل في تحقيق دوري الأبطال، خلال الموسمين الماضيين، عندما كان قريباً جداً من ذلك.

وقال في المؤتمر الصحفي بعد النهائي: 'لقد كان الجميع يقول إن علينا أن نفوز بدوري الأبطال لنكون كاملين، كل ما حققناه لم يكن كافياً إلا بالفوز بدوري الأبطال. أنا مدرّب جيّد أعرف ذلك، لكن لا يمكنني تحقيق الثلاثية كل موسم'.

وأضاف أن 'أحد أهم الأسباب التي أوصلت الفريق إلى ما هو عليه هو أن أبوظبي والشيخ منصور (بن زايد) استحوذوا على النادي، من دون ذلك لم نكن لنصل إلى هنا'.

كما هنّأ نائب رئيس الإمارات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، مالك مانشستر سيتي، جماهير النادي الإنكليزي على الفوز، مشيداً بدور الجهاز الفني بقيادة المدرب الإسباني المخضرم.

نهنئ جماهير مانشستر سيتي بتتويجه بلقب دوريّ أبطال أوروبا في موسم استثنائي.. إنجاز يمثل استمرار النادي في ترسيخ مكانته في صدارة الأندية العالمية..ونشيد بجهود كل من ساهموا في تحقيق هذا الانجاز من مجلس الإدارة والجهاز الفني بقيادة غوارديولا والجهاز الإداري واللاعبين والجماهير الوفية

رحلة طويلة

لم يكن طريق 'الستي' نحو اللقب الأوروبي الأغلى معبداً وسهلاً، لكن يشيد كثيرون بالنموذج الفني الذي اعتمده غوارديولا منذ توليه تدريب النادي عام 2016.

فعلى الرغم من النجاح على صعيد البطولات الإنجليزية، حيث حقق 13 بطولة في المجمل، الدوري الإنجليزي 5 مرات في آخر 6 مواسم، وكأس رابطة الأندية الإنجليزية 4 مرات، وكأس الدرع الخيرية مرتين، وكأس الاتحاد الإنجليزي مرتين، شكل لقب 'الشامبينزليغ' عقدة كبيرة له ولفريقه.

وكانت أبزر الهزائم في دوري الأبطال على يد فرق أقل فنياً ومادياً من مانشستر سيتي، وهو موناكو الفرنسي في دور الـ 16 عام 2017، وعلى يد ليفربول عام 2018 في ربع النهائي، ثم توتنهام في نصف النهائي عام 2019، وليون الفرنسي في ربع نهائي عام 2020.

وكان النادي قاب قوسين أو أدنى من الفوز بالبطولة عام 2021، لكن سقط أمام تشيلسي اللندني في نهائي البطولة حينها، كما خسر أمام ريال مدريد درامياً في نصف نهائي البطولة عام 2022، بعد أن كان قد ضمن التأهل للنهائي، وبعدها علت أصوات جماهير النادي مطالبة بإقالة غوارديولا؛ بسبب فشله في دوري أبطال أوروبا منذ تعيينه.

لكن إدارة المان سيتي بقيادة خلدون المبارك جددت ثقتها بغوارديولا، وواصلت الرهان عليه، إذ أشار موقع 'فوت ميركاتو' الفرنسي العام الماضي إلى أن النادي رصد نحو 300 مليون جنيه إسترليني (400 مليون دولار) لإبرام تعاقدات في سوق الانتقالات الصيفية المقبلة، تدعيماً لصفوف السماوي، بداية من الموسم الجديد.

وبالفعل كسبت الإدارة الإماراتية الرهان على المدرب الإسباني المخضرم، الذي أنفق على الصفقات منذ وصوله لتدريب النادي ملياراً و240 مليون يورو (مليار و400 مليون دولار)، حسبما كشفت صحيفة 'ماركا' الإسبانية الشهيرة.

لكن الصحيفة تشير إلى أن 'معظم هذه الصفقات لم تكن من أجل لاعبين كبار أو نجوم الصف الأول في أوروبا والعالم، بل جاءت كلها من أجل خدمة منظومة الفريق'، مثل التعاقد مع المهاجم آرلينغ هالاند القادم من بروسيا دورتموند الألماني عام 2020، الذي أصبح هداف الفريق، وجاك غيريليش من أستون فيلا الإنجليزي، وروبين دياز من بنفيكا البرتغالي.

وتشير الـ'ماركا' إلى أن ما يميز غوارديولا هو التعلم من أخطائه، والتغير المستمر في نمط تدريباته لمفاجأة المنافسين الذين يتغيرون باستمرار، وقد نجح ذلك من خلال الإطاحة بريال مدريد، والثأر لهزيمة الموسم الماضي في إياب نصف النهائي الذي جرى في أبريل الماضي.

ولم ينسَ غواردويلا التجارب الطويلة التي عاناها مع النادي الملكي، إذ وجه له رسالة طريفة عقب الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا، قائلاً: 'كن حذراً يا ريال مدريد إذا نمت قليلاً فإننا سنلحق بك.. نحن على بعد 13 لقباً منك في دوري أبطال أوروبا، لكننا قادمون من أجلك نحن في طريقنا'.

وفي تصريح سابق لـ'الخليج أونلاين'، شرح المحلل الرياضي عروة قنواتي الأسلوب الفني المتبع في 'الستي'، حيث أوضح أن 'الاستقرار الفني منذ سنوات، وعقلية بيب غوارديولا، تخدم مسيرة الفريق الأول في النادي'.

وأوضح أنه 'ليس سهلاً في كل موسم أن يكون لأي فريق 12 مباراة من النوع الثقيل مع ليفربول وتشيلسي واليونايتد وتوتنهام وأرسنال وليستر، ومن ثم اللعب على كل احتمالات التتويج في بطولات الرابطة والكأس والاستعداد لمجموعات وإقصائيات الشامبيونز'، مضيفاً: 'هذا يتطلب جهوداً مضاعفة وأموال ولاعبين من النوع الرفيع وقليل من الإصابات'.

رعاية إماراتية

ولا يمكن الحديث عن تحقيق الحلم الأوروبي لـ'السيتيزن' دون التطرق للإدارة الإماراتية التي استحوذت عليه في العام 2008، عندما اشترت مجموعة أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار، التابعة لصندوق أبوظبي السيادي، النادي مقابل 1.5 مليار جنية إسترليني (مليارا دولار).

ومنذ ذلك الحين وحتى الموسم المنتهي أنفق النادي نحو ملياري دولار، وبدأ السيتي رحلة الألقاب في الحقبة الإماراتية بالحصول على لقب كأس الاتحاد الإنجليزي 2011، بعد غياب 42 عاماً.

وفي العام التالي 2012، حقق مانشستر سيتي أول ألقابه في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب استمر 44 عاماً، وفي العام نفسه فاز بلقب الدرع الخيرية بعد غياب استمر 40 عاماً، قبل أن يفوز بكأس رابطة المحترفين في 2014 بعد غياب استمر 38 عاماً.

ومنذ ذلك الحين تفوق 'السماوي' داخل إنجلترا بشكل ملموس، وحقق 20 لقباً بواقع 7 في الدوري الإنجليزي، و6 في كأس رابطة المحترفين، و3 ألقاب في كأس الاتحاد الإنجليزي، و3 في الدرع الخيرية.

ومن اللافت أن إدارة النادي برئاسة الشيخ منصور، والمدير التنفيذي خلدون المبارك، نأت بنفسها عن قرارات غوارديولا الفنية، واكتفت بلعب دور الممول، إذ ينسب كثيرون الفضل في نجاح 'السيتي' ومدربه إلى ميزانية النادي الضخمة، لكن أندية أخرى تمتلك ميزانيات شبيهة، ولم تحقق ما حققه 'السيتيزن'؛ مثل باريس سان جيرمان، ومانشستر يونايتد، وبايرن ميونيخ، وغيرهم.

كما أن ما يعزز هذا الأمر هو أن السيتي يخوض الكثير من البطولات المحلية المرهقة والطويلة المختلفة عن باقي البطولات الأوروبية، التي ربما تحتاج إلى أندية أخرى أضعاف الجهد الذي بذله النادي الإنجليزي لتصل إلى ما وصل إليه.

وشهدت مباراة التتويج حضوراً رسمياً رفيعاً من جانب الإدارة الإماراتية لدعم الفريق، حيث حضر على المدرجات كل من رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وشقيقه مالك النادي منصور بن زايد.

وعقب اللقاء أوضح غوارديولا أنه 'يشعر بالإرهاق والهدوء والرضا، كان من الصعب للغاية الفوز بذلك اللقب'، مضيفاً: 'اللاعبون جيدون للغاية، أخبرتهم بين الشوطين بضرورة التحلي بالصبر، ويجب أن تحظى بالحظ، كان يمكن أن يتعادلوا، هذه المسابقة مثل العملة، الأمر كان مكتوباً لنا في النجوم (التتويج)'.

وتابع: 'لم نكن في أفضل مستوى لنا، بعد كأس العالم اتخذنا خطوة للأمام، لا أملك حالياً أي طاقة للتفكير في الموسم المقبل، نحتاج إلى الراحة، كانت الرحلة طويلة'.

ومن المؤكد أن الإدارة الإماراتية ستواصل الاعتماد على غوارديلا والثقة في أسلوبه الفني، الأمر الذي يجعل رسالته لريال مدريد بأنه قادم أوروبياً ليست من قبيل 'المزاح'، إنما تدق جرس إنذار لكافة الأندية الأوروبية بأن 'العملاق السماوي' قد استيقظ.