"رغم تخلي الاقتصاد عنه".. لماذا يحتفظ "اللؤلؤ" ببريقه في الخليج؟

سلمى حداد - الخليج أونلاين

- الفكرة.. رغم أن أسواق اللؤلؤ لم تعد ضمن ركائز اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الرئيسية منذ اكتشاف النفط الخام قبل نحو 90 عاماً، فإن الأحجار الكريمة ما زالت تحظى باهتمام ورمزية تراثية رفيعة بهذه الدول.

كما أن تجارة الأحجار الكريمة، وخاصة اللؤلؤ، تحظى باهتمام وإقبال واسع من محبي اقتنائها في دول الخليج الثرية، خاصة النساء؛ لما تمثله من قيمة اقتصادية واعتبارية تلفت نظر كثير من أفراد المجتمع.

وتشهد المنطقة الخليجية بين الحين والآخر فعاليات ومزادات ترتبط بتجارة اللؤلؤ والألماس وبقية الأحجار الكريمة.

- ما الجديد؟ أعلن معهد البحرين للؤلؤ والأحجار الكريمة 'دانات'، في 18 يونيو الجاري، استضافة البلاد أول مزاد عالمي للؤلؤ الطبيعي.

وأنتجت البحرين اللؤلؤ الطبيعي لعدة قرون؛ حيث تنعم بقيعان البحر التي تغذيها المياه العذبة، وهي بيئة مثالية لنمو اللؤلؤ.

وقال المعهد في بيان له، إن المزاد سيقام في مقره بمركز البحرين التجاري العالمي بالمنامة، يوم 20 يونيو الجاري.

وأوضح أنه سيورد معظم اللؤلؤ المعروض في المزاد مباشرة من مصادر أولية للؤلؤ الطبيعي، حيث يقوم المعهد بدور فعال في جمع وتصنيف وفحص اللؤلؤ المقرر عرضه بالمزاد العالمي.

وبين أنه سيعرض اللؤلؤ الطبيعي فقط للبيع، وسيتبع المزاد نظام 'دانات' لتصنيفه من حيث وصف اللون والشكل والرونق.

ومعهد البحرين للؤلؤ والأحجار الكريمة (دانات) هو مختبر للأحجار الكريمة على مستوى عالمي، ومركز تعليمي وبحث، متخصص في اختبار ودراسة اللؤلؤ الطبيعي، إضافة إلى تدريس مجموعة من الدورات التعليمية والمؤهلات المعترف بها دولياً في علم الأحجار الكريمة.

وفي إطار سمعة البحرين الكبيرة في تجارة واستخراج اللؤلؤ والأحجار الكريمة، أفادت وكالة الأنباء البحرينية 'بنا' بأن المملكة وتركيا بحثتا، في يناير 2023، تبادل الخبرات بين المنامة وأنقرة في مجال اللؤلؤ.

وقالت الوكالة، إن سفيرة تركيا لدى البحرين إيسن تشاكيل زارت معهد البحرين للؤلؤ والأحجار الكريمة 'دانات'، والتقت إدارته.

وذكرت أن الجانبين بحثا 'تبادل الخبرات بين مملكة البحرين وجمهورية تركيا في مجال اللؤلؤ والأحجار الكريمة والجواهر، وبناء القدرات في هذا المجال الحيوي، الذي يشكل عاملاً مهماً في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين'.

ووفقاً للوكالة، قدمت إدارة المعهد عرضاً حول الجهود التي يقوم بها 'دانات' لإحياء قطاع اللؤلؤ بالبحرين، ودوره في تعزيز الثقة بتجارة اللؤلؤ محلياً وإقليمياً ودولياً.

- تجارة حيوية.. سجلت واردات السعودية من اللؤلؤ والأحجار الكريمة في العام 2022 قيمة تاريخية، بارتفاع بلغ 37٪ عن العام 2021.

وذكرت صحيفة 'الاقتصادية' المحلية، في أبريل الماضي، أن الواردات للعام 2022 بلغت نحو 28 مليار ريال (7.47 مليارات دولار)، بزيادة بلغت 7.5 مليار ريال (مليارا دولار) عن مستوياتها في 2021 البالغة 20.44 مليار ريال (5.45 مليارات دولار).

واستندت الصحيفة إلى بيانات الهيئة العامة للإحصاء، مشيرة إلى أن واردات السعودية من اللؤلؤ والأحجار الكريمة حلت ثامن أهم أقسام السلع المستوردة خلال 2022، مشكلة 4٪ من إجمالي الواردات البالغة 706.3 مليارات ريال (188.31 مليار دولار).

كما صدرت السعودية خلال 2022 ما قيمته 5.4 مليارات ريال (1.44 مليار دولار) من اللؤلؤ والأحجار الكريمة، متراجعة بنسبة 30٪، بما يعادل 2.3 مليار ريال (613 مليون دولار) عن مستوياتها في 2021 البالغة 7.8 مليارات ريال (2.02 مليار دولار).

وشكلت الإمارات وسويسرا 78٪ من واردات السعودية من اللؤلؤ والأحجار الكريمة خلال 2022.

وفي جانب الصادرات صدرت المملكة 75٪ من اللؤلؤ والأحجار الكريمة خلال 2022 إلى الإمارات وسويسرا.

- هل من اكتشافات جديدة؟ دائرة السياحة والآثار بإمارة أم القيوين أعلنت، في مارس 2023، اكتشاف أقدم مدينة لصيد اللؤلؤ في الخليج العربي.

وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية 'وام'، فإن الجزيرة كانت مأهولة، في الفترة ما بين أواخر القرن السادس إلى منتصف القرن الثامن الميلادي، وتقع المدينة بالقرب من الدير المسيحي القديم (دير السينية) الذي اكتشف العام الماضي.

وقالت رئيسة قسم الآثار بالدائرة رانيا قنومة: إن 'مدينة صيد اللؤلؤ المكتشفة بجزيرة السينية تبلغ مساحتها 12 هكتاراً، وتعد مميزة نتيجة اكتشافها خلال الحفريات الأثرية المنظمة في موسم التنقيب 2023'.

وتعد المدينة واحدة من أكبر التجمعات العمرانية الباقية على الإطلاق في الإمارات، والتي يمكن مقارنتها بازدهار مدينة جلفار برأس الخيمة في العصور الوسطى.

كما تضم مدينة صيد اللؤلؤ بجزيرة السينية عدداً كبيراً من المنازل، مما يشير إلى وجود آلاف السكان الذين عاشوا فيها آنذاك، ومباني مختلفة التصميم والتخطيط المعماري، حيث إن بعضها يتكون من غرفة واحدة، وبعضها يتكون من غرفتين.

واكتشفت مبانٍ أخرى كبيرة تضم عديداً من الغرف، ويفصل بينها عدد من الساحات الداخلية، وقدبنيت المنازل من صخور الشاطئ المحلية والمواد التقليدية في البيئة المحيطة بالمدينة، وكانت الأسطح مصنوعة من جذوع النخيل.

وتعد الإمارات من أكثر دول المنطقة ازدهاراً بتجارة اللؤلؤ، حيث تبلغ قيمتها أكثر من 357 ملياراً و873 مليون درهم (نحو مليار دولار) سنوياً، حسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء المعلنة في العام 2021.

- ماذا عن قطر؟ في حين أن صيد اللؤلؤ لم يعد حيوياً للاقتصاد القطري، إلا أنه يحتفل به كجزء من الثقافة القطرية، عبر مسابقات سنوية تقام للغوص بحثاً عن اللؤلؤ، واحتفالات ثقافية.

وتقام هذه المسابقات التي شارك فيها المئات ضمن مهرجان قطر البحري السنوي الذي يستضيف أيضاً عروضاً موسيقية ومسرحية ورياضية.

ويتنافس الغواصون في هذه المسابقة على جائزة أولى قدرها 400 ألف ريال قطري (نحو 110 آلاف دولار).

كما تقيم الدوحة أيضاً مسابقة 'المينّي' للأطفال للغوص بحثاً عن اللؤلؤ، التي تنظمها المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) سنوياً.

ويشارك في المسابقة عشرات الأطفال القطريين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و16 عاماً، حتى يتمكنوا من خوض منافسات الغوص بحثاً عن اللؤلؤ بكفاءة فنية وبدنية عالية.

- ما تاريخ الخليج مع اللؤلؤ؟ قبل اكتشاف النفط في الخليج، اعتمد سكان الساحل العربي على الغوص في البحر واستخراج اللؤلؤ الطبيعي لتأمين معيشتهم، باعتباره المهنة الشعبية الأساسية التي يتّكل عليها الناس لكسب الرزق.

واستمرّ الغوص على اللؤلؤ باعتباره النشاط الاقتصادي الرئيس في دول الخليج حتى بدء أعمال الاستكشاف والتنقيب واسعة النطاق عن احتياطيات النفط في المنطقة.

ومنذ ما قبل الميلاد، بدأت هذه المهنة، لكنها برزت في القرن الـ19، وحتى أواسط القرن الـ20، في الخليج وإيران، وكانت المهنة الركيزة الرئيسية التي يعتمد عليها اقتصاد نسبة كبيرة من المدن القريبة من البحر.

وكانت دول الخليج تبيع اللؤلؤ وتصدّره إلى دول كبرى، مثل: بريطانيا، والهند، وفرنسا، وإيطاليا، وسائر أوروبا؛ إلى أن بدأت اليابان بإنتاج اللؤلؤ المستزرع.

وحدث ذلك في العام 1930، عندما تلقت أسواق اللؤلؤ في الخليج الضربة القاضية، فإنتاج اللؤلؤ المستزرع كان يتمّ بتكلفة أقل بكثير، وبشكل أسرع وإنتاجية أكبر، ليتوقف استخراج اللؤلؤ في الخليج.

وتؤكد بعض المصادر أنه لو لم يكتشف النفط في وقت لاحق قريب، لتعرّضت دول الخليج لتدهور كبير في الاقتصاد والبيئة غير القابلة للزراعة.