اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الإمارات اليوم
نشر بتاريخ: ١٩ تموز ٢٠٢٥
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «اتقوا النار ولو بشِق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيبة»، فما أعظم هذه الدلالة على الوقاية من النار التي وقودها الناس والحجارة! النار التي أعدت للكافرين والعاصين، وهي قسيمة الجنة التي أعدت للمتقين، فقد دلّنا الرؤوف الرحيم صلوات الله وسلامه عليه أن نقي أنفسنا من شرها بالتقرب إلى الله تعالى بما يجد الإنسان ويقدر عليه، ولو لم يكن إلا بهذا النزر اليسير من الصدقة المادية، وإن عجز عنها فلا أقل من صدقة القول التي تسر السامع أو تنفعه.
وهذا البيان من النبي عليه الصلاة والسلام حجة على كل من سمعه، فإن هو لم يق نفسه من النار فلا يلومنَّ إلا نفسه.
إن الصدقة التي تقع موقعها من المحتاج؛ تقع في يد الرحمن سبحانه وتعالى، فيتقبلها منه، وينمِّي أجرها لصاحبها كما يربي أحدنا فصيله، وهل لا يقدر أحد أن يقدم بين يدي قدومه على ربه صدقة، ولو بهذا القدر القليل؟!
علماً أن هذا التقليل إنما هو لحث المسلم على أن لا يستقل صدقته، بل أن يبذل مما يجد، فالمقلُّ الذي لا يجد جهداً إلا ذاك القليل فليقدمه إن وجد من يقبله، ولا يستقله فإن الله تعالى يقبل منه مثقال ذرة، وإن استحيا من القليل فليعلم أن المنع أسوأ من القليل. كما قيل:
افعل الخيرَ ما استطعت وإن كـــــــــــان قليلاً فلن تُحيط بكله
ومتى تفعل الكثير من الخــــــــــير إذا كنت تاركاً لأقلِّه؟!
وإذا جاد المرء بالقليل فإنه سيتعوَّد على الكثير، ويصبح كريماً محبوباً لله تعالى، وتكون يده عُليا وهي اليد التي يحبها الله تعالى، والمهم أن يضع صدقته في يد محتاج فيسد حاجته ويغيث لهفته، فإن الله تعالى يحب إغاثة اللهفان.
وكم نرى من المحتاجين الذين لا يجدون سداد عيش، أو سداد فاتورة كهرباء، أو فاتورة علاج، أو رسوم مدرسة، أو غير ذلك من أصناف حاجات من لا معيل لهم ولا منفق، فإذا وصل من هذا حاله إلى من يقدر على نفعه فليعلم أن الله تعالى ساقه إليه ليقدم لنفسه صدقة تقيه من النار، ويتقرب بها إلى العزيز الغفار، ولتكون سبباً لبركة ماله وعمره وولده، وتقيه من الآفات المحدقات، ويوم القيامة يكون في ظل هذه الصدقة، وليكن ذلك عن طريق المؤسسات المرخصة المعنية بالأمر، اتباعاً للنظام العام، وكي لا تقع في يد غير المستحق.
* كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه