ما وراء إجراء مناورات إماراتية تشادية قرب حدود السودان؟

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

بعد أيام قليلة من الكشف عن تقديم الإمارات دعماً عسكرياً لقوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني من خلال تشاد، بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف بـ'حميدتي'، عادت أبوظبي لتنفيذ مناورة في هذا البلد الأفريقي المحاذي للسودان.

وأعلنت وزارة الدفاع الإماراتية، يوم 4 أكتوبر 2023، انطلاق التمرين العسكري المشترك 'السيف القاطع' بين قواتها البرية وتشاد.

ويقام التمرين على أرض تشاد بهدف 'التطوير والتنسيق المشترك بين الجانبين، ورفع الجاهزية القتالية للوصول إلى الاحترافية'، وفقاً لوزارة الدفاع الإماراتية.

وتتواصل العلاقات بين الإمارات وتشاد عبر مجموعة من المجالات، وهي تعكس التزام الدولة الخليجية بتعزيز التعاون مع دول أفريقيا الوسطى والشرقية.

وتشهد مناطق الصحراء في تشاد نشاطاً مكثفاً من حيث التدريبات العسكرية والتعاون الأمني مع الإمارات.

وسبق أن أعلنت الإمارات، في أغسطس الماضي، تقديم دعم عسكري إلى تشاد لتمكينها وتعزيز قدراتها في مجال مكافحة الإرهاب ودعم برامج حماية الحدود.

وشملت المساعدات الدعم بآليات عسكرية ومعدات أمنية، وفق وكالة الأنباء الإماراتية (وام).

يذكر أن الحدود التشادية السودانية يبلغ طولها 1403 كم، وتمتد من النقطة الثلاثية مع ليبيا في الشمال إلى النقطة الثلاثية مع جمهورية أفريقيا الوسطى في الجنوب.

التمرين العسكري

يأتي التمرين العسكري بين الإمارات وتشاد بعد كشف صحيفة 'نيويورك تايمز' الأمريكية، أواخر سبتمبر 2023، عن أن الإمارات تدير عملية سرية متقنة لدعم قوات الدعم السريع في الحرب المتصاعدة في السودان، تحت ستار إنقاذ اللاجئين.

وتقوم الإمارات، وفق الصحيفة، بتزويد قوات الدعم السريع بأسلحة وطائرات بدون طيار، ومعالجة المقاتلين المصابين، ونقل الحالات الأكثر خطورة جواً إلى أحد مستشفياتها العسكرية.

وتتمركز العملية الإماراتي في مطار ومستشفى في بلدة نائية عبر الحدود السودانية في تشاد، حيث تهبط طائرات الشحن الإماراتية بشكل شبه يومي منذ يونيو.

وتوضح الصحيفة أن الأدلة تشير إلى أنها تدعم قوات الدعم السريع، لافتة إلى أن الإماراتيين 'يصرون على أن عمليتهم على الحدود مع السودان هي عملية إنسانية بحتة'.

وتضيف: 'في الواقع تستخدم الإمارات مهمة المساعدات الخاصة بها لإخفاء دعمها العسكري لقائد قوات الدعم السريع'.

دعم قائم

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي خليفة منصور أن الإمارات تقدم دعماً كبيراً لقوات الدعم السريع بوضوح من خلال تشاد، حيث شيدت قاعدة عسكرية في مدينة أمد جراس التشادية لتقديم هذا الدعم.

ويقول منصور في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'أي تحرك عسكري للإمارات في تشاد في هذا التوقيت يعد مشبوهاً، سواء كان تدريبات أو دعماً إنسانياً؛ لكونه يأتي في ظل حرب يعيشها السودان'.

ويوضح أن الإمارات تستخدم المساعدات الإنسانية والتدريبات العسكرية لقواتها مع نظيرتها التشادية للتمويه عن دعمها لقوات الدعم السريع التي تقاتل القوات المسلحة السودانية.

ويشير إلى أن التدريب العسكري الأخير بين الإمارات وتشاد مرتبط ارتباطاً كبيراً بما يحدث في السودان، وربما يكون هناك تقديم دعم عسكري إماراتي لقوات الدعم السريع وتدريبهم.

الرد الإماراتي

لكن الإمارات تنفي جملة وتفصيلاً اتهامات توجه إليها بشأن دعم قوات حميدتي؛ إذ أكدت مديرة إدارة الاتصال الاستراتيجي بوزارة الخارجية عفراء الهاملي، رفض حكومتها رفضاً قاطعاً وحاسماً لتلك الادعاءات.

وشددت الهاملي، في تصريحات نشرتها وكالة أنباء الإمارات 'وام'، منتصف أغسطس 2023، على 'عدم انحياز دولة الإمارات إلى أي طرف في النزاع الحالي في السودان، وأنها تسعى إلى إنهاء الصراع واحترام سيادة السودان'.

وبينت أن موقف بلادها منذ بداية النزاع السوداني لم يتغير، ودعوتها مستمرة من خلال اللقاءات الثنائية ومتعددة الأطراف بالتعاون مع شركائها من المجتمع الدولي إلى وقف التصعيد وإطلاق النار، وبدء الحوار الدبلوماسي.

كما علق أنور قرقاش، المستشار الرئاسي في دولة الإمارات، على البيان الصادر عن أبوظبي، الذي نفت فيه تزويد أي طرف من أطراف النزاع في السودان بالسلاح.

وقال قرقاش تعليقاً على البيان عبر صفحته على 'إكس': 'اسمع من الإمارات ولا تسمع ما يريد البعض قوله عنها'، مضيفاً: 'تصريح الدولة واضح، لسنا طرفاً في تسليح أي طرف في السودان'.

وأضاف: 'أولوياتنا سياسية وإنسانية منصبة على وقف فوري لإطلاق النار والتهيئة لحل سياسي يؤدي إلى حكومة انتقالية وانتخابات عامة'.

اسمع من الإمارات ولا تسمع ما يريد البعض قوله عنها، تصريح الدولة واضح، لسنا طرفاً في تسليح أي طرف في السودان، وأولوياتنا سياسية وانسانية منصبة على وقف فوري لإطلاق النار والتهيئة لحل سياسي يؤدي إلى حكومة انتقالية وانتخابات عامة.

https://t.co/BtAyBzr1JW

قاعدة أم جراس

قاعدة أم جراس العسكرية هي قاعدة عسكرية في تشاد، تأسست في إطار العلاقات بين الأخيرة والإمارات وتعاونهما في مجالات الدفاع والأمن.

تقع القاعدة في محافظة وادي فضلي في تشاد، شمال شرقي العاصمة نجامينا، وتستخدم لأغراض تدريب وتنفيذ العمليات العسكرية وتعزيز التعاون العسكري بين الإمارات وتشاد.

وتضم القاعدة وحدات عسكرية إماراتية مختلفة، ومن ضمن ذلك القوات البرية والجوية.

ومع استمرار الحرب داخل السودان التي انطلقت، في أبريل الماضي، دار حديث عن استخدام تلك القاعدة من قبل الإمارات لدعم قوات الدعم السريع في السودان.

وأكدت صحيفة 'نيويورك تايمز' أن الإمارات استخدمت قاعدة أم جراس التشادية بجدية، في منتصف يونيو، أي بعد نحو شهرين من بدء الحرب للسيطرة على السودان، حيث بدأت حينها الطائرات بالوصول إلى المدينة، إذ تقول الإمارات إنه تم علاج أكثر من 6000 مريض منذ يوليو.

وتؤكد الصحيفة حصولها على صور من الأقمار الصناعية وبيانات تتبع الرحلات الجوية 'أن مطار أم جراس كان يتوسع ليصبح مطاراً صاخباً على الطراز العسكري، يبدو أنه يتجاوز احتياجات المستشفى الصغير. حيث تم إنشاء ملجأين مؤقتين للطائرات وحظيرة طائرات، وتم توسيع مجمع المستشفى وتخزين الوقود'.

وأظهرت لقطات فيديو المسؤولين الإماراتيين وهم يقدمون رزم المساعدة خارج البيوت المبنية من القش في القرى المجاورة، أو يتبرعون بالأغنام، أو يعمرون المدارس.

أيضاً نشر موقع لمتابعة حركة الطيران 'جيرجون'، في يوليو الماضي، تقريراً عن حركة غير عادية للطيران الإماراتي في أم جراس.

كما سبق أن كشفت صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأمريكية في تقرير لها أن دولة الإمارات تقدم دعماً عسكرياً لقوات الدعم السريع، التي تقاتل الجيش السوداني، وسط قلق أمريكي من هذا الدعم.

وبينت الصحيفة في تقرير لها، في أغسطس الماضي، أن طائرة شحن إماراتية هبطت في مطار أوغندي، بداية يونيو الماضي، تأكد أنها كانت تحمل أسلحة وذخيرة، في الوقت الذي كانت تُظهر فيه وثائق رسمية أن الطائرة تحمل مساعدات إنسانية إماراتية إلى اللاجئين السودانيين.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين أوغنديين قولهم إن الطائرة الإماراتية سمح لها بعد ذلك بمواصلة رحلتها إلى مطار أم جراس شرقي تشاد، وأكّدوا أنهم تلقوا بعد ذلك أوامر من رؤسائهم بالتوقف عن تفتيش الرحلات القادمة من الإمارات، وجرى تحذيرهم من التقاط أي صورة لتلك الطائرات.