اخبار الإمارات
موقع كل يوم -سي ان ان عربي
نشر بتاريخ: ٢٧ أيلول ٢٠٢٥
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد تبدو تقنيات البناء القديمة باستخدام التربة المدكوكة والتكنولوجيا الشمسية المتقدّمة مزيجًا غير متوقّع.
لكن هذا المزيج يُعتبر جوهر ما يُوصف بأنه 'أول مسجد في العالم صفري الطاقة'، المُقرّر افتتاحه في أبوظبي خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول، حيث صُمّم ليعمل من دون أي انبعاثات كربونية.
وقد كُلفت مدينة 'مصدر'، وهي مشروع تطوير حضري مستدام يقع يبْعد حوالي 30 كيلومترًا من وسط مدينة أبوظبي، ببناء هذا المسجد، الذي صمّمته شركة 'Arup' البريطانية العالمية للهندسة.
وسيولّد المسجد احتياجاته من الطاقة في الموقع بنسبة 100%، وذلك من خلال استخدام الألواح الشمسية، وتقنيات التبريد السلبي والتصميم الدائري لتقليل استهلاك الطاقة التشغيلية بنسبة الثلث، وتقليل استهلاك المياه بأكثر من النصف.
وتمثلت إحدى التحديات الرئيسية التي كان على المصمّمين إيجاد حلّ لها في الاتجاه الثابت للمسجد، الذي يحدّده جدار القبلة، المواجه دومًا لمكة.
وقال بول سيمونايت، المدير المساعد لدى شركة 'Arup'، لـCNN: 'غالبًا ما نرغب بتحسين الاتجاه بغية التقليل من أثر أشعة الشمس وكسب الحرارة'.
عوض ذلك، اضطر الفريق استكشاف وسائل أخرى، ضمنًا المظلات، والنوافذ والمناور المائلة، وعزل الجدران، واستخدام مواد تبريد للواجهة الخارجية.
وقد استُلهم المشروع من أسلوب البناء بالتربة المدكوك المستخدم في مسجد البديع، وهو أقدم مسجد قائم معروف في الإمارات، ويُعتقد أنه يعود إلى القرن الخامس عشر، حيث تم استخدام تربة من محجر محلي لبناء جدار القبلة بعرض 60 مترًا وارتفاع 7 أمتار بهدف عزل الحرارة، بحسب ما ذكرته آمنة الزعابي، كبيرة المحلّلين في فريق إدارة التصميم بمدينة مصدر، في حديثها مع CNN.
وأضافت الزعابي: 'الواجهة الغربية بالكامل، وهي الواجهة التي تتعرّض لأكبر قدر من أشعة الشمس، تم تحصينها بشكل مزدوج'، مشيرة إلى أنّ إنشاء هيكل بهذا الحجم باستخدام هذه التقنية 'لم يتم من قبل هنا في الإمارات'.
وسيستوعب المسجد نحو 1،300 مصلٍّ، وسيستخدم أجهزة استشعار ذكية لمراقبة الإشغال، ودرجة الحرارة، ونسبة الرطوبة، بحيث يتم تشغيل المراوح وأجهزة التكييف فقط عند الحاجة.
وتأمل الزعابي أن يشكّل هذا المشروع 'نموذجًا يُحتذى به' لبناء المساجد المستقبلية، وربما منشآت مجتمعية أخرى في أبوظبي وخارجها.
تصميم بسيط وعصري
عند الحديث عن بناء مساجد أكثر صداقة للبيئة بشكل أوسع، يقول خالد العواضي، الأستاذ المساعد بالهندسة المدنية والبيئية في جامعة خليفة بأبوظبي، غير المشارك في مشروع مصدر، إن عناصر الاستدامة تعد ميزة إضافية، لكن تحسين المباني السكنية يُعتبر أكثر أهمية.
وأضاف: 'إذا استطعنا التفكير بحلول تصميم سلبي أكثر للمساجد، مثل استخدام الإضاءة الطبيعية بشكل أكبر، والتهوية المتقاطعة خلال فصل الشتاء، فالأمر يستحق ذلك'.
ويأتي المسجد الخالي من الانبعاثات الكربونية كجزء من توجّه أوسع في الإمارات لإعادة التفكير بالفضاءات الدينية.
على سبيل المثال، مسجد 'استدامة'، هو أول مسجد في مدينة مصدر افتتح العام الماضي، يدمج أيضًا تصميماً معمارياً مبتكرًا ومستدامًا، حيث يستخدم الألواح الشمسية، وإعادة تدوير المياه الرمادية، وموقعا منخفضا وسط الحدائق لتقليل استهلاك الطاقة. وقد حصل على تصنيف LEED البلاتينية، أعلى شهادة دولية للأبنية الخضراء.