اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٣ كانون الأول ٢٠٢٥
كمال صالح - الخليج أونلاين
الإمارات والسعودية تعززان أقدامهما في قطاع المعادن الثمينة عبر استحواذات واتفاقات عالمية.
لم يعد سباق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي محصوراً بالابتكار التقني، بل امتد ليشمل السيطرة على المعادن النادرة التي تشكّل العمود الفقري لصناعات المستقبل.
وتشمل العناصر الأرضية النادرة معادن أساسية مثل 'النيوديميوم' و'الديسبروسيوم' و'التيربيوم'، التي تستخدم في تصنيع مغانط عالية القوة تشغّل محركات السيارات الكهربائية، وتوربينات الطاقة، وأنظمة الدفاع المتقدمة، إضافة إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والطاقة المتجددة.
كما تعد هذه المعادن مدخلاً حيوياً لأكثر المنظومات العسكرية تطوراً في الولايات المتحدة، من بينها مقاتلات F-35، والغواصات، وصواريخ توماهوك، وأنظمة الرادار والطائرات المسيّرة، ما يمنحها بعداً استراتيجياً يتجاوز الاستخدامات المدنية.
وبذلك أصبحت هذه المعادن ضرورة استراتيجية للدول الساعية للتموضع في صناعات الجيل القادم، وهو ما يدفع دول الخليج إلى تعزيز حضورها في هذا القطاع.
وفي المقابل تواصل الصين هيمنتها على معظم عمليات المعالجة والتكرير عالمياً، ما يجعلها لاعباً محورياً ومتحكماً في سلاسل التوريد العالمية المدنية والعسكرية.
ومع سعي واشنطن لتقليص اعتمادها على الصين، تبرز دول الخليج، ولا سيما الإمارات، كشريك استراتيجي قادر على إعادة تشكيل خريطة الإمدادات العالمية.
ريادة إماراتية
تظهر الإمارات اهتماماً كبيراً في قطاع الذكاء الاصطناعي، ويتجاوز هذا الاهتمام حدود الاستهلاك والاستثمار إلى التصنيع والتمكين في سلاسل التوريد، وهذا ما دفع واشنطن للبحث عن إمكانية تعزيز الشراكة مع أبوظبي.
وكانت وكالة 'بلومبيرغ' كشفت (1 ديسمبر) عن توجه أمريكي لإبرام اتفاقات مع 8 دول حليفة، من بينها الإمارات، لتعزيز سلاسل التوريد للرقائق الإلكترونية والمعادن الحيوية اللازمة لتكنلوجيا الذكاء الاصطناعي.
وفي أكتوبر الماضي، وقعت الإمارات والولايات المتحدة، بالشراكة مع شركة 'أوريون ريسورس بارتنرز'، اتفاقية استثمار بقيمة 1.8 مليار دولار، لتعزيز الوصول العالمي إلى المعادن الأساسية مثل الليثيوم والنحاس والعناصر الأرضية النادرة، التي تعتبر أساسية في الإلكترونيات، والطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية وتقنيات الدفاع.
هذا الاستثمار يضع الإمارات ضمن الجهود الدولية لإعادة تشكيل سلاسل التوريد بعيداً عن الهيمنة الصينية على هذا القطاع الحيوي، علماً بأن الإمارات من أبرز دول العالم التي أبرمت اتفاقات كبرى مع الولايات المتحدة في قطاع الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والتكنولوجيا.
كما ركزت شركات وكيانات استثمارية إماراتية استثماراتها في قطاع البنية التحتية والمعادن والمناجم في أفريقيا، كما هو حال استحواذ شركة الموارد العالمية القابضة الإماراتية على نسبة 51% في منجم 'مباني' مقابل 1.1 مليار دولار، في ديسمبر 2023.
هذا بالإضافة إلى استثمارات إماراتية في عدد من الأماكن الأخرى بأفريقيا لتأمين الإمداد، وتوزيع المخاطر، وفق تقرير لـ'بورصة المعادن النادرة' نُشر في (مايو 2025).
طموح سعودي
وعند الحديث عن هذا القطاع لا يمكن إغفال طموح السعودية في قطاع المعادن النادرة، ففي (مايو 2025)، وقعت الشركة السعودية للتعدين 'معادن' اتفاقية مع شركة 'إم بي ماتيريالز' الأمريكية، لبناء سلسلة متكاملة للعناصر الأرضية النادرة داخل السعودية، من التعدين والاستخراج إلى الفصل، وتصنيع المغانط.
وفي (نوفمبر 2025)، تحولت هذه المذكرة إلى اتفاق ملزم، بإطلاق مشروع مشترك بين الشركتين، وبمشاركة من وزارة الدفاع الأمريكية، بهدف إنشاء مصفاة في السعودية لتكرير المعادن الأرضية النادرة.
وتأتي أهمية السعودية في هذا القطاع من كونها موطناً لأحد أكثر رواسب العناصر الأرضية النادرة قيمة في العالم، ووفقاً لوزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، فإن رواسب جبل صايد، يحتوي على رابع أكبر احتياطيات من العناصر الأرضية النادرة حفي العالم، حيث تقدم بـ552 ألف طن من تلك العناصر الثقيلة، و355 ألف طن من العناصر الأرضية الخفيفة.
وأشارت جريسلين باسكاران، مديرة برنامج أمن المعادن الحرجة في المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية (19 نوفمبر 2025) إلى أن 'هذه الاحتياطيات، تجعل السعودية ذات أهمية بالغة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً في ظل المنافسة المحمومة والاحتكار الصيني لتصدير تلك المعادن'.
ووفق باسكاران، فإن السعودية تعمل على تعزيز قدرتها في هذا القطاع، بهدف المساهمة في إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية من خلال الحد من هيمنة الصين على قطاع المعالجة الوسطى.
كما تتميز المملكة بوفرة طاقة منخفضة التكلفة، وإطار تنظيمي محفز للاستثمار في التعدين، وموقع استراتيجي يمكّنها من معالجة المعادن النادرة والمواد الخام، ما يعزز سلاسل التوريد العالمية ويؤهلها لتصبح مركزاً عالمياً لمعالجة المعادن الأساسية، وفق مدير برنامج أمن المعادن بالمركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية.
استراتيجية الخليج
وتعتمد السعودية على الاستثمار في حصص أقلية داخل شركات التعدين الدولية لتأمين الإمدادات دول إدارة تشغيل مباشرة، بينما تعتمد الإمارات على استراتيجية استحواذ أغلبية، ما يمنحها السيطرة التشغيلية المباشرة، وفق تقرير لموقع 'The Cradle' المعنية بنشر التحليلات (سبتمبر 2025).
ومع ذلك فالاستثمار في قطاع المعادن النادرة لا يقتصر على السعودية والإمارات وحسب، بل تتجه دول أخرى كقطر إلى تعزيز وجودها ووضع أقدامها في هذا القطاع الحيوي، وفي المقدمة قطر.
ففي (21 نوفمبر 2025)، وقع صندوق قطر للاستثمار اتفاقية إطار تعاون مع كندا لتطوير توريد 'المعادن الحيوية' من المناجم التي تديرها في جنوب أفريقيا وجمهورية الكونغو، ضمن مساعي الدوحة لتأمين موارد خام استراتيجية خارج حدود الخليج.
كذلك تسعى سلطنة عُمان للدخول في هذا القطاع من خلال جملة من الاتفاقيات، كتوقيع اتفاقيتي امتياز رئيسيتين، في أكتوبر 2024، لتطوير مناطق ذات مؤشرات عالية في توفر رواسب وفيرة من الكروم والنحاس والسيليكا وغيرها.


































