زيارة لوزير جيوشها.. ما أشكال حضور فرنسا عسكرياً في الخليج؟

يوسف حمود - الخليج أونلاين

زيارة وزير الجيوش الفرنسية لثلاث دول خليجية.

 استئناف التعاون والمحادثات بين فرنسا وهذه الدول الخليجية، بتوسيع الاتفاقيات الدفاعية.

وجود قاعدة فرنسية بالإمارات وشراء دول خليجية لطائرات فرنسية.

اتسمت العلاقات الخليجية الفرنسية منذ سنوات باستقرار غير مسبوق في جميع المجالات، وكان الجانب العسكري أحد أبرز تلك العلاقات من خلال الصفقات العسكرية الكبيرة خلال السنوات الماضية، ومساهمة باريس في تطوير الترسانات العسكرية للدول الخليجية.

ولعل الزيارة التي قام بها وزير الجيوش الفرنسية، سيباستيان لوكورنو، إلى منطقة الخليج في سبتمبر 2023، تأتي في إطار استئناف التعاون والمحادثات بين باريس وهذه العواصم الخليجية، بتوسيع الاتفاقيات الدفاعية، والتي بدأ العمل في بعضها منذ أكثر من عشرين عاماً.

وتثير زيارة لوكورنو للخليج التساؤلات حول الصفقات ومجالات التعاون العسكري، خصوصاً أن فرنسا تعد من بين أكثر خمس دول تصديراً للأسلحة في العالم، فما سر هذه الزيارة في هذا التوقيت الذي يمر به العالم بتحالفات جديدة؟

زيارة لافتة

بداية من السعودية وختاماً بزيارة العاصمة الإماراتية أبوظبي، أتت زيارة وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو إلى منطقة الخليج (6 – 11 سبتمبر 2023)، في إطار التنسيق لمشاركة فرنسا ودول الخليج في مناورات عسكرية مشتركة لتعزيز إمكانية التشغيل البيني وتعزيز القدرات العسكرية، ورفع مبيعات المعدات الدفاعية.

خلال زيارته إلى الرياض، وهي الأولى منذ خمس سنوات للمملكة، التقى الوزير الفرنسي وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، وبحثا العلاقات الاستراتيجية التي تربط البلدين، وفرص التعاون والتنسيق المشترك في المجال العسكري والدفاعي، وسبل تعزيزها وتطويرها.

وفي ديسمبر الماضي، كشفت صحيفة 'لاتريبيون' الفرنسية عن أن السعودية ترغب بالحصول على مقاتلات من طراز 'داسو رافال'، يتراوح عددها بين 100 و200 مقاتلة.

وفي الكويت، بحث وزير الدفاع الكويتي الشيخ أحمد الفهد مع نظيره الفرنسي، (9 سبتمبر) سبل تعزيز أواصر التعاون الدفاعي والعسكري والعمل الثنائي المشترك بين البلدين، والعمليات والترتيبات الفنية والتدريبية.

وفي الإمارات يلتقي (11 أكتوبر) الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ووزير الدولة لشؤون الدفاع محمد البواردي.

ووفق بيانٍ سابق لوزارة الدفاع الفرنسية فإن الزيارة 'تأتي في إطار استئناف التعاون والمحادثات بين فرنسا وهذه الدول الخليجية، التي تربطها بفرنسا اتفاقيات دفاعية، يعود بعضها إلى أكثر من عشرين عاماً، وسياسة دفاعية مشتركة في مجالات عدة'.

زيارات لقطر والإمارات

‎في يوليو الماضي، زار الوزير الفرنسي ليكورنو، قطر، حيث التقى أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أملاً بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما، من خلال التعاون العملياتي والصناعي.

بعد الرحلة، ظهرت تقارير بأن قطر قد تختار شراء 24 طائرة رافال إضافية من شركة 'داسو'، ما يرفع أسطول البلاد إلى 60، بعد أن حصلت على دفعة أولية من 24 طائرة عام 2015، و12 أخرى بعد عامين.

وفي أبريل الماضي، قال موقع 'أوراسيا ريفيو' إن التعاون الدفاعي أحد أعمدة العلاقات الثنائية بين قطر وفرنسا، من خلال صفقات التسليح والتدريبات والمناورات العسكرية المنتظمة.

وأوضح الموقع أن القوات البحرية القطرية تلقت تعزيزات فرنسية كبيرة مع وصول سفن حربية عدة من صنع شركة 'فينكانتيري'، مشيراً إلى أن معظم سلاح الجو القطري يتألف من طائرات ميراج ورافال فرنسية الصنع، مقابل عدد قليل من المعدات البريطانية والأمريكية.

وفي نوفمبر 2022، زار لوكورنو أبوظبي والتقى رئيس الإمارات، وبحثا حينها تنفيذ اتفاقيات سابقة في خضم تصاعد التهديدات العالمية.

'زيارة لحلفاء'

يعتقد المحلل العسكري إسماعيل أيوب، أن الزيارة 'عادية' في إطار زيارة حلفاء كبار لفرنسا وليست مرتبطة بسبب محدد، مرجعاً ذلك لسببين؛ أحدهما الحضور العسكري الفرنسي في الخليج، وفي مقدمته القاعدة العسكرية بالإمارات.

أما السبب الآخر لزيارة الوزير الفرنسي فهو أن دول الخليج تعد من أكبر الدول الشركاء لفرنسا عسكرياً، ولكونها 'الدول التي سوقت الطائرة رافال بعد أن صنعتها فرنسا واعتمدتها في الجيش الفرنسي ولم تكن مسوقة عالمياً'.

ويضيف 'أيوب'، في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'الآن الطائرة الفرنسية أصبحت منتشرة في أكثر من دولة خليجية، ولذلك فإن حمى شراء الأسلحة المتطورة في الخليج ربما أغرت فرنسا ليكون هناك علاقات عسكرية أقوى مع دول الخليج لتصدير الأسلحة إليها'.

كما يلفت إلى أن الزيارة تأتي بصفة أن فرنسا 'أحد الحلفاء الأساسيين للولايات المتحدة، ووجود أمريكا في الخليج له أهمية بالغة، بمعنى أن تكون جنباً إلى جنب مع حليفتها في الناتو'.

ويشير إلى أن التقارب العسكري الخليجي الفرنسي يعد 'أمراً مميزاً من خلال الاتفاقيات العسكرية الضخمة والزيارات الكبيرة على مستوى عالٍ حيث تندرج الزيارة الحالية في إطار تلك الزيارات كبيرة المستوى'.

أرقام مختلفة

حققت المبيعات الفرنسية من الأسلحة مستوى قياسياً بلغ 27 مليار يورو عام 2022، وفق مجلس النواب الفرنسي، ويرجع ذلك إلى عقد أبرمته باريس مع الإمارات لشراء الأخيرة 80 مقاتلة 'رافال'، بلغت قيمته 16 مليار دولار.

وفي عام 2016، أقرت فرنسا تصاريح بتوريد أسلحة تصل قيمتها إلى 18 مليار يورو للسعودية. وبعد عامين، أعلنت فرنسا توقيع اتفاقية حكومية جديدة مع الرياض لإبرام صفقات الأسلحة.

وجاءت فرنسا في المرتبة الثانية لموردي الأسلحة للسعودية بنسبة 6.4%، واحتلت المرتبة عينها بالنسبة لقطر بـ 29%، والثالثة بالنسبة للكويت بـ 9%، ما بين 2018 و2022.

وفي العام 2015، وقعت فرنسا والكويت اتفاقاً لتزويد الأخيرة بأسلحة ومعدات عسكرية بقيمة مليار ونصف المليار يورو، شملت 30 طائرة من طراز 'كاراكال'، ومركبات مدرعة، وتحديث سفن خفر السواحل.

وباعت فرنسا 24 طائرة لقطر بقيمة 6.3 مليارات يورو في العام نفسه. وبعد عامين، أعلنت قطر توقيع صفقات أسلحة وإنجاز مشاريع بنى تحتية بقيمة 14 مليار دولار مع شركات فرنسية، اشترت بموجبها 12 طائرة حربية من نوع 'رافال'، ونحو 500 عربة عسكرية، و50 طائرة إيرباص لنقل المسافرين.

وفي يناير 2023، كشفت صحيفة 'لاتريبيون' الفرنسية عن أن البحرين تنوي شراء سفن حربية من نوع 'كورفيت غوويند 2500' الفرنسية.

فيما يتركز التعاون العسكري بين فرنسا وسلطنة عُمان في مجالات مثل التدريب العسكري، وتبادل الخبرات في التكتيكات العسكرية، وتطوير القدرات الدفاعية، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

وتنفرد الإمارات باستضافة القاعدة الفرنسية العسكرية الوحيدة في دول مجلس التعاون، والتي افتتحت عام 2009 بميناء زايد بالعاصمة أبوظبي، حيث ينتشر نحو 700 عسكري فرنسي.